وسط ضغوط سياسية وشعبية، تراجع وزير التربية اكرم شهيب عن حرمان طلاب الثانوية العامة بفروعها الأربعة من الامتحانات الرسمية وسمح للمدارس - الدكاكين برفع لوائح بأسماء مرشحيها حتّى موعد أقصاه الخامسة من بعد ظهر الجمعة في 14 حزيران الجاري، من أجل التقدّم لإمتحانات الدورة العادية (الأولى) لهذه الشهادة للعام الدراسي الحالي. واشترط التعميم أن تكون هذه اللوائح مرفقة بالوثائق الّتي تثبت التسلسل الدراسي السليم والمبرّر لكلّ مرشّح، مع الأوراق الثبوتيّة المطلوبة لهذه الامتحانات.جيّد أن يكون شهيب فكّر بحل ينصف طلاباً لا ناقة لهم ولا جمل في «بيزنس تجاري« يتشارك فيه أصحاب المدارس - الدكاكين مع مسؤولين في الوزارة، بل أكثر من ذلك فإن طلاب «البريفيه» ينتظرون منه حلاً ينصفهم هم أيضاً بتحديد دورة خاصة بهم قبل الدورة الاستثنائية حفاظاً على مستقبلهم ولإعطائهم فرصة متساوية مع أقرانهم في المدارس الأخرى.
لكن الرهان ألا يعد تعميم الوزير تراجعاً عن محاسبة المسؤولين في المدارس والوزارة، عبر مساءلة الموظفين المتواطئين في وزارته وتنحيتهم، وتوقيف مديري المدارس المخالفة بتهم الاحتيال والنصب والتزوير وإقفال المدارس الوهمية وغير المرخصة.
وطيلة اليومين الماضيين، لم تتوقف «مافيا المدارس» عن بث الشائعات والتحريض ضد الوزير على خلفيات طائفية ومذهبية، وإعطاء قراره طابعاً سياسياً، واستخدام الطلاب وأهاليهم متاريس في المعركة لتبرير مخالفاتها. وعلمت «الأخبار» أن بعض الأهالي كانوا ينوون رفع دعاوى على بعض هذه المدارس لحفظ حقوق أولادهم.
طلاب «البريفيه» ينتظرون حلاً ينصفهم أيضاً بتحديد دورة خاصة بهم قبل الدورة الاستثنائية


وإلى جانب تفاعل قضية حرمان الطلاب من بطاقات الترشيح للامتحانات، سرقت كاميرات المراقبة في المراكز المعتمدة في اليوم الأول من امتحانات البريفيه الانتباه بعدما أثارت ضجة كبيرة في الأسابيع التي سبقت الاستحقاق لجهة التساؤل عن هذا «القرار ـ الصفقة» كما سمي، وما يمكن أن يشكله من ترهيب الأولاد «المتوترين أصلاً» في القاعات، ومدى فعالية الكاميرات في ضبط حالات الغش التي باتت وصمة تصاحب الاستحقاق منذ سنوات طويلة. التفاعل مع الكاميرات تفاوت بين المراكز. إذ تحدث بعض رؤساء المراكز عن تأثير إيجابي وانضباط شديد انعكس هدوءاً في القاعات، وقال آخرون إن المسألة تتعلق بمناقبية المراقب في القاعة والتزامه، ولا يمكن للآلة أن تضبطه وتحل مكانه. رئيس مركز الامتحانات في متوسطة البسطة الرسمية، حيدر اسماعيل، قال لـ «الأخبار» إن «الكاميرات خففت الفوضى والإزعاج على الطلاب الذين ينهمكون في كتابة أجوبتهم، وحمت المجتهدين»، مشيراً إلى أن الممتحنين اكتشفوا أنّ الرهبة التي سبقت الامتحان لا تتجاوز التهويل. اسماعيل بدا مقتنعاً بأن الكاميرات قطعت الطريق على «الموصى بهم» من الضباط والوزراء والنواب.
وبينما نفى رئيس المنطقة التربوية في بيروت محمد الحمصي الذي كان يجول على المركز أن يكون أي عطل قد طرأ على كاميرات مراكز بيروت، سرى خبر بأن بعض كاميرات الشمال وجبل لبنان انطفأت، وهو ما نفته دائرة الامتحانات الرسمية.



عودة القضية الفلسطينية
بعد طول انقطاع، عادت القضية الفلسطينية إلى الامتحانات الرسمية. إذ تضمنت مسابقة مادة التاريخ في الشهادة المتوسطة (البريفيه)، أمس، سؤالاً يطلب من الممتحنين تعريف الحركة الصهيونية والتدابير التي تبين سياسة بريطانيا في دعمها لهذه الحركة.
وكانت القضية أسقطت سابقاً من المناهج التربوية ومن الامتحانات الرسمية التي لم تتضمن أسئلتها على مرّ السنوات العشرين الأخيرة أيّ سؤال يتعلق باحتلال إسرائيل لفلسطين ومعاناة الشعب الفلسطيني وتشتيته وتاريخ ثورته ومقاومته وترسيخ مفهوم أنّ «اسرائيل» هي عدو استراتيجي دائم، مع ما يعني ذلك من حثّ الطلاب على تجاهل هذه القضية في الإعداد للامتحانات باعتبارها مسألة غير مهمة وغير مطلوبة في الاستحقاق الرسمي.
في العام الدراسي الماضي 2017 - 2018، أجرى المركز التربوي للبحوث والإنماء التعديل بناءً على قرار وزير التربية مروان حمادة الرقم 556/ م/2017 بتاريخ 19/6/2017 المتعلق بإلغاء جميع القرارات والتعاميم المتضمنة تعليق العمل بمحور القضية الفلسطينية وإعادة العمل به. مع ذلك، لم يطرح أي سؤال عن المحور في الامتحانات الرسمية في العام الماضي ما أثار استياء بعض أعضاء لجنة المادة. وكان تقرير «الأخبار» عن «شطب القضية الفلسطينية من المناهج التعليمية»، في 29 أيار2017، دفع حمادة إلى توجيه كتاب رسمي إلى رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء بالتكليف، ندى عويجان، يطلب فيه إعادة محور القضية الفلسطينية إلى منهج التاريخ. ورغم إعادة إدراج المحور في المنهج، فقد استمر حذفه في كثير من المدارس وفوجئ طلابها، أمس، بالسؤال، إذ لم يكونوا على علم بأنه مطلوب للامتحان.