تغيير جذري في هيكلية الجماعة الإسلامية

تغيير جذري في هيكلية «الجماعة»: انفتاح على الخصوم وكوتا نسائية

  • 0
  • ض
  • ض

بدءاً من يوم غد، تطلق الجماعة الإسلامية انتخابات في أقسام المناطق لاختيار 35 عضواً جديداً لمجلس الشورى. ومع نهاية الشهر الجاري، ينجز انتخاب الشورى الذي يختار بدوره أميناً عاماً ورئيس مكتب سياسي، يعقبه انتخاب قادة المناطق. التغيير الجذري في الهيكلية، هل يلحق به تغيير في الأداء والتحالفات؟

حان موعد الإنتخابات التنظيمية في الجماعة الإسلامية. انقضت ولاية السنوات الثلاث للأمين العام ورئيس المكتب السياسي ومجلس الشورى والأقسام والمكاتب والشُّعب والمناطق. هذه الدورة تفوق بحساسيتها سابقتها التي تزامنت مع "ربيع عربي" سطع على الإخوان المسلمين. ربيعهم صار خريفاً بمعظمه، من مصر التي انقلبت على أول نظام إخواني إلى الإنكسارات المتتالية تحت الشمس العربية والخليجية والتركية، وسط تضييق عالمي على الإسلام السياسي. إزاء التغير السلبي العام، يحين التغيير الداخلي في جماعة لبنان، الذي لا مهرب منه (لا يحق للأمين العام ورئيس المكتب السياسي الترشح لأكثر من دورتين متتاليتين). أي تنظيم ستنتجه الجماعة المتعددة الصداقات؟ تنظيم بلون تركي أم قطري أم سعودي، أو ربما إيراني بالنظر إلى الإنفتاح المتجدد لقيادات من الجماعة على طهران (شارك رئيس المكتب السياسي عزام الأيوبي في إفطار الحرس الثوري في الضاحية في رمضان الماضي) والقنوات السرية المفتوحة بينها وبين حزب الله؟ فضلاً عن شائعات ــــ تنفيها الجماعة ــــ بأن إيران لا تزال ترسل مخصصات مالية لها مذ كانت الأخيرة حليفة الحزب، في إطار دعمها للتيارات الإسلامية. من سيخلف الأمين العام إبراهيم المصري، أحد أعمدة الجماعة الثابتة منذ السبعينات ومنظّر التحالف مع المقاومة الإسلامية مع سلفه الشيخ الراحل فيصل مولوي؟ في المجالس الخاصة، يجري الحديث عن مرشحين يعدّون صقوراً مثل نائب المصري مصطفى خير وعزام الأيوبي ونجل المصري، المسؤول السياسي في بيروت عمر المصري، والمسؤول التنظيمي في الجنوب وأحد الممولين أحمد الجردلي. فهل تميل الجماعة لاختيار أمين من الحرس القديم الذي يحسب عليه المصري ونجله، أم من "المحافظين الجدد" الذين يحسب عليهم الجردلي وخير؟

