لم يكن هُناك لاعبٌ مغتربٌ أقرب إلى منتخب لبنان كأمين يونس. لا جوان العمري الذي نشأ في ألمانيا له أقاربُ يزورهم دائماً في مدينة طرابلس، ولا سمير أياس المولود في بلغاريا الذي كان يضع العلم اللبناني على حذائه. هلال الحلوي وعمر بوغيل كانا بعيدين عن بلديهما، كذا سوني سعد وعدنان حيدر وغيرهم. الفارق بين هؤلاء ويونس، أنّهم اليوم لاعبون دوليون في صفوف منتخب لبنان، فيما اختار الأخير تمثيل المنتخب الألماني. على الرغم من أن نسبة المشاركة الأساسية مع «المانشافت» كانت ضئيلة، إلا أن لاعب «أياكس أمستردام» الهولندي حينها فضّل منتخب البلاد التي عاش فيها، ولو أن في قلبه حنيناً إلى بلده الأم. ليس خافياً أن الجهاز الفني والإداري في المنتخب حاول مراراً إقناع يونس بالانضمام إلى منتخب لبنان، لكن لم يكن اللاعب ليفوّت فرصة اللعب تحت قيادة يواكيم لوف من جهة، ولا السير في خطواتٍ إلى الخلف من جهةٍ أخرى. بين التواصل اللبناني مع اللاعب وبين قراره، تفصيلٌ واحدٌ كان من الممكن أن يُغيّر الطريق، وهو التوقيت.غالباً، خسر منتخب لبنان أمين يونس بسبب التواصل المتأخّر معه. في حين كان هو ينشط منذ عام 2008 في الفئات العمرية للمنتخب الألماني، انتظر المسؤولون ثماني سنوات حتى بدؤوا «المفاوضات» معه، وهو على أبواب المشاركة مع المنتخب الأوّل. في بطولة كأس العالم الماضية، تعرّف الجمهور إلى أندرو نبوت وميغيل ليون وجيمي دورماز. لاعبون من أصولٍ لبنانية اختار كلّ منهم تمثيل منتخب البلاد التي عاشوا فيها. حالهم حال الكثيرين من اللاعبين، العرب خاصةً. وجهةُ هؤلاء كانت ربما لتختلف لو وجدوا من يتواصل معهم باكراً من المسؤولين في بلدهم الأم. في الحقيقة، مثل نبوت وليون الكثير من اللاعبين اللبنانيين في الاغتراب، قد يكونون بانتظار هذا التواصل.
لم يحتج العثور على 11 لاعباً مغترباً من أصول لبنانية أكثر من يومٍ على الإنترنت، والتواصل معهم كان أكثر سهولة في عصرٍ لكل شخصٍ حسابات شخصية على العديد من مواقع التواصل الاجتماعي. بمجرّد التراسل مع أحد اللاعبين، يمكن الوصول إلى مواطنيه عبره، ومنه إلى غيره فهكذا ودواليك. في الواقع، الأسماء تخطّت العشرين خلال يومين فقط، وأغلبهم من اللاعبين الشباب، وجميعهم في أوروبا، دون البحث حتّى في قارة أميركا الجنوبية التي تحتضن أكثر من 15 مليون لبناني. أغلب هؤلاء اللاعبين باتوا مطمع منتخبات البلاد التي يقطنون فيها، فيما لا يبدو أن أحداً قد تواصل معهم من لبنان.
تضم المنتخبات الاوروبية مواهب لبنانية شابة


