بعد سبعة أسابيع على إعلان «قوات سوريا الديموقراطية» إطلاق المرحلة الأخيرة من حملة «عاصفة الجزيرة» بدعم «التحالف الدولي»، استطاع تنظيم «داعش»، خلال يوم واحدٍ، استعادة السيطرة على جميع المناطق التي كان قد خسرها قبلاً، وإيقاع خسائر فادحة في صفوف «قسد»، محمّلاً المدنيين في البلدات التي يسيطر عليها وزر نشاطه هذا، لينالوا حصّتهم من صواريخ «التحالف» الانتقامية. الجيب الأخير للتنظيم على طول وادي نهر الفرات، بقي لأشهر طويلة خارج خريطة العمليات العسكرية، منذ سيطرة «التحالف» على منطقة الحقول النفطية شماله وعزله عن الحدود مع العراق، ليعود إلى الواجهة مع حديث الإدارة الأميركية عن نيتها تعزيز عمليات مكافحة «داعش» وإطلاق آخر مرحلة في «عاصفة الجزيرة». وشكّل هذا الجيب خلال تلك الفترة منطلقاً لهجمات عدة ضد مواقع الجيش السوري وحلفائه على الضفة الجنوبية للفرات، عادت وتكررت بشكل متقطع خلال المرحلة الأخيرة من «عاصفة الجزيرة»؛ وكان آخرها أول من أمس، باتجاه بلدتي الحسرات والجلاء، شمال غرب البوكمال، ولكنها لم تؤدّ إلى أي اختراق في نقاط الجيش الدفاعية.ورغم الحصار المفروض على مناطق سيطرة التنظيم، والمعروفة اختصاراً بـ«جيب هجين»، نسبة إلى ناحية هجين التابعة لمحافظة دير الزور، فإن عناصره تمكّنوا من وقف جميع محاولات تقدم قوات «التحالف» من الجهة الشمالية الغربية، وإبطاء العمليات في المحور المحاذي للحدود العراقية. واستغلّ «داعش» العواصف الرملية التي تشهدها مناطق الشرق السوري، لشن هجوم متزامن على عدة محاور، السبت الماضي، انتهى بانسحاب سريع لمقاتلي «قسد» من مواقعهم في السوسة والباغوز، ووصول التنظيم إلى الحدود العراقية من جديد. غياب التغطية الجوية والخشية من تمدد عمليات التنظيم بسرعة كبيرة، دفعا قوات «التحالف» إلى سحب قطعات المدفعية التي تنشرها في محيط هجين إلى قواعد بعيدة عن خطوط التماس، في حقلي العمر والتنك النفطيين. وجاء هذا الهجوم بعد نحو أسبوعين على هجوم مفاجئ نفذه التنظيم على مخيم البحرة للنازحين، شمال غرب هجين، أفضى إلى اختطافه نحو 130 عائلة، وفق المعلومات المتاحة. وتحدثت حينها أوساط روسية عن وجود أجانب بين المختطفين من قبل التنظيم، فيما نفى «التحالف» علمه بوجود أجانب في المخيم، رغم تأكيده وقوع الهجوم. وتوضح معلومات متقاطعة من عدة أوساط، أن «التحالف» قبل هذا الهجوم الأخير، كان يدير مفاوضات مع «داعش» للموافقة على تسهيل دخول مواد غذائية وعودة الحركة التجارية نحو الجيب المحاصر، مقابل عدد من الشروط على التنظيم، بينها تسليم عدد من الأسرى وجثث مقاتلين قضوا خلال جولات القتال الماضية؛ غير أن تلك المفاوضات لم تصل إلى توافقات.
أكد المعلم تصريحات الرئيس الروسي بأن «اتفاق إدلب» مؤقت


عودة «داعش» إلى النشاط غيّرت المشهد في وادي الفرات، مع استنفار القوات العراقية و«الحشد الشعبي» لتغطية المنطقة الحدودية شمال مدينة القائم، وتحريك «وحدات الحماية الكردية» قواتها لدعم خطوط التماس مع «جيب هجين». وبدورها، عاودت طائرات «التحالف» استهداف البلدات على الضفة الشمالية للفرات، في حين أرسلت تعزيزات مدرّعة إلى حقلي التنك والعمر، على أن تكون مقدمة لهجوم معاكس تخطط له «قسد». وأعلنت الأخيرة أنها أرسلت مجموعات من «قوات النخبة» إلى محيط الجيب، ملقية بمسؤولية الخسارة الميدانية الأخيرة على عاتق قوات «مجلس دير الزور العسكري» وقلة خبرتها الميدانية. ومع عودة سلاح الجو إلى المعادلة العسكرية، ينتظر أن يعود «داعش» إلى وضعية دفاعية، بعيداً عن شن هجمات أوسع نحو مناطق الحقول النفطية أو صوب الأراضي العراقية، بما يجنبه وقوع خسائر فادحة في صفوفه ويمنع استنزاف عتاده وعناصره. ولكن ذلك لن يمنعه من محاولة عبور الفرات وشن غارات سريعة على مواقع الجيش السوري هناك، لا سيما أن «التحالف» لم ولن يستهدف أي تحرك للتنظيم عبر النهر.
وبعيداً عن الشرق السوري، شهدت جبهات ريف حماة الشمالي تصعيداً لافتاً، مع تبادل الجيش السوري والفصائل المسلحة القصف على فترات متقطعة. وقالت أوساط معارضة إن قائد «حركة أحرار الشام الإسلامية» (المنضوية ضمن «الجبهة الوطنية للتحرير»)، محمد جابر علي باشا، نجا من الموت جراء قصف استهدف موقعاً كان فيه قرب اللطامنة، خلال زيارته عدداً من مواقع «جيش العزة» في ريف حماة. وطاول قصف الجيش مواقع قرب نقطة المراقبة التركية في محيط بلدة مورك، بعد يوم واحد على وصول تعزيزات عسكرية إلى تلك النقطة وغيرها من النقاط في ريف حماة. وفي تعليق على الوضع في إدلب ومحيطها، قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أمس، إن بلاده على «تنسيق تام» مع الجانب الروسي، «سواء من خلال الحرب أو المصالحة»، مشيراً إلى تصريح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في «قمة إسطنبول» بأن «الاتفاق مؤقت».