شبكة المدارس الخاصة ــــ الدكاكين التي تزوّر إفادات مدرسية وتسجّل طلاباً وهميين وترفّع راسبين في المدارس الرسمية والخاصة لقاء مبالغ خيالية، بتواطؤ مع موظفين في وزارة التربية، باتت أشبه بأخطبوط له أذرعه الكثيرة داخل الوزارة نفسها. وأصبحت قادرة على «إقناع» وزير التربية بإصدار قرارات تسهّل عملها.آخر فصول هذه الشبكة كان الضغط لإنشاء وحدة تربوية مصغرة في مدينة الهرمل، تابعة للمنطقة التربوية في بعلبك، لتسهيل التزوير والتلاعب بلوائح المدارس، وتبرير أسماء الطلاب وأعدادهم وإمرار تصديق الإفادات، بعيداً من أي رقابة. وفي المعلومات أن أحد الفاعلين في هذه الشبكة (لا يحمل صفة رسمية) جال على بعض مديري المدارس الخاصة والرسمية في المدينة لجمع تواقيعهم على طلب إنشاء الوحدة باسم «فعاليات تربوية»، ورفع كتاباً إلى وزارة التربية، سُجّل في المديرية الإدارية المشتركة (تديرها المديرة العامة للتعليم المهني والتقني سلام يونس) بتاريخ 27/12/2018، علماً بأن الشخص المعني معروف بـ«علاقاته الواصلة» داخل وزارة التربية والتي تمكّنه من «التوسط» لإجراء مناقلات بين معلمي المدارس الرسمية. وهو غالباً ما ينظّم احتفالات لتكريم موظفين في الوزارة، من بينها احتفال قبل أشهر تكريماً لرئيس مصلحة التعليم الخاص في الوزارة عماد الأشقر.
ورغم اعتراضات مديري المدارس والمسؤولين في المنطقة التربوية في بعلبك ــــ الهرمل، أعطى وزير التربية السابق مروان حمادة موافقته على إنشاء الوحدة، على أن تشغل غرفة مقدمة من قائمقامية الهرمل وفقاً لكتاب من القائمقام رقمه 1102/4، في انتظار استكمال الإجراءات اللازمة. وبعد الموافقة، احتفى الساعون إلى إنشاء الوحدة برفع لافتات في شوارع المدينة، وقدموا ما حصل على أنّه يأتي في سياق سياسة «الإنماء المتوازن»، وكإنجاز للمكتب التربوي لحركة أمل! ومع أن كتاب الوزير لم يتضمن الآلية التي ستعمل الوحدة على أساسها والموظفين الذين سيتولون إدارتها والذين يفترض أن ينتموا إلى ملاك الوزارة، سرّب «عرّابو» الوحدة أسماء غير حقيقية للموظفين.
ليس هناك أسباب تربوية موجبة لإنشاء الوحدة


يذكر أنها ليست المرة الأولى التي تنشأ فيها وحدة تربوية مصغرة ضمن منطقة تربوية. فقد سبق للشبكة نفسها أن ضغطت لإنشاء وحدة في منطقة بئر حسن تابعة للمنطقة التربوية في بعبدا لتسيير ملفات المدارس الخاصة ــــ الدكاكين في منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت.
حتى الآن، لم تبدأ الوحدة المستحدثة في الهرمل عملها، لكن الالتفاف على المنطقة التربوية في بعلبك استدعى من مسؤولي هذه المنطقة إعداد مطالعة قانونية رُفعت إلى حمادة، وحذّرت من انطواء المشروع على فساد تربوي، وخصوصاً أنّ «العرابين» لم يستشيروا المنطقة التربوية التي «لن توافق أصلاً على استحداث مثل هذه الوحدة، ولن تتحمل مسؤولية التوقيع على أي وثيقة أو إفادة صادرة عنها». ونفت المطالعة أن تكون هناك أسباب تربوية موجبة لإنشاء الوحدة، سواء لجهة المسافة التي تفصل بين الهرمل وبعلبك أو لجهة عدد المدارس في الهرمل وقضائها (تضم 11% فقط من مدارس البقاع). كما أن الطلب لم يحصل على موافقة إدارة الأبحاث والتوجيه في مجلس الخدمة المدنية على مكان الوحدة، أي مقر القائمقامية.
«الأخبار» علمت أن حمادة وعد بإعادة النظر بالموافقة بناءً على المطالعة القانونية. إلا أنّ قرار العودة عن الوحدة لم يصدر بعد، أو على الأقل لم يبلّغ خطياً الى الدوائر الرسمية المعنية، ما قد يخبئ نية مبيتة لإمراره بالسر أو تحت الطاولة.