اتّخذ مجلس بلدية بيروت، أمس، قراراً يطلب فيه من محافظ المدينة القاضي زياد شبيب إلغاء التراخيص التي منحها الشهر الماضي لشركة «كيوسكات بيروت» (يملكها رجل الأعمال منير الزعتري) لـ«زرع» 19 كشكاً لبيع المأكولات الغذائية وغيرها تمتدّ على نحو ستة كيلومترات من الكورنيش البحري (من عين المريسة إلى الرملة البيضا) لقاء عقد إيجار سنوي بقيمة 400 مليون ليرة.قرار المجلس جاء من خارج جدول أعمال الجلسة، واتخذ بإجماع الأعضاء الـ 16 الذين حضروا الجلسة، و«انسجاماً مع تمنّي رئيس الحكومة سعد الحريري إسقاط المشروع بعد المعارضة التي لقيها من أهالي بيروت والمجتمع المدني»، بحسب رئيس لجنة الإعلام في البلدية عضو المجلس راغب حدّاد، لافتاً إلى أن رفض المشروع ينطلق من «الحفاظ على الواجهة البحرية وانسجاماً مع مشروع البلدية القاضي بتوسيع الكورنيش».
ولكن، هل يمثلّ القرار إسقاطاً للمشروع؟
رئيس جمعية «نحن» عضو «ائتلاف الشاطئ اللبناني» محمد أيوب، قال لـ «الأخبار» إن المجلس البلدي «لا يُعدّ وصيّاً على محافظ المدينة، وبالتالي إنّ القرار الصادر عن المحافظ لا يُلغى إلا بموجب قرار آخر يصدر عن شبيب نفسه»، لافتاً إلى أن قرار البلدية ليس إلا «مخرجاً صورياً بعد الرفض الكبير الذي عبّر عنه عدد من أهالي المدينة والمقيمين فيها».
مصادر في المحافظة قالت لـ«الأخبار» إنّ المشروع «توقّف منذ فترة»، وبالتالي إن «قرار المجلس البلدي لا يُقدّم ولا يؤّخر»، مُشيرةً إلى أن الحديث حالياً عن قانونية التراخيص أشبه بـ «الضرب في الميت». إلا أن هذا يتناقض مع تأكيدات لمصادر متابعة بأن الشركة كانت على وشك المباشرة بتركيب الأكشاك خلال أيام لو لم يتخّذ المجلس البلدي قرار «التجميد».
الزعتري، من جهته، أكّد في اتصال مع «الأخبار» أنه دفع «حتى الآن نحو 600 ألف دولار بين تكاليف تصنيع الأكشاك وتسديد الرسوم وإمدادات الكهرباء»، مُشيراً الى «أننا لا نعلم ما إذا كانت هناك آلية معينة للتعويض وغيرها مما يستدعيه قرار إلغاء الترخيص». وأكّد أنّ مشروعه كان «يراعي معايير النظافة المطلوبة ويمثّل فرصة لتشغيل العائلات البيروتية»، وهو أُسقط «من فئة صغيرة لديها مصالح خاصة وأرادت أن تستفيد من المشروع».
الشركة التي نالت الترخيص تؤكد أن خسائرها من إلغائه تناهز 600 ألف دولار


وكان المشروع قد لقي اعتراضات من عدد من الأهالي والجمعيات غير الحكومية التي كانت تنوي تنفيذ وقفة احتجاجية، اليوم، لاعتبارات تتعلّق بـ«تشويه واجهة بيروت البحرية» و«عرقلة حرية الحركة على الكورنيش بتعديه على خطوط المشاة وخطوط الدراجات الهوائية»، فضلاً عن أنه «صفقة تجارية لم تُعرَض بشكل واضح على المجلس البلدي»، بحسب «ائتلاف الشاطئ اللبناني».
المعارضون للمشروع يتساءلون عن مدّة «التجميد»، خصوصاً أن للبلدية «باعاً طويلاً» في «تنييم» المشاريع ومن ثم بعثها. إذ إن مشروع الأكشاك نفسه كان مطروحاً في عهد المجلس البلدي السابق. ووفق الناشطة في «بيروت مدينتي»، ناهدة الخليل، فإن الأكشاك واحد من سلسلة مشاريع مترابطة تنوي البلدية تنفيذها العام الجاري، وهي توسعة الكورنيش البحري، تأهيل المسبح الشعبي للعموم، وإنشاء موقف للسيارات تحت حديقة الرملة البيضاء «بهدف تحويل المنطقة الى ما يُشبه زيتونة باي». وأوضحت أن «إنشاء أكشاك فخمة ينسجم، وفق رؤية البلدية، وطبيعة توسعة الكورنيش والمسبح الشعبي الفخم التي تقول إنها تنوي إنشاءه» وتلفت خليل إلى أن كل المؤشرات تدل على «نية البلدية بتغيير طبيعة هذه المنطقة بشكل لا يراعي بالتأكيد مبادئ استعمالات الملك العام والمجالات العامة المفتوحة لجميع الفئات». فهل سقط مشروع الأكشاك فعلاً، أم أن ما خفي كان أعظم؟