للمرّة الأولى، يطرح مسؤول لبناني بهذا الوضوح، ما طرحه الأمين العام لحزب الله السيد نصرالله أمس، حين توجّه إلى المصارف داعياً إياها إلى «تحمّل المسؤولية» والمساهمة في خطّة التقشّف التي تعمل عليها الحكومة.وقال نصرالله في خطاب الذكرى الثالثة لاستشهاد القائد الشهيد مصطفى بدر الدين، أنه «إذا أردنا المعالجة فالمطلوب التقشف وايضا المطلوب الاصلاح الاقتصادي، وهناك شريحة يجب أن تحمل مسؤولية ومنها المصارف». وأشار إلى مسألة في غاية الأهمية، حين أكّد أن «المطلوب التعامل مع فوائد الدين السابق لا الدين المقبل فحسب». واعتبر تعليقاً على المناقشات الحكومية التي تجري في البلاد لموازنة العام 2019، أنه «لا داعي للتوجه نحو السجال الاعلامي لان ذلك يصعب الوصول لموازنة، وسنصل لكارثة اقتصادية»، لذلك «دعوتي للقوى السياسية الموجودة بالحكومة ان يبقى النقاش داخل الحكومة ولا نذهب للسجال الى خارجها، ويجب أن نثق بأنفسنا وببعضنا لاننا داخل الحكومة نصل الى حلول بعيدا عن اصحاب الدخل المحدود».

(هيثم الموسوي)

وخاطب المصارف قائلاً: «نحن أهل بلد واحد وسفينة واحدة، فيا اصحاب المصارف في لبنان، اذا لم تتعاونوا وانهار الوضع المالي والاقتصادي فما هو مصيركم ومصير استثماراتكم؟ رؤوس الاموال لن تعود لان البلد ذاهب إلى الانهيار، لاجل اموالكم واستثماراتكم انتم معنيون ان تبادروا وان تقصدوا الرؤساء الثلاثة وتقولوا انكم متفهمون لوضع البلد، وخدمة الدين او الفائدة نريد تخفيضها وهذا اقل الواجب الوطني والاخلاقي».
خطاب الأمين العام لحزب الله، لم يخل من تهديدات علنية ومبطّنة للعدوّ الإسرائيلي، أبرزها الإشارة مرّة جديدة إلى «أمونيا» حيفا وإلى هدف جديد لمّح إليه نصرالله، قائلاً إن «صاروخا واحدا على هذا الهدف يحدث أضراراً هائلة».
وانطلق الأمين العام لحزب الله، ممّا أسماها الحملة الإعلامية المبرمجة التي تقوم بها وسائل إعلام غربية وخليجية ومحلية لتخويف اللبنانيين من هجوم إسرائيلي على لبنان لإخافة اللبنانين، مشيراً إلى أن خلف هذ الضغط «سعي أميركا للحصول على تنازلات لبنانية بموضوع الحدود البرية والبحرية ومزارع شبعا لصالح العدو الاسرائيلي، وأيضا الحصول على تنازلات بنقاط قوة لبنان وبينها المقاومة وصواريخها».
وأضاف أنه «على اللبنانيين ان لا يسمحوا لأحد بالتهويل عليهم لان لبنان قوي بجيشه وشعبه ومقاومته وهذه القوة حقيقية وجادة». وتابع أن «الخبراء في كيان العدو الاسرائيلي يتحدثون عن نقاط الضعف الكثيرة في جيش العدو، وكذلك في لبنان هناك الكثير من نقاط القوة ولا يمكن للعدو ان يمس بقدرة وجهوزية المقاومة في لبنان».
نصرالله: يا اصحاب المصارف اذا لم تتعاونوا وانهار الوضع المالي فما هو مصير استثماراتكم؟


