صعّد فشل واشنطن في تنفيذ ما كان مخططاً لواقعة الحدود مع كولومبيا، من غضب المسؤولين في البيت الأبيض من الرئيس نيكولاس مادورو. غضبٌ تُرجم على الفور تصريحات عالية النبرة، جددت التهديد بعدم استبعاد التدخل العسكري ضد كاراكاس، والدعوة إلى عقد جلسة جديدة لمجلس الأمن لمناقشة الملف الفنزويلي. المواقف الأميركية جدّدها نائب الرئيس مايك بنس، في اجتماع مجموعة «ليما» في كولومبيا، والتي تضمّ دولاً تعارض مادورو، بحضور رئيس البرلمان الفنزويلي المعارض، خوان غوايدو، الذي نصّب نفسه رئيساً للبلاد. بنس ذكّر بأن الرئيس دونالد ترامب «كان واضحاً: جميع الخيارات مطروحة على الطاولة»، مضيفاً: «أرسلني (ترامب) إلى هنا لأقف إلى جانبك (غوايدو) ومع أصدقائنا وحلفائنا في فنزويلا». بالموازاة، دعت واشنطن إلى جلسة عاجلة لمجلس الأمن، من المتوقع بحسب دبلوماسيين أن تعقد اليوم بصورة جلسة مفتوحة، وذلك على خلفية أحداث المساعدات الإنسانية على الحدود مع كولومبيا.
«ليما»: الانتقال إلى الديموقراطية يجب أن يقوده الفنزويليون أنفسهم من دون استخدام القوة (أ ف ب )

وبلهجة أكثر تشدداً من بنس، وجّه مستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون، تهديداً جديداً لفنزويلا على خلفية الإجراءات الأمنية على الحدود لمنع دخول المساعدات الأميركية، بالقول إن تصرفات الرئيس مادورو «لن تمرّ من دون عقاب». وتابع بولتون: «الولايات المتحدة اتخذت إجراء ضد محافظي الحدود الفنزويلية الذين ساهموا بمنع دخول المساعدات الإنسانية الدولية اللازمة، وانخرطوا في فساد مستشر»، مضيفاً أن «الولايات المتحدة تقف مع الرئيس الشرعي للشعب الفنزويلي خوان غوايدو، الذي أظهر قيادة حازمة لإنهاء المعاناة في فنزويلا، ووضع حداً لفساد ووحشية نظام مادورو».
وقد أعلنت واشنطن، أمس، عقوبات جديدة على شركة النفط الفنزويلية، المستهدفة أساساً بالعقوبات. وذكر بيان لوزارة الخزانة أنه تم تجميد أصول الشركة في الولايات المتحدة، وحظر تعامل الأشخاص الأميركيين معها. واشترط وزير الخزانة، ستيفن منوشين، لإلغاء العقوبات، أن يتم نقل السلطة من مادورو إلى «الرئيس المؤقت» أي غوايدو. وأعلنت الوزارة عقوبات إضافية على أربعة مسؤولين فنزويليين، جميعهم حكام ولايات، وذلك بتهمة منع دخول شحنات المساعدات الإنسانية إلى فنزويلا.
البرازيل: لن نسمح للولايات المتحدة باستخدام أراضينا للتدخل عسكرياً


وعلى رغم التصعيد الأميركي، خرجت أمس مواقف إقليمية رافضة لاتخاذ إجراءات عسكرية. وأعربت حكومتا البيرو وكولومبيا، التي أعلن مادورو قطع العلاقات معها، عن اعتراضهما على أي تدخل عسكري في الأزمة الفنزويلية. وقال وزير الخارجية الكولومبي، كارلوس تروخيلو، قبيل اجتماع دول «ليما»: «لم نفكر أبداً بالتدخل العسكري... جميع الإجراءات سياسية ودبلوماسية، وأقول ذلك بشكل قاطع». وانسحب الموقف على اجتماع «ليما» الذي انعقد لتباحث الرد على منع دخول المساعدات الإنسانية، حيث ذكر بيان في ختام الاجتماع أن الدول الأعضاء «تجدّد التأكيد على قناعتها بأن الانتقال إلى الديموقراطية يجب أن يقوده الفنزويليون أنفسهم بسلام، وفي إطار الدستور والقانون الدولي وبدعم من الوسائل السياسية والدبلوماسية، من دون استخدام القوة». وعلى المنوال نفسه، أكد نائب الرئيس البرازيلي، هاميلتون موراو، أن بلاده لن تسمح للولايات المتحدة تحت أي ظروف باستخدام أراضيها للتدخل عسكرياً في فنزويلا. وقال موراو، أمس، إن البرازيل ستبذل كل ما في وسعها لتجنب صراع مع فنزويلا. وتراهن واشنطن على دور الدول المجاورة لفنزويلا، وانخراطها في الضغوط ضد كاراكاس. وأمس، أعلن بنس أن الولايات المتحدة سترسل 56 مليون دولار إضافية للدول المجاورة لفنزويلا، وذلك «لمساعدتهم» في التعامل مع «أزمة المهاجرين» الفارين إلى دول الجوار تحت وطأة تردي الأوضاع في بلادهم.
في الأثناء، انضمت كوريا الجنوبية إلى الدول المعترفة بغوايدو رئيساً مؤقتاً لفنزويلا. وذكر بيان الخارجية الكورية أن حكومة سيول قلقة «من الفوضى الراهنة في فنزويلا، الناجمة عن افتقاد الانتخابات الرئاسية التي أجريت في أيار/مايو 2018 للشرعية والشفافية»، داعياً إلى إجراء انتخابات رئاسية «ديموقراطية وشفافة ذات مصداقية».