نحرص على أفضل العلاقات مع تيار المستقبل لكنه ليس حليفاً
في حديث الى "الأخبار"، يشطب عمر المصري قائمة المرشحين بمجملها وهو من ضمنهم. يرى أنها أسماء متداولة في الإعلام لا تنظيمياً. فالآلية مختلفة في الجماعة عن الأحزاب الأخرى. "لا أحد يعلن ترشيحه لأي منصب، بل الهيئة الناخبة هي من تختار المناسبين، من الأمين العام إلى مسؤولي المناطق. الهيئة المؤلفة من عناصر الجماعة المنتسبين منذ ما يزيد على خمس سنوات، تنتخب مجلس الشورى الذي بدوره يختار المسؤولين". يلفت المصري إلى أن ميزة الدورة الحالية تخصيص كوتا خاصة بالنساء. خمسة مقاعد هي الحصة المحفوظة لهن في مجلس الشورى، إضافة إلى 30 عضواً منتخباً والأمين العام السابق كعضو أصيل. لا يرتكز اهتمام المصري على هوية المسؤولين الجدد بقدر ما يهتم لتطوير الجماعة داخلياً وتنظيمياً. يضع نصب عينيه التطوير على مستوى الإستقطاب والجذب. هل تعاني الجماعة أزمة جماهيرية؟ يؤكد المصري أن الظواهر المتطرفة التي انتشرت في السنوات الأخيرة "لم تسحب من قواعد الجماعة، لكن الوهج الإعلامي الذي صوّب عليها اخذ من جمهورها". لم تتأثر عددياً "إلا أن بعض جمهورها تعاطف مع شعارات تلك الظواهر". يستطرد المصري قائلاً إن ما أثّر فعلياً "التطورات في المحيط، كالإنقلاب على حكم الرئيس محمد مرسي في مصر، ما جعل أبناء الجماعة يتأثرون نفسياً ومعنوياً. لم يعتكفوا، لكن الطحشة على الناس خفت قليلاً". انتكاسة مصر بدّدها أخيراً فوز رجب طيب أردوغان في الإنتخابات التركية الأخيرة. تنفست الجماعة الصعداء، واحتفلت في مناطق حضورها. يتكرر ذكر تركيا في حديث المصري. صباح أمس غادر إلى تركيا. وهذا ديدن الكثيرين، عناصر وقادة ومشايخ، في الآونة الأخيرة. مع ذلك "ليس هناك ارتباط عضوي أو مادي وسياسي بتركيا بل الموضوع فكري. كلنا مدرسة فكرية واحدة. لكنها باتت المتنفس الوحيد للإخوان المسلمين بسبب التضييق والإضطهاد في الدول العربية. ومعظم المؤتمرات الفكرية والإسلامية تقام فيها". الرابط الفكري مع تركيا هو نفسه مع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، يشرح المصري. "العلاقة معه كمدرسة فكرية، وتنظم اجتماعات بدعوة من التنظيم لاتخاذ موقف موحد من القضايا الكبرى مثل أحداث فلسطين والأزمة السورية، لكن ليس له علاقة بالمخاطر الداخلية". علماً بأن الأمين العام يحسب على التنظيم الدولي. "أظن أن الوالد عضو في التنظيم" يقول المصري الإبن. لا تكفي سنوات أربع من الأزمة السورية لتعيد الجماعة تقييم موقفها الداعم لـ "الثورة وحق الشعب بالتغيير". فالموضوع "مبدئي. لأنني "إخوان مسلمون" إذا قطعت الحدود الى سوريا يحكم علي تلقائياً بالإعدام بحسب القانون 49". مع ذلك، الجماعة تؤيد جلوس النظام والمعارضة على طاولة واحدة "بشرط إنهاء حكم الأسد". ماذا عن لبنان؟ "لا أعتقد انه سيكون هناك تغيير في المنهج السياسي مع الجماعة الجديدة، بخاصة أن المنتخبين سيكونون من داخل التنظيم" يقول المصري. فالقرار "شورى بامتياز لا شخصياً. الأمين العام له رأي مرجح لكن ليس هناك شخص يفرض رأيه"، علماً بأن التغيير حاصل منذ عام، عندما أطلقت الجماعة محطة دورية ثابتة لاستضافة شخصيات سياسية من الحلفاء والخصوم في مقرها في إطار حوار مفتوح مع كوادرها، مثل نائب التيار الوطني الحر آلان عون، ونائب القوات اللبنانية أنطوان زهرة، والرئيس نجيب ميقاتي. كذلك عندما فتحت قنوات تواصل مع أطراف كانت غريبة عنها مثل الزيارات المتبادلة أخيراً بين عائشة بكار حيث مقر الجماعة، وسن الفيل حيث مقر العونيين. "التطوير على صعيد التواصل مع الأحزاب مستمر" يؤكد المصري. والهدف "القناعة بأن أي خلاف يجب ألّا يؤدي إلى قطيعة. نحن نعيش في بلد واحد. فبادرنا للقاء الآخر لكي يتقبل جمهورنا الآخر، والآخر يتقبل الجماعة". يقر بأن عدم توافر الإمكانات الإعلامية "يجعلنا مقصرين بشأن الإنفتاح". يأسف لأن "البعض يشملنا مع الجماعات المتطرفة ولا يميز بيننا وبينهم". بالنسبة إلى حزب الله، فضّل المصري عدم الحديث عن الأمر حالياً. أما في ما خص تيار المستقبل، فينزع عنه لقب الحليف. "بعمرو ما كان في حلف. الحلف له علاقة باستحقاق معين ونحرص على أفضل العلاقات معه". من بين الإستحقاقات، فوز الحوت في انتخابات 2009 في بيروت على لائحة المستقبل، ومواجهة الجماعة له في المناطق، وزيارة الرئيسين فؤاد السنيورة وسعد الحريري الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وصولاً إلى تبني ترشيح النائب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية. سريعاً يبرر. "ليس لدينا مشكلة مع فرنجية، إنما لأنه صديق الأسد، ولأن التسوية ليست منصفة وواضحة في ما خص رئاسة الحكومة".

  • انتخابات «الجماعة»: صراع بين الصقور والحمائم

    انتخابات «الجماعة»: صراع بين الصقور والحمائم (هيثم الموسوي)

0 تعليق

التعليقات