لليوم الثاني على التوالي، لجأت قوى 14 آذار ومعها النائب وليد جنبلاط إلى لعبة الشارع، للتعبير عن رفض إخلاء سبيل الوزير السابق ميشال سماحة، بعد أن اتخذت محكمة التمييز العسكرية قرارها أول من أمس. فبعد قطع الطرقات وحرق الإطارات في بيروت وجبل لبنان والبقاع والشمال عشية إطلاق سماحة، مع كمٍّ كبير من التصريحات والاتهامات وجهها نوّاب وشخصيات 14 آذار إلى المحكمة العسكرية والقضاء اللبناني، تجمّع أمس العشرات من مناصري الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية وطلاب 14 آذار على مقربة من منزل "المخلى سبيله" في الأشرفية، وسط إجراءات أمنية مشدّدة، بالإضافة إلى تجمّعات لتيار المستقبل وقوى سلفية في طرابلس.
وعلى الرغم من الشروخ التي تعانيها قوى 14 آذار، ولا سيّما بين تيار المستقبل والقوات، بفعل ارتدادات مسعى الرئيس سعد الحريري لدعم ترشيح النائب سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية، إلّا أن «مصيبة» إطلاق سماحة جمعت الطرفين ومعهما جنبلاط، في مشهد يذكّر بالانقسام التقليدي الذي شهده لبنان عشية اغتيال الرئيس رفيق الحريري بين 8 و14 آذار، بعد أن ظهرت في الأشهر الأخيرة ملامح تحوّلات في هذا الانقسام.
المتضرّرون من ترشيح عون وفرنجية اشتكوا في واشنطن محذّرين من الأوضاع المصرفية والعسكرية

العودة إلى الشارع في عزّ الاشتباك الإيراني ــ السعودي وتصاعد حدّة المواجهة في سوريا والعراق واليمن، لا تطمئن أكثر من جهة سياسية، ولا سيّما الرئيس نبيه برّي. إذ نقل زوّار عين التينة أمس استياء رئيس مجلس النّواب من المشهد العام في البلاد، بعد أن كان قد نجح الأخير بوساطة في حلّ عقدة التعيينات الأمنية التي يطالب بها التيار الوطني الحر، وإعادة الحياة إلى الحكومة، بالإضافة إلى الحفاظ على وتيرة انعقاد جلسات الحوار، بشقيّه: الوطني، وذلك الذي يجمع تيار المستقبل وحزب الله برعاية عين التينة. ونقل الزّوار عن برّي تفضيله لو أن محكمة التمييز العسكرية انتظرت صدور الحكم قبل الإفراج عن سماحة.
من جهتها، قالت مصادر بارزة في تيار المستقبل لـ«الأخبار» إن «موضوع سماحة لن يمرّ، والمواطنون الذين تجمّعوا في الشوارع تجمّعوا من تلقاء أنفسهم وليس بدفع من أحد. ونحن لم نبدأ بعد بالتحركات، وردود فعلنا لم تبدأ بعد، ولكن لا يمكن الأمر أن يمرّ مرور الكرام، لأن الإفراج عن سماحة هو دعوة صريحة للقتل وشرعنة للاغتيالات والإرهاب». وقالت المصادر إن «ما قامت به محكمة التمييز العسكرية هو دعوة للتنظيمات الإرهابية للتحرك، وهي قد تجد في الأمر مادة للتجييش في الشارع».
في المقابل، أكّدت مصادر في قوى 8 آذار أن «استعمال الشارع ليس في مصلحة أحد في هذه المرحلة الحساسة»، مشيرةً إلى أن «الاعتراض على الحكم القضائي مسألة، واستخدام الشارع الآن مسألة أخرى. هي دعوة للقوى التكفيرية للعودة إلى التخريب والإرهاب بعد الجهد الكبير الذي بذلته الأجهزة الأمنية في الفترة الماضية والتي أدّت إلى تفكيك الكثير من الخلايا الإرهابية والقبض على عشرات الإرهابيين المتورطين والمطلوبين».

أميركا تريد رئيساً للجمهورية

أمّا على صعيد الملفّ الرئاسي، فيتردّد في أوساط فريق 14 آذار معلومات تؤكّد «إصرار الولايات المتحدة الأميركية على انتخاب رئيس». وبحسب المعلومات، فإن بعض سياسيي 14 آذار «المتضرّرين» من طرح ترشيح كل من فرنجية وعون إلى الرئاسة، قدّموا أوراقاً لدوائر القرار الأميركية تتحدّث عن مساوئ انتخاب شخصية من الاثنين، وتداعيات ذلك على المؤسّسة العسكرية والقطاع المصرفي. إلّا أن الجواب الأميركي كان بأنه «لن يكون بمقدور أي مرشّح التأثير في القطاع المصرفي الذي نتحكّم به، ولا بسط سيطرته على الجيش الذي تربطنا بقيادته علاقة متينة. ونحن نريد رئيساً للبنان».