تنعقد اليوم أولى جلسات الحكومة بعد نيلها الثقة، وعلى جدول أعمالها مواد هي في الظاهر تقنية وروتينية، لكنها في المضمون تبشّر بأن النهج المعتمد لن يتغير، وبأن الأولوية تبقى لزيادة الديون وأعبائها (راجع «الأخبار»، عدد يوم أمس).بالرغم من ابتعاد الجلسة، نظرياً، عن القضايا الخلافية، إلا أنه بدا أمس أن الجلسة الأولى لن تتحرر من الاشتباك السياسي، بل ستدخل مباشرة بالموضوع الأكثر إثارة للجدل والخلافات، أي الأزمة السورية، وربطاً أزمة النازحين. في هذا السياق، كرر الرئيس ميشال عون «رفض لبنان انتظار الحل السياسي في سوريا من أجل إعادة النازحين، لأنه أمر غامض». وأعرب، خلال استقباله وفداً من نقابة المحررين، عن الخشية من «أن يكون ما نشهده على حدودنا الجنوبية لجهة قيام كيان قومي يهودي، مبرراً لما يمكن أن يحصل في سوريا»، مستغرباً «موقف بعض الدول الكبرى التي لا تعمل على إعادة النازحين ولا تريدنا في المقابل أن نعمل لتحقيق هذه العودة». وعن وضع الحكومة، استغرب عون «ما يثار حول حصول خلافات داخلها، حتى قبل اجتماعها أو على الأقل إعطائها مهلة أيام قليلة»، مشدداً على أنها «ستكون حكومة ناجحة».
لكن في المقابل، فإن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، كان قد مهّد إلى أن الخلافات بشأن كيفية مقاربة الشأن السوري وقضية النازحين، ستطرح على طاولة البحث من بوابة اعتراضه على كلام وزير الدفاع الياس أبو صعب في مؤتمر الأمن في ميونيخ، وكذلك اعتراضه على زيارة وزير شؤون النازحين صالح الغريب لسوريا. إذ اعتبر جعجع، في حديث لـ«المركزية» أمس، أن هاتين الخطوتين «لا تبعثان إلا على القلق إزاء مستقبل العمل الحكومي». ويبدو أن جعجع الذي يتجنّب الصدام مع رئيسي الجمهورية والحكومة، ومع الوزير جبران باسيل، قرر عوضاً عن ذلك الهجوم على وزير الدفاع، لكي لا يظهر في صورة المتراجع عن كل مواقفه، وخاصة بعد الخطوات «المهادنة» لحزب الله التي صدرت عن مسؤولي حزبه.
وإذا كان أبو صعب قد شدد في ميونيخ، رداً على سؤال بشأن وجود المناطق الآمنة ونيّة تركيا إدخال جيشها إلى الشرق السوري، على وحدة الأراضي السورية، وعلى ضرورة أن يكون أي حل بموافقة الحكومة السورية، وعلى أن تجد الجامعة العربية الحل المناسب، وأن أي قوات تدخل الأراضي السورية من دون موافقة الحكومة تُعَدّ قوات احتلال، فإن جعجع رأى أن «هذا الموقف غير مقبول، ما دام ينطق وزير الدفاع باسم حكومة لبنان وليس باسمه الشخصي، وما قاله لا يعبّر في مطلق الأحوال عن وجهة نظر الحكومة التي لم تجتمع بعد لتحدد موقفها ولا قدّم وزير الدفاع الوطني تصوّره في هذا المجال ليحظى أو لا يحظى بالموافقة الحكومية».
المجلس الدستوري يُعلن ظهر اليوم نتائج الطعون الانتخابية