وقال نصرالله، «أجدد لكم باسم إخوانكم في المقاومة الاسلامية، أن الفرق والألوية الاسرائيلية التي ستفكر في الدخول الى جنوب لبنان ستدمر وتحطم... أمام شاشات التلفزة العالمية».
وحول ما حُكي في الأيام الماضية حول مزارع شبعا، عاد الأمين العام لحزب الله إلى العام 2000 عشية التحرير، «قلنا يومها أن الدولة تقول ان هذه الارض لبنانية أو غير لبنانية. فالدولة حين تقول أن هذه الارض لبنانية ومحتلة فالمقاومة ملتزمة بتحرير الارض المحتلة». وأضاف: «يومها وقفنا الى جانب أهالي القرى السبع نحن والحلفاء في حركة أمل، ونحن مقتنعون ان القرى السبع لبنانية. بالنسبة لنا القرى السبع لبنانية او فلسطينية هي ارض محتلة وهي ارض لنا. وهناك عشرات الاف الامتار التي تحتلها اسرائيل لاهلنا في القرى الامامية، لكننا مع ذلك لم نتعامل معها مثلما نتعامل مع مسألة مزارع شبعا. فمزارع شبعا الدولة تقول انها لبنانية ومذكورة بالبيانات الوزارية وهذا أمر محسوم ومنته بغض النظر غمن يقول نعم أو لا».
في الشأن السوري، أكّد نصرالله أنه «يوماً بعد يوم، تتأكد صوابية قرارنا وخيارنا بالذهاب الى سوريا، وكلما مضت الايام وانكشفت الوجوه وظهرت الوثائق وتكاثرت الاعترافات من رئيس سابق ورئيس حكومة سابق ووزير خارجية سابق وغيرهم، نزداد ثقة ويقينا ان ما قمنا به كان صحيحا وفي زمانه الصحيح ومكانه الصحيح».
وسأل: «كيف استطاعت داعش أن تسيطر على حوالي 40 بالمئة من سوريا، أي أغلب شرق الفرات، دير الزور، البادية السورية كلها، وصولا الى تدمر ومحيط حمص ومخيم اليرموك وجزء من السويداء وشرق حمص وشمال حلب، ومن هي داعش؟ وما هو فكرها؟ الا الفكر الوهابي الذي يصنع في السعودية ويصدر بالمال السعودي الى كل انحاء العالم بطلب وقرار اميركي، وكانت هيلاري كلينتون اعترفت بهذه الامر واميركا طلبت من السعودية نشر الفكر في العالم؟».

فكّك الأمين العام لحزب الله الحملة الإعلامية التي تقوم بها وسائل إعلام غربية وخليبجية لتخويف اللبنانيين من عدوان إسرائيلي


وشدد على أن «المقاتلين أتوا من كل انحاء العالم واغلب الانتحاريين كانوا من السعوديين وهم مولوهم وراهنوا عليهم وداعش كانت مطلوبة للعراق وسوريا ولبنان، ولاحقاً لايران ولكل أحد يراد اخضاعه وتدميره وهذا مشروع داعش».
وشرّح نصرالله وظيفة «داعش»، مؤكّداً أنه «لم تنته وظيفة داعش بعد. ولذلك نقول إنها هزمت ولكنها حققت انجازات كبيرة لاميركا واسرائيل، للأسف، ودمرت جيوش وشعوب ومجتمعات وأوجدت شلالات من الدم وبنت جدرانا عالية من الحقد تحتاج لعقود لازالتها، وهنا نعترف من اجل المعالجة». وأشار إلى أن «داعش ما زالت تمثل تهديدا، خلافتها المزعومة انتهت والجيش العسكري الذي يسيطر على مساحات انتهى، ولكن داعش الفكر والقيادة والخلايا الانغماسية ما زالت موجودة وسيتم تفعيلها بسوريا والعراق ولذلك ما يجري على الحدود العراقية السورية من تعاون هو واجب وضروري».
وانتقد السيد نصرالله الذين يزايدون على سوريا في مسألة تحرير الجولان، مؤكّداً أنه «يكفي سوريا وقيادتها أنها لم تستسلم وصمدت ووقفت وحمت المقاومين وسلحتهم، وأنها لم تخضع للارادة الاميركية بوقت خضع لها كل العالم باستثناء إيران وبعض القوى الشعبية. كان المطلوب أن تنتهي سوريا لمصلحة أميركا وإسرائيل».
وحذر نصر الله «اخواننا بالعراق بأن كل وعود الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانتخابية ينفذها، ورغم كل صفاته السيئة لا يمكن لنا الا ان نعترف له بان كل ما قاله بالانتخابات يقوم به، ومن جملة ما قاله ان النفط العراقي للأميركي ويريده له، وهو وعد بأن السعودية بقرة حلوب وسيحلبها وقد حلبها، ويعتبر النفط العراقي حقه ويريد المنطقة النفطية له ويريد استرداد ماله وهذا ما يجب ان يلتفت له العراقيون».



