نجح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في فرملة تفكيك حكومته والحؤول دون إجراء انتخابات مبكرة، على الأقل في المدى المنظور. واستطاع عبر مناورة سياسية ناجحة في ثني رئيس «البيت اليهودي» نفتالي بينت، ورئيس حزب «كولانو» موشيه كحلون، عن المبادرة إلى الاستقالة من الحكومة، الأمر الذي كان سيوفر للمعارضة الغالبية التي تسمح لها بحل «الكنيست» وإسقاط الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة. وتعامل نتنياهو مع كل منهما باللغة التي تناسبه، فأرضى كحلون ببعض الخطوات التي تتصل برفع الرواتب التي يطالب بها، ومع بينت، عمد إلى حشره في الزاوية وقدّمه أمام الجمهور اليميني كمن يسقط حكومة اليمين في «فترة أمنية حساسة» وإمكانية أن يخسر اليمين السلطة، كما حصل في عامي 1992 و1999. وبهدف تأجيج المشاعر وتعبئة الجمهور اليميني ضد أي خطوات تؤدي إلى إسقاط الحكومة، تحدث نتنياهو بلغة أوحى من خلالها بأن إسرائيل على وشك خوض مواجهة عسكرية واسعة مع بعض أعدائها.مع ذلك، سيكون أداء نتنياهو خاضعاً لمراقبة دقيقة وشديدة من منافسيه في اليمين، وستتحوّل السنة المتبقية للحكومة موضع اختبار لما حاول الإيحاء به، على المستوى الأمني ومواجهة التهديدات. وهو ما سيدفعه إلى أن يكون أكثر حزماً وتشدداً على الأقل على مستوى الخطاب السياسي، أما على المستوى العملاني فهذا ما ستكشفه الأشهر المقبلة.
على خط مواز، بدا أن نتنياهو حرّك مستشاريه الذين تواصلوا مع حاخامات الصهيونية الدينية لإقناعهم بخطورة هذه الخطوة في هذه المرحلة، خصوصاً أنهم يشكلون المرجعية لـ«البيت اليهودي» الذي يتزعمه بينت. وهو ما أدى في النهاية إلى تراجع بينت ووزيرة القضاء إيليت شاكد عن الاستقالة. وبرر ذلك بمنح نتنياهو الفرصة إذا كان جاداً في خطابه في التعامل مع القضايا الأمنية «وعليه نزيل كافة مطالبنا وسنبقى في الحكومة». وفي محاولة لمواكبة نتنياهو الذي قدَّم إنجازاته السياسية والأمنية، أقر بينت بأنه يدفع ثمناً سياسياً ويخسر أمام نتنياهو، لكنه برر ذلك من أجل أن لا «ينتصر إسماعيل هنية علينا أمنياً».
في أعقاب ذلك، أعرب نتنياهو عن سروره لنجاحه في تثبيت الحكومة، ولفت إلى أن «أمامنا سنة كاملة حتى الانتخابات، وكي نستمر معاً علينا إظهار طاعة ائتلافية». وأكد أنه سيعمد في «وقت قريب جداً» إلى طرد سكان قرية خان الأحمر قرب القدس المحتلة، وأن السلطات تستعد لتنفيذ ذلك. لكنه تجنب الالتزام بموعد محدد لتنفيذ ذلك. وربط ذلك باستنفاد المفاوضات مع الأهالي الذين يصرون على البقاء في قريتهم.
سيُعمد في «وقت قريب جداً» إلى طرد سكان قرية خان الأحمر


ورد نتنياهو على انتقادات بينت ووزير الأمن المستقيل، أفيغدور ليبرمان، حول وقف إطلاق النار في قطاع غزة الأسبوع الماضي، وقال إن جميع أعضاء المجلس الوزاري المصغر، من دون استثناء أيدوا وقف إطلاق النار «وهم لم يريدوا إجراء تصويت أبداً». مع ذلك، شكّك رئيس حزب «كولانو»، موشيه كحلون، بإمكانية صمود الحكومة حتى آخر ولايتها، بسبب اعتمادها على 61 عضو «كنيست» من أصل 120. وأضاف: «نحن نستعد لانتخابات في آذار المقبل». في المقابل، أكد أحد مقربي كحلون لصحيفة «هآرتس» أن حزب «كولانو» سيصوت ضد حل الكنيست الذي يفترض أن يطرح للتصويت يوم غد الأربعاء.
إلى ذلك، واصل نتنياهو حملته السياسية وهذه المرة من خلال مثوله أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، وأكد أن إسرائيل «داخل حرب لم تنته بعد. وفي فترة أمنية حساسة كهذه، فإن إسقاط الحكومة هو عمل عديم المسؤولية». ولفت إلى أنه التقى منذ توليه منصب وزارة الأمن، مع رئيس أركان الجيش، غادي آيزنكوت، ومع رئيس أركان الجيش المعيّن، أفيف كوخافي. ورأى أن «روسيا لا تستطيع أن توقف أعمال إيران في سوريا وحدها»، كما نقل أعضاء كنيست، وتابع نتنياهو بالقول إن «هناك حاجة لتدخّل دولة إضافية من أجل وقف الأعمال العسكرية الإيرانية في سوريا». وحاول نتنياهو تبرير تقلص الاعتداءات الإسرائيلية على الساحة السورية، منذ سقوط الطائرة الروسية في الثامن عشر من أيلول الماضي، بالقول إن «كمية الأسلحة الإيرانية التي نُقلت إلى منظمة حزب الله اللبنانية عبر الأراضي السورية تقلصت في شكل ملحوظ» منذ ذلك الحين. وتوقع نتنياهو حصول مفاجآت إضافية في العلاقات مع بعض الدول العربية، لافتاً إلى أنه تم الاتفاق مع السلطان قابوس على استخدام طائرات تقلع من إسرائيل المجال الجوي للسلطنة في طريقها إلى الهند.