أما رد أبو صعب، فقد جاء من السرايا الحكومية، حيث التقى الرئيس سعد الحريري. وأكد رداً، على سؤال، أن «كل المواقف التي أطلقتها تأتي تحت سقف البيان الوزاري وميثاق جامعة الدول العربية، بدليل التأييد الذي حصلت عليه من الأمين العام للجامعة ومبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا اللذين أكدا الأمر نفسه في الجلسة ذاتها (دعم وحدة سوريا وسيادتها)». أضاف: «سأبقى أتخذ المواقف الدفاعية عن أي أرض عربية، ومن ينزعج لكوني أدافع عن أرض عربية، فأنا أسأل ما هي انتماءاته؟».
كذلك كان لافتاً حصول وزير الدفاع على دعم إماراتي لموقفه في ميونيخ، إذ زاره سفير الإمارات حمد الشامسي، حيث أفاد بيان وزعه المكتب الإعلامي لأبي صعب أن «الطرفين أجمعا على المواقف الإيجابية التي تنضوي ضمن ميثاق جامعة الدول العربية». واستقبل أبو صعب السفير التركي هاكان تشاكيل، الذي أعرب عن «التزام بلاده اتفاق أضنة الموقَّع بين سوريا وتركيا»، مؤكداً «حرص تركيا على الحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها واستقلالها».

دورة استثنائية
من جهة أخرى، نقل النواب عن رئيس مجلس النواب نبيه بري، في لقاء الأربعاء، قوله إنه طلب فتح دورة استثنائية للمجلس النيابي من أجل عقد جلسات رقابية وتشريعية في إطار ورشة المجلس الذي أكدها سابقاً. وقال إن «جلسة مناقشة البيان الوزاري فرضت أمراً واقعاً على مجلسي النواب والوزراء لا يمكن تجاهله، وقد بدأت نتائجه تظهر». وجدد التأكيد أن «المعيار الأساسي لمحاربة الفساد هو تطبيق القانون». وقال: «يجب أن يتوقف الترف الرسمي للبعض في التعامل مع موضوع القرارت الصعبة التي ستتخذها الحكومة، وهذه القرارات يجب ألا تطاول الفقراء ومحدودي الدخل بأي شكل من الأشكال، ويجب التركيز على هذا الأمر على صعيد مجالات وبنود عديدة، منها الأسفار والإيجارات والنفقات غير المجدية ووقف الهدر».
كذلك استقبل بري رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، الذي قدم التقرير النهائي المتعلق بالتوظيف خلافاً لقانون السلسلة، موضحاً أن العدد وصل إلى 4580 موظفاً أو متعاقداً جديداً. وقال كنعان: «نحن ذاهبون إلى النهاية في المساءلة والمحاسبة. لا سقف إلا سقف القانون. وما تبين لنا بالنسبة إلى التقرير والردود التي صدرت، أن البعض يركز على الأرقام، وهناك من يقول إن هناك قرارات لمجلس الوزراء في هذا الشأن. المشكلة ليست في الرقم، بل في مخالفة القانون، هناك مخالفة للمادة 21 من قانون سلسلة الرتب والرواتب التي تقول إنه يمنع التوظيف والتعاقد من أي نوع كان بعد آب 2017، وتقول أيضاً إن على الحكومة أن تقوم بمسح شامل للوظائف والحاجة للوظائف وللملاك وغير ذلك.

إعلان نتيجة الطعون اليوم؟

على صعيد آخر، من المتوقع أن يُصدر المجلس الدستوري ظهر اليوم نتائج الطعون بنتائج الانتخابات النيابية، في مؤتمر صحافي يعقده رئيسه عصام سليمان. ويُعد الطعن المقدّم من مرشّح جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية في طرابلس طه ناجي، بنيابة النائبة ديما جمالي، الطعن الأكثر «حساسية»، لما له من دلالات سياسية. ففي حال إعلان ناجي فائزاً، سيُضاف مقعد إلى «سنّة 8 آذار»، وتنقص كتلة «المستقبل» نائباً في مقابله. لكن أسوأ ما يمكن أن يصدر في هذا المجال، هو قبول الطعن وإعادة الانتخابات بين ناجي وجمالي، لأنها ستُجرى في هذه الحالة وفق النظام الأكثري في دائرة طرابلس وحدها، ما يمنح جمالي أرجحية الفوز مسبقاً.