ابتزاز واشنطن يُخضع الأرجنتين ويُفرض على الباراغواي ويُحرج البرازيل
أما على الساحة البرازيلية، فيسعى بولسنارو ونجله إدواردو إلى فرض هذه الرؤية على الحكومة وأقطابها، إذ تحدثت مصادر قريبة من القصر الجمهوري عن أن سير الاتفاقات التجارية بين البلدين يتوقف على هذا الإجراء، الذي ما زال يلاقي اعتراضاً داخلياً، لا سيما من الجهات الاقتصادية التي ترى في مثل هذا القرار خوضاً في صراعات دولية لا تفيد البرازيل في شيء، بل إنها تعكس صورة سيئة عن هّذا البلد النائي بنفسه عن الصراعات الدولية المعقدة. تشير المصادر إلى أن هذا التصنيف يصطدم بشكل مباشر مع القانون البرازيلي الذي يفرض التناغم مع قرارات الأمم المتحدة في هذا الشأن، وعدم تبنّي سياسات أحادية تضر بمصالح البرازيل وتبعدها عن الشرعية الدولية التي لم تلجأ إلى تصنيف أكبر الأحزاب اللبنانية منظمة إرهابية. رفض عدد من التيارات البرازيلية الانصياع للمطلب الأميركي يأخذ في الاعتبار الأضرار الاقتصادية التي قد تنجم عن هذا القرار، وأهمها الصادرات إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهذه تصل إلى ثلاثة مليارات دولار سنوياً، وهي في نمو مستمر، كما أنه سينجم عنه تضييق وتمييز سيطالان قطاعاً كبيراً من المستثمرين اللبنانيين والعرب، وسينعكس ذلك على الحركة التجارية الداخلية، إضافة إلى خرق النظم القيمية التي تساوي بين أبناء المجتمع الواحد في الحقوق والواجبات. هكذا، ورغم هذه التحذيرات، اعتبر إدواردو بولسنارو، ابن الرئيس اليميني المتطرف الطامح إلى تسلم سفارة بلاده في واشنطن، أن «من المعيب» اعتبار حزب الله حزباً سياسياً، وأن بلاده يجب أن تلاقي حلفاءها في إدراجه على لائحة الإرهاب. تصريحات تشي بأن الحكومة اليمينية مصرّة على هذا التصنيف بصرف النظر عن تبعاته، وأنها قد تلجأ إلى إقراره في أقرب فرصة متاحة. في المحصلة، نجحت واشنطن في ابتزاز الدول اللاتينية للتماهي مع الحرب الأميركية المفروضة على ما تسميه «البيئة الحاضنة» لحزب الله في المنطقة، وهذا ما تعلنه واشنطن وحلفاؤها، لكن الذي لم يعلن عنه وما زال يُعمل عليه في الدوائر المظلمة هو الإجراءات العملية التي ستستتبع هذا القرار، وسيكون حتماً تضييقاً خانقاً على الجاليات الإسلامية واختراق خصوصياتها، كما لا يستبعد توقيف عدد من رجال الأعمال وتجميد أصولهم المالية تحت هذا العنوان المطاط. كذلك يتخوف المصدر المطّلع من إجراءات قد تتخذ ضدّ المؤسسات التربوية والدينية الإسلامية التي تتعرض للحملات الدعائية منذ مدة طويلة، مؤكداً أن الإصرار الأميركي على هذا التصنيف ليس له أي مفعول سياسي مباشر، ولا يفيد على مستوى التأثير الدولي، حيث إن حزب الله لا يملك مكاتب تمثيلية ولا شركات تجارية في المنطقة ولا يتأثر بشكل فعلي جرّاء هذه التصنيفات، الا أن الهدف الحقيقي يكمن في إيجاد مخارج قانونية لحملة تعسفية ستستهدف أكبر الجاليات وأكثرها نفوذاً اقتصادياً واجتماعياً في أميركا اللاتينية.