في مقابل التعسّف الفرنسي هذا، تقف السلطة اللبنانية غير آبهة بمصير مواطنيها (في حال تسليم الاتات إلى واشنطن، من المتوقع أن تطلب السلطات الأميركية تسليم آخرين مسجونين في فرنسا). وزارة الخارجية استقبلت، عبر أحد موظفيها، عائلة الموقوف، لكن من دون أي إجلاء عملي ذي قيمة. المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم استقبل وفداً من العائلة أيضاً، وأجرى سلسلة اتصالات بالجانب الفرنسي. حتى اللحظة لا تجاوب مع مسعاه. مدير محطة الاستخبارات الفرنسية في بيروت يجيب سائليه (في الأمن العام) بأن ملف الأتات «شأن قضائي لا صلة لنا به».
لم يُسلّم الفرنسيون لبنان جواباً عن سؤال: «ما هو المسوّغ القانوني لإبقاء جورج عبدالله في السجن»؟
الجانب اللبناني يرى في الأداء الفرنسي خضوعاً تاماً للإرادة الأميركية. فبحسب مصادر معنية، الأداء الفرنسي في قضية الأتات ليس منفصلاً عن باقي القضايا. ففي ملف المعتقل اللبناني في السجون الفرنسية جورج عبدالله، لم يُسلّم الفرنسيون لبنان جواباً عن سؤال بسيط وواضح: «ما هو المسوّغ القانوني لإبقاء جورج عبدالله في السجن»؟ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كان قد كلّف اللواء إبراهيم، كموفد رئاسي، بالتواصل مع الفرنسيين لإيجاد حل يتيح الإفراج عن عبدالله. وراسل إبراهيم مدير المخابرات الخارجية الفرنسية برنارد إيميه (السفير الفرنسي السابق في لبنان). وكانت ثمة بوادر اتفاق بين الطرفين على سلوك مسار يؤدي إلى أن يصل ملف عبدالله إلى خواتيمه الإيجابية بالتزامن مع زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بيروت، التي كانت مقررة في شباط الفائت. وبعدما «طارت» زيارة ماكرون، قطع الجانب الفرنسي تواصله مع الجانب اللبناني في القضية.
ورغم أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون طلب من السفير الفرنسي برونو فوشيه، في 17 حزيران الفائت، إيصال رسالة إلى ماكرون يطلب منه فيها الإفراج عن عبدالله، إلا أن أي تطوّر لم يطرأ على القضية. تختم المصادر المعنية كلامها بتأكيد أنه «بمعيار السيادة، فإن لبنان، ذا الأبواب المشرعة، أكثر مِنعة امام الأميركيين من الدول الاوروبية، وخاصة فرنسا». وتذكّر المصادر، «آسفة، بأن الأوروبيين يقولون للبنانيين إن السبيل الوحيد لحل قضايا كهذه هو بالطريقة التي اعتُمِدّت للإفراج عن اللبناني علي فياض، الذي كان مسجوناً في تشيكيا بطلب من الأميركيين، ولم تُفرج عنه السلطات التشيكية (شباط 2016) إلا بعد اختطاف خمسة تشيكيين (تموز 2015) في البقاع، بينهم ضابط استخبارات واحد على الأقل».