مُصادقة مجلس النواب، أول من أمس، على اقتطاع 35 مليار ليرة من اعتمادات المؤسسة العامة للإسكان ونقلها إلى مؤسسات (جمعيات) الرعاية لم تمر من دون بلبلة. القانون الذي «هُرّب» في الهيئة العامة أثار حفيظة المؤسسة التي أعلن مديرها روني لحود أنه سيرفع كتاباً الى «الجهات المعنية في الوقت المناسب»، مستغرباً تمرير القانون «وكأن لدى المؤسسة فائضاً من الأموال لتوظيفه في مكان آخر». وقال إن النواب الذين صوّتوا على مشروع القانون، «إذا كانوا لا يُدركون دقة أوضاع المؤسسة فهذه مشكلة كبيرة»!مؤيدو القانون حاولوا التقليل من وطأة إقراره. إذ قال وزير الشؤون الاجتماعية ريشارد قيومجيان «إننا استخدمنا 35 ملياراً من أصل 200 مليار مرصودة في 2018 و2019 لدعم قروض الإسكان ولم تستعمَل»، فيما أشار النائب ياسين جابر الذي تقدمّ باقتراح القانون ووقع عليه مع 9 نواب آخرين الى أن المبلغ اقتطع من اعتمادات «لا تذهب لتمويل قروض الاسكان، بل لدعم فوائد القروض التي تقدمها المصارف. وحين أوقف مصرف لبنان القروض المدعومة في موازنة 2018، وضعنا 100 مليار لدعم القروض. الا أن المصارف لم تتفق مع المؤسسة العامة للإسكان وهي اليوم لا تقدم قروضاً سكنية، وعليه لا توجد قروض كي يتم دعمها، وكي لا يتم زيادة العجز في الموازنة تم نقلها من حساب عام 2018 الى حساب جمعيات ذوي الاحتياجات الخاصة في 2019»، بعدما باتت هذه الجمعيات «على شفير الافلاس ورمي ذوي الاحتياجات الخاصة في الشارع نظراً للأزمة المالية التي تعانيها».
وفي اتصال مع «الأخبار»، أشار جابر إلى أن «مبلغ الـ 100 مليار ليرة لم يستخدم، وما حصل هو تحويل مبلغ غير مستعمل لصالح جمعيات تعاني من وضع مالي صعب، بهدف الاستمرار في تقديم خدماتها الى شريحة كبيرة من المحتاجين».
إلا أن الواضح، وفق مصادر المؤسسة، أن من أقرّوا القانون «لا يدركون طريقة عمل المؤسسة ولا العجز المالي الذي تعانيه ويفسّرون الأمور بشكل خاطئ». وأوضحت أن المؤسسة «تدفع فوائد عمن حصلوا على قروض سكنية سابقاً على مدى الـ 15 سنة الأولى من عمر القرض»، وعليه فإنها «تدفع للمصارف حوالي 20 مليار ليرة شهرياً أي 240 ملياراً سنوياً». ولفتت الى أنه «بعد تعليق مصرف لبنان سياسة القروض المدعومة في شباط 2018، خصص مجلس النواب 100 مليار ليرة لدعم القروض، وهذا يعني أننا أصلاً في عجز تصل قيمته الى 140 ملياراً، ومع اقتطاع الـ 35 ملياراً من الـ 100 مليار، يتبقى 65 ملياراً لن تكون كافية لدفع الفوائد عن المقترضين». ونبّهت إلى أنه «في حال عجز المؤسسة عن دفع المبالغ المستحقة للمصارف، فإن الأخيرة بموجب الإتفاقية الموقعة معها يمكنها أن تزيد كلفة الفائدة على الأقساط الشهرية التي يدفعها المقترضون سابقاً، وكأنه لا يكفي أن تمنع الدولة القروض السكنية عن الشباب، لتأتي اليوم وترهق مالياً من حصلوا على قروض سابقاً». وأكدت المصادر أن «المؤسسة لم تُستشر في القانون قبل إقراره ولم يؤخذ رأيها فيه».
مؤسسة الاسكان لم تُستشر في القانون قبل إقراره ولم يؤخذ رأيها فيه


جابر أكد أن القانون مرّ بـ«شبه إجماع» من مختلف الكتل النيابية. فيما عارضته كتلة «الوفاء للمقاومة»، وسأل النائب حسن فضل الله خلال الجلسة عن «الرسالة التي يبعث بها مجلس النواب للشباب حين يقوم بخفض موازنة الإسكان». وفيما غرّد نائب تكتل «لبنان القوي» سيمون أبي رميا بعد الجلسة واصفاً ما حصل بالـ«مخزي»، استبعدت مصادر التكتل أن يردّ رئيس الجمهورية ميشال عون القانون خصوصاً أنه «سبق أن وعد الجمعيات التي زارته وشرحت له وضعها المالي الصعب بتأمين المساعدات لها»، مع الاشارة الى ان النائبين آلان عون وماريون عون كانا بين الموقعين على اقتراح القانون.