لم تطابق حسابات حقل رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، حسابات بيدر الكتل السياسية. مراهنته على إتمام تشكيلته الوزارية في أقلّ من 36 ساعة بقيت في إطار التمنّيات، بفعل استمرار الخلافات بين التحالفات البرلمانية. كان من المفترض أن يمنح البرلمان، اليوم، ثقته لمرشّحي حقائب التربية، والهجرة والمهجرين، والعدل، على أن يؤجَّل التصويت على مرشحَي الداخلية والدفاع إلى وقت لاحق «حتى تنضج طبخة إمرارهما، أو استبدالهما»، وفق مصادر متابعة. لكن ما جرى في الساعات الماضية فرمل عجلة التصويت، بعد إعلان البرلمان، مساء أمس، أن جدول أعمال جلسته الاعتيادية سيخلو من بند استكمال «الكابينة» الوزارية، وسيقتصر على «تأدية اليمين الدستورية للوزراء الجدد (التعليم العالي والبحث العلمي، الثقافة والسياحة والآثار، التخطيط)»، إضافة إلى «النظر في الطعون المُقدّمة حول صحة عضوية بعض النواب».مصادر مطلعة على سير عملية التشكيل الحكومي توضح أن «الخلافات الدائرة حول المرشّحين الخمسة المتبقين إنما هي محصورة في الإطار السياسي فقط»، بالنظر إلى تمسك تحالف «الإصلاح» بالظفر بوزارتَي التربية والتخطيط، ومحاولة «الحزب الديموقراطي الكردستاني» انتزاع حقيبة العدل من «الاتحاد الوطني الكردستاني»، فضلاً عن النزاع المشتعل بين تحالفَي «البناء» و«الإصلاح» حول المرشّح لنيل حقيبة الداخلية فالح الفياض من جهة، والمرشّح الآخر لنيل حقيبة الدفاع فيصل الجربا من جهة أخرى. ولعلّ ذلك الطابع السياسي يتأكد من خلال تصريحات نواب «الإصلاح»، الذين دائماً ما يكررون أنه «ما من مشكلة في أداء الفياض، لكن الفيتو الموضوع عليه هدفه معاقبته على خروجه من تحالف الإصلاح في لحظة حساسة، كان يمكن أن ترسم المشهد السياسي وفق منظور قادة التحالف».
وبالعودة إلى حديث المصادر إلى «الأخبار»، فهي تشير إلى أن الساعات الماضية لم تحمل أي «بشارة» من شأنها حلحلة العقد الراهنة. عقد تتصدّرها مسألة ترشيح الفياض، الذي يبدو أن عبد المهدي وتياراً واسعاً داخل «البناء» يدفعان نحو إمراره، فيما يدور حديث في الضفة المقابلة حول إمكانية سحب ترشيح الرجل، بعدما أصدرت «محكمة القضاء الإداري»، الأسبوع الماضي، قراراً بإعادته إلى مناصبه السابقة. وهذا ما عبّر عنه أمس النائب عن «ائتلاف دولة القانون»، عدنان الأسدي، الذي رأى أن «قرار المحكمة الإدارية بإعادة الفياض إلى جميع مناصبه السابقة ربما يساعد في سحب ترشيحه لوزارة الداخلية».
لم تحمل الساعات الماضية أي «بشارة» بحلحلة العقد الراهنة


وإلى أن يتمكن عبد المهدي من ملء المقاعد الخمسة الشاغرة في حكومته، يستمرّ التأخير في الانعكاس سلباً على صورته، ومراكمة الضغوط عليه من جانب الكتل السياسية، سواء الصغيرة منها أو الكبيرة. وفي هذا الإطار، أعلن رئيس «الجبهة التركمانية»، أرشد الصالحي، أمس، أن «الجبهة ستسلك طريق المعارضة»، معتبراً أن «جميع أطراف كابينة عبد المهدي مسيسة... والأداء السياسي للحكومة لا يبشر بخير». وفي السياق نفسه، يواصل «تحالف سائرون»، المدعوم من زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، التلويح بالانتقال إلى صفوف المعارضة. إذ وصف النائب عن «سائرون»، جاسم الحلفي، الأداء السياسي لعبد المهدي بـ«غير المرضي»، وهو ما يجدّد انتقادات لـ«الصدريين» بأنهم يدعمون الحكومة في بداية عمرها، ومن ثم ينتقلون إلى المعارضة احتماءً بالشارع ضدها.
وما بين الضغوط السياسية التي تمارَس على رئيس الوزراء من جهة، وتلك الشعبية الغاضبة من سوء الأداء الخدمي من جهة أخرى، وفي ظلّ سعي رئيس الوزراء إلى تحقيق أي إنجاز في الفترة المنظورة، يحاول عبد المهدي مضاعفة احتكاكه المباشر بالشرائح الشعبية، في محاولة منه لكسر الصورة النمطية عن أن «حاكم بغداد» ليس على تماسٍ مع المواطنين ودراية بأحوالهم. ويوم أمس، أعلنت «تنسيقية تظاهرات منطقة بوب الشام» في العاصمة بغداد فضّها الاعتصام الذي ينظّمه الأهالي منذ أيام، بعد تلقّيهم وعوداً من عبد المهدي بتلبية مطالبهم. وأضاف بيان المتظاهرين إنه «تم الاتفاق مع رئيس الوزراء على أهمية تحديد سقف زمني لتنفيذ المطالب، التي تتمثّل في توفير المياه الصالحة للشرب، وتحسين واقع الطاقة الكهربائية، فضلاً عن رفع المستوى الصحي، وتأهيل البنى التحتية في القضاء».



«الحشد» في استقبال سكوت موريسون
في حدث يُعدّ الأول من نوعه، شاركت قوات «الحشد الشعبي» و«البيشمركة»، في الاستقبال الرسمي لرئيس الوزراء الأوسترالي، سكوت موريسون، في بغداد. واصطفّت مجموعتان من «الحشد» و«البيشمركة»، أمس، خلال مراسم استقبال موريسون من قِبل رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي.
وهذه هي المرة الأولى التي تشارك فيها تلك التشكيلات في استقبال رسمي لمسؤول أجنبي رفيع يزور البلاد، ما فُسّر على أنه رسالة من بغداد بتثبيت حضور «الحشد» في المؤسسة العسكرية، والتأكيد على اعتمادها عليه كقوة رسمية غير متحزبة. ولعلّ ذلك هو ما دفع بالكثير من السياسيين والمتابعين إلى الإشادة بخطوة عبد المهدي.