احتشد مئات من السوريين عند معبر القنيطرة الموصل إلى الجانب المحتل من الجولان، في وقفة رمزية متزامنة مع زيارة استفزازية لعضو مجلس الشيوخ الأميركي ليندسي غراهام، لجزء الهضبة المحتل، بصحبة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والسفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان. الأعلام السورية كانت حاضرة أمام الزائر الأميركي ومسؤولي حكومة العدو وجيشه، في رسالة مفادها أن الاعتراف الأميركي المفترض بسيادة إسرائيل على الجزء المحتل من الجولان، وهو ما يحاول غراهام الحشد له، لا يغيّر من تطلّعات السوريين لتحرير أرضهم. وبينما تحضر الزيارة والتصريحات التي خرجت عبرها في الحسابات الإسرائيلية الداخلية لدعم نتنياهو، فهي تعدّ خطوة مهمة سيستثمرها أعضاء تيار واسع في مجلس الشيوخ الأميركي لتسويق فكرة الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، وتوظيفها في المقاربة الأميركية للملف السوري.
يؤكد مشروع القانون ضرورة «مواجهة النظام السوري تداعيات جيوسياسية»

ومن تلال الجولان المحتلة أمس، أشار السيناتور الجمهوري إلى أنه «لا يمكن تصور، الآن أو في المستقبل، أن تمنح إسرائيل الجولان لأي طرف... ولا سيما في ضوء التهديدات التي تواجهها»، مؤكداً أنه سيعمل مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لحثّه على دعم هذا التوجه. ورأى غراهام أن انسحاب إسرائيل من الجولان سيكون «كابوساً استراتيجياً... وانتحاراً سياسياً»، منبهاً إلى «القلق الإسرائيلي ــ الأميركي المشترك من تعزز الوجود الإيراني في سوريا». ولا تنفصل إشارة السيناتور إلى «الوجود الإيراني» عن سياق نصّ مشروع القانون الذي شارك في صياغته مع عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، وقُدِّم الشهر الماضي إلى المجلس. إذ يشير المشروع في «مبررات» طرحه إلى أن «إيران استخدمت الحرب في سوريا لإقامة وجود عسكري طويل الأمد، لمهاجمة إسرائيل من مرتفعات الجولان، وإنشاء ممرات إقليمية تسمح لها بتزويد قواتها ووكلائها الإرهابيين بالأسلحة». ويذهب إلى التأكيد أنه «لا يمكن ضمان أمن إسرائيل من الهجمات من سوريا ولبنان دون سيادة إسرائيلية على مرتفعات الجولان»، وإلى أن «الحقائق الجديدة على الأرض، بما في ذلك وجود إيران في سوريا (تفرض أن) أي اتفاق سلام بين إسرائيل وسوريا لن يتحقق إلا على أساس بقاء إسرائيل في هضبة الجولان». ومن زاوية الحديث عن «مصالح الأمن القومي الأميركية» من تمرير المشروع، يقول نصّه إن ذلك سيضمن أن «يواجه نظام الرئيس بشار الأسد تداعيات سياسية وجيوسياسية لقتله المدنيين، وللتطهير العرقي الذي مارسه ضد العرب السنّة، إلى جانب استخدام أسلحة الدمار الشامل».
ويتقاطع الحديث عن «تداعيات سياسية» تطاول الحكومة السورية، مع التوجه الأوروبي لربط أي مساعدات في مجال إعادة الإعمار بمسار «الانتقال السياسي». ويحضر «مؤتمر بروكسل الثالث - 2019»، الذي ينطلق اليوم ويستمرّ ليومين، كمحطة لتجديد تلك المقاربة الأوروبية، ولا سيما أنه ينعقد تحت شعار «دعم مستقبل سوريا والمنطقة». ووفق البيان الرسمي الذي نشره موقع «الاتحاد الإلكتروني»، فإن هذه الدورة تشهد حضور «عدد غير مسبوق من ممثلي المنظمات غير الحكومية السورية والإقليمية والدولية والمجتمع المدني» إلى بروكسل حيث سيجتمع ما لا يقلّ عن 800 مشارك.
وتأتي تلك التطورات في موازاة مؤتمر آخر يُعقد بعد غد في لواء إسكندورن (إقليم هاتاي)، ويحضر فيه وفق ما أفادت به أوساط معارضة ممثلون عن «الجيش الوطني»، و«الجبهة الوطنية للتحرير»، وكلّ من «الائتلاف»، و«هيئة التفاوض»، و«وفد أستانا المعارض»، إلى جانب «المجلس الإسلامي السوري». وينعقد المؤتمر الذي ترعاه أنقرة، فيما يستمر التصعيد ضمن منطقة «خفض التصعيد» في إدلب ومحيطها، حيث لم تتوقف الغارات الجوية ولا القصف المدفعي، برغم الإعلان التركي عن تسيير دوريات عسكرية في طول المنطقة «منزوعة السلاح».