في 11 تشرين الأول الجاري، اختارت صحيفة «غارديان» 60 لاعباً من بين أبرز المواهب من مواليد 2001. ثلاثة لاعبين عرب كانوا ضمن القائمة، هم المصري شادي رضوان لاعب الأهلي، والجزائري ياسر لعروسي لاعب ليفربول، إلى جانب اللبناني إياد حمود، لاعب «شيفلد وينزداي» الذي ينشط في الـ«شامبيونشيب». التقرير أشار إلى أن حمود بلغاري الجنسية، إذ إنه مثّل منتخب بلغاريا دون 16 و17 عاماً، علماً أن والده يحمل الجنسية اللبنانية ووالدته بلغارية. وحمود هو ثاني أصغر لاعب يُشارك في الدوري البلغاري الممتاز مع «لوكوموتيف بلوتيف»، وسبق أن شارك في اختبارات أرسنال وستوك سيتي. هكذا، يبدو أن اللاعب في طريقة إلى النجومية، وبالتأكيد أنه سيكون هدف المنتخب البلغاري الأول.
رامي نجارين (18 عاماً) هو أحد هؤلاء الذين لم يتواصل معه أحد من لبنان. لاعب الفريق الأول لـ«ملبورن سيتي» الأوسترالي، نال استدعاءه الدولي لمنتخب أوستراليا دون 20 عاماً وشارك معه في مباراتين، برفقة زميله في الفريق ومواطنه اللبناني ـ الأوسترالي مودي نجار. يقول نجارين أن أحداً لم يتواصل معه من الاتحاد اللبناني لكرة القدم أو الأجهزة الفنية للمنتخبات، مؤكداً أنه يملك الأوراق اللبنانية الثبوتية، من دون أن يُخفي أنه لم يزر لبنان سابقاً بسبب انشغالاته العائلية والكروية. يُشير إلى أنه سمع الكثير عن بلده الأم، لكن يرفض الإجابة عمّا إذا كان من الممكن أن يوافق على الالتحاق بالمنتخب اللبناني «لأن العرض لم يأتِ بعد». في كلامه يبدو كأنّه ينتظر هذا العرض، ولو أنه يستعد للمشاركة مع المنتخب الأوسترالي لخوض كأس آسيا، البطولة التي لم ينجح منتخب لبنان بالتأهل إليها بعدما خرج من دون نقاط في المجموعة التي ضمت العراق وقطر.
على عكس نجارين، حضر لاعب وسط رديف «ستاندار لييج» البلجيكي رباح مذبوح (18 عاماً) إلى لبنان للالتحاق بالمنتخب عينه الذي خسر أمام العراق وقطر، إلا أن التواصل انقطع معه بسبب اعتذاره عن المشاركة عقب «عدم تأكيد مدرب المنتخب مشاركته الأساسية في التصفيات». يشرح مذبوح أنه التحق بتمارين المنتخب في لبنان، وعاد واعتذر عن السفر إلى قطر لأنه لم يكن ليترك فريقه الذي يلعب معه بشكل أساسي ليكون احتياطياً في منتخب لبنان. «الشرف بتمثيل لبنان ووضع الأرزة على الصدر» لم يُغرِ مذبوح كما يقول. قد يكون اللاعب الذي يشارك في تمارين الفريق الأول أخطأ في الأسلوب، فبطبيعة الحال، القرار للمدرب أولاً، ولا يحق للاعب أن يشترط المشاركة الأساسية حتى ولو جاء من خارج لبنان، علماً أن مثل هذا الشرط وضعه لاعبون في المنتخب الأول، ومنهم من لم ينجح بفرض نفسه على المدرب، فاستُبعد أو أبعد نفسه عن المنتخب.
التواصل المقطوع مع اللاعب لم يكن بسبب شرطه، بل لأن المنتخب لم يجتمع أساساً من بعد التصفيات، حاله كحال سائر منتخبات الفئات العمرية الأخرى. بكل الأحوال، لا يجب أن ينقطع التواصل بين اللاعب والجهاز الفني والاتحاد، فالطرفان مستفيدان، وغياب مذبوح أو غيره عن المنتخب اللبناني في الوقت الراهن، قد لا يعوّض في حال اختار اللعب مع منتخبٍ آخر يحمل جنسية بلده.
وكما بات نجارين ونجار بعيدين بعض الشيء عن منتخب لبنان، يبدو أن الحارس داني لطيف (18 عاماً) يسير على الطريق عينه، بعدما شارك في ثلاث فئات عمرية مع المنتخب الأوكراني، وخاض منذ أسبوع مباراتين مع منتخب دون 19 عاماً أمام ألبانيا والنروج في التصفيات المؤهلة إلى بطولة أوروبا، وهو يلعب مع رديف «أولمبيك دونيتسك» الأوكراني.
لا يختلف هؤلاء اللاعبون عن الذين استدعوا إلى المنتخب اللبناني في الفترة الأخيرة، ومنهم باتوا نجوماً، كجوان العمري ونادر مطر وعدنان حيدر وعباس حسن. المفارقة الوحيدة، هي أن العمري كان في عمر الـ28 حين نال الاستدعاء، وحسن كان يبلغ 27 عاماً، وحيدر (23)، أمّا مطر فكان في العشرين من عمره، وهو اليوم في قمّة عطائه المحليّ والدولي، بينما هؤلاء الشباب لم يصلوا إلى العشرين بعد، لكنهم مطمع المنتخبات الأجنبية، والتواصل معهم لا يجب أن يتأخّر كما حصل مع غيرهم.





الاسم: إياد حمود
الجنسية: لبناني ـ بلغاري
العمر: 17
يلعب مع «شيفيلد وينزداي» الإنكليزي
مثّل منتخب بلغاريا دون 16 و17 عاماً


الاسم: رامي نجارين
الجنسية: لبناني ـ أوسترالي
العمر: 18
يلعب مع «ملبورن
سيت» الأوسترالي
مثّل منتخب أوستراليا دون 20 عاماً


الاسم: مودي نجار
الجنسية: لبناني ـ أوسترالي
العمر: 18
يلعب مع «ملبورن سيت» الأوسترالي
مثّل منتخب أوستراليا دون 20 عاماً


الاسم: داني لطيف
الجنسية: لبناني ـ أوكراني
العمر: 18
يلعب مع رديف «مولمبيك دونيتس» الأوكراني
مثّل منتخب أوكرانيا دون 19عاماً


الاسم: محمد بغدادي
الجنسية: لبناني ـ ألماني
العمر: 21
يلعب مع رديف
«بريستول روفرز» الإنكليزي
وانتقل بالإعارة إلى «ويستون سوبر ماري»


الاسم: جاد أرسلان
الجنسية: لبناني ـ أميركي
العمر: 22
يلعب مع رديف «تورمنتا» الأميركي