بات الخطاب التركي الجديد، منذ محاولة الانقلاب العسكري، يحمل لازمة تختصر سياسة أنقرة في هذه المرحلة: «تركيا قوية ومستقلة». خطاب تصاعد مع التحول نحو النظام الرئاسي، فيما خرج الرئيس رجب طيب أردوغان، أمس، ليمنح الشعارات الجديدة إيحاء ببعد جدي أكبر لها، على توقيت المواجهات السياسية التي تخوضها بلاده، لا سيما مع الحلفاء غرباً: أوروبا والولايات المتحدة. مناسبة ثانية أطل فيها أردوغان، في أجواء الاحتفال باليوم الوطني، بعد تدشينه مطار إسطنبول الدولي، تعزز من صورة يريدها الرجل لتركيا محورية وقوية اقتصادياً وسياسياً، وأقل التزاماً مع الحلفاء الأطلسيين، الذين بات التعبير عن فقدان الثقة المتبادلة معهم أكثر حضوراً في المواقف التركية. في الأيام الماضية، حضر ضيوف عدة إلى إسطنبول، بدا جميعهم «شرقيين»؛ عرباً وآسيويين، وشرق أوروبيين، ما عدا القمة الرباعية التي خصصت لبحث الملف السوري، بينما غاب القادة الغربيون عن افتتاح مطار إسطنبول. تلك رسائل مررها الرجل بهدوء، قبل أن يمرر أمس رسائل أكثر مباشرة باتجاه الغرب.
الرئيس التركي: استطعنا التخلص من التبعية للخارج

وفي مشاركته بحفل افتتاح «البنية التحتية لتنمية التكنولوجيا الوطنية» في العاصمة أنقرة، أعلن أردوغان أن بلاده بدأت إجراء دراسات من أجل إنتاج محلي لمنظومة دفاع صاروخي جوي بعيدة المدى، أطلق عليها اسم «سيبَر» (الدرع). الإعلان المفاجئ أتى على توقيت الخلافات مع واشنطن في شأن حصته من صفقة مقاتلات «أف 35»، من جهة، وسعيه لإتمام صفقة منظومة الدفاع الجوي الروسية «أس 400» مع موسكو. على أن الرئيس التركي لم يخف ربطه الإعلان بالنقاش حول موقع تركيا ودورها: «تركيا بدأت في الآونة الأخيرة، بتطبيق سياسات مستقلة، وأن هذه الخطوة تعد واحدة من الأسباب الكامنة وراء كثرة الهجمات ضدها في السنوات الأخيرة». قالها أردوغان صراحة، واعداً: «سنحقق أهدافنا من أجل تركيا قوية ومستقلة، من خلال مواصلة الحملات الوطنية التي أطلقناها في مجال الصناعات الدفاعية». ورأى أن «الاستقلالية مهمة جداً في السياسة»، مضيفاً: «استطعنا التخلص من التبعية للخارج عن طريق اعتمادنا على الصناعات الدفاعية المحلية». واحتفى الرئيس التركي بالأسلحة المصنعة محلياً وأكد نية تركيا الدخول إلى «قائمة الدول التي تنتج أنظمتها الدفاعية»، مشيداً بأسلحة محلية الصنع استخدمها الجيش التركي في سوريا «بنجاح وحققت نتائج جيدة». وأشار خطاب الرجل إلى أن تركيا تتجه نحو «رفع نسبة المنتجات المحلية والوطنية في قطاع الصناعات الدفاعية، إلى أكثر من 65 في المئة»، منوهاً بأن أنقرة «تتقدم بسرعة لتكون صاحبة كلمة في جميع مجالات تكنولوجيا الدفاع والطيران والفضاء»، وقد أنتجت مجموعة من الأسلحة «بينها طائرات من دون طيار». وأبدى أمله في أن «يحمل الجيل الجديد من الأسلحة والذخائر المسلَّمة إلى القوات المسلحة التركية الخير لتركيا»، مشجعاً «علماءنا وخبراءنا على العودة إلى الوطن من خلال برامج متنوعة بهدف ضمان مساهمتهم في المشاريع ذات القيمة الاستراتيجية بالنسبة إلى تركيا».