نصر الله: بدر الدين أستاذ وقدوة
أكّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في الذكرى الثالثة لاستشهاد القائد مصطفى بدر الدين أن الشهيد «حمل الهمّ وروح المسؤولية منذ أن كان في سن الـ 17، وهو من ضمن مجموعة من البداية يحملون همّ شعبهم، يحملون همّ أن فلسطين محتلة، أن منطقتنا تخضع للهيمنة الأميركية الإسرائيلية وهمّ أمتنا الغارقة في الجهل والأمية والفقر والجوع والبطالة». وأضاف نصر الله إن «ميزة السيد مصطفى بدر الدين وإخوانه أنهم يرفضون بشدة هذه الثقافة»، معدداً صفات «هذا القائد العزيز وهذه المجموعة وهذا الجيل بعد حمل الهم، الهمة العالية، العزم، الإرادة، عدم التعب، ثقته وثقتهم بالقدرة على صنع الإنجاز والانتصار وعدم الخشية من العدو».
وأضاف: «لو أخذت نموذجاً من إنجازات السيد مصطفى، السيد ذو الفقار عندما كان مسؤولاً عسكرياً لحزب الله، العملية المعروفة، العملية النوعية في أنصارية. السيد كان هو المسؤول العسكري، تناقش مع بقية إخوانه، وقتها الحاج عماد. ثم تبين من خلال المتابعة أنه يوجد تحضير لعملية كبيرة جداً، وضعت خطة الكمين. السيد ذو الفقار لم يجلس هنا وخطط لعملية الأنصارية، ذهب الى الأرض ووقتها ذهب هو والحاج عماد وإخوة آخرون، نزلوا الى الأرض. وضعوا خطة تقضي بأن تكون المجموعات والكمائن موجودة في منطقة قريبة وتختبئ عن عيون الناس، وعندما تغيب الشمس ويغادر الفلاحون، يقوم المجاهدون بزرع العبوات وينتظرون طوال الليل، فإذا لم يأت الإسرائيلي يقومون عند طلوع الفجر بتفكيك العبوات وإزالة الآثار، ثم يذهبون مجدداً إلى مخبئهم، واستمروا على هذه الحال لأيام وليالٍ طويلة، وكان السيد، رحمه الله، يواكب معهم طوال الليل، لأنه كان من الممكن في كل لحظة، من مغيب الشمس الى طلوع الفجر أن يأتي الكومندوس ويحصل الاشتباك، وحصلت تلك المواجهة النوعية الكبرى».
وحول الحرب السورية، قال نصر الله: «عندما قرر السيد مصطفى بدر الدين في بداية الأحداث في سوريا أن يذهب الى تلك الساحة، هو الذي طلب الذهاب. وأنا أريد أن أؤكد أنه لدينا اليوم في مقاومتنا رجال يتحمّلون هذه المسؤولية الكبيرة (...) وتعمل المقاومة على أن تنتقل هذه الروح وهذه المواصفات من جيل الى جيل، من هنا نقدم الأخ السيد ذو الفقار قائداً جهادياً كبيراً وأستاذاً وقدوة وأسوة انطلاقاً من هذه المواصفات المميزة التي تصنع الإنسان الذي صنع الانتصارات».