يمكن القول إن خلاصة ما اتفق عليه رئيسا الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري هو الآتي: «واستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان». بعد اثنين وثلاثين يوماً فاصلاً عن اللقاء الأخير بين عون والحريري، عاد الرئيس المكلف إلى بعبدا، أمس، حاملاً بين يديه هذه المرة، ملفاً أبيض اللون وضعه على الطاولة أمامه وتضمن صيغة أول مسودة حكومية ومعها صيغ بديلة ناقشها على مدى تسعين دقيقة مع رئيس الجمهورية الذي سجل ملاحظاته، وعرض وجهة نظره من كل صيغة من الصيغ المطروحة، على أن يبادر الحريري، وعلى وجه السرعة هذه المرة، إلى عقد لقاءات مع الأطراف المعنية، لا سيما من أدرجوا في خانة «العقد الوزارية»، ويعرض عليهم ما سمعه من الرئيس عون ويأخذ أجوبة واضحة منهم، ويعود يوم الجمعة إلى القصر الجمهوري حاملاً هذه الأجوبة مع صيغة شبه نهائية للحكومة بحيث توضع اللمسات الأخيرة عليها أو بالأحرى «يوضع سواد الأسماء على الحقائب»، على حد تعبير مصادر مواكبة.
وما عكسته مصادر الرئاستين الأولى والثالثة هو الآتي: «ثمة حلحلة سياسية في الملف الحكومي ولن يكون وقت عملية تصفير العقد بعيداً، إذ إنه بناءً على الاتصالات التي ستحصل خلال الأربع وعشرين ساعة المقبلة، حول النقاط التي تحتاج إلى معالجة، يفترض أن تكون العقد قد وضعت على طاولة الفكفكة، وتحديداً العقدة المسيحية (القواتية) والعقدة الدرزية (الجنبلاطية)».
وتوضح مصادر الرئاستين أن الأمور «باتت مُسهلة على صعيد العقدة المسيحية، ولكن تبقى العقدة الدرزية التي تحتاج إلى أخذ ورد في ضوء عدم جنوح بيان اللقاء الديموقراطي (أمس) إلى التصعيد واكتفائه بمقاربة عمومية للملف الحكومي».
أما ما يتصل بالعقدة السنية المرتبطة بتمثيل النواب السنة خارج تيار المستقبل، فإن الحريري «أبدى هذه المرة مرونة كبيرة لجهة وضع الأمر في عهدة رئيس الجمهورية الذي من ضمن حصته سيكون هناك وزير سني (مقابل أن يحصل الحريري على مقعد ماروني لمصلحة غطاس خوري) ولا مشكلة في هذه الحالة لدى الرئيس المكلف في من يسمي عون من هؤلاء من ضمن حصته».
مصادر الرئاستين تؤكد أن الأمور مُسهلة على صعيد العقدة المسيحية، ولكن العقدة الدرزية تحتاج إلى أخذ ورد


وأكدت المصادر أن عون والحريري «كانا مرتاحين لنتائج لقائهما»، وأشارت إلى أن كل ما قيل ويقال عن توتر في العلاقة ورسائل مبطنة بينهما «لا يمت بصلة إلى حقيقة التنسيق والتعاون القائم بينهما، بدليل أن الصيغ التي حملها الحريري جرى تناولها في شكل صريح جداً وانتهى اللقاء بينهما إلى جو أكثر من إيجابي»، لذلك لم يرفض عون ما عرض عليه إنما بقي الملف (الأبيض) مودعاً لديه»، وأكدت المصادر أن الجو الذي كان سائداً إلى ما قبل حصول لقاء بعبدا، عصر أمس، «كان سوداوياً نتيجة قفل باب الحلول، ولكنه لم يعد موجوداً بعد الاجتماع الرئاسي».
وأشارت المصادر إلى أن التداول لم يخرج عن صيغة حكومة من ثلاثين وزيراً من دون زيادة إلى 32 أو نقصان إلى 24 وزيراً، وقالت: «إذا تجاوب الأفرقاء المعنيين مع الصيغة أو البدائل، من غير المستبعد أن تتألف الحكومة قبل الأول من آب، عيد الجيش يوم الأربعاء المقبل».
ووزع المكتب الإعلامي في بعبدا موقفاً للرئيس عون أمل فيه أن تشكل الحكومة في وقت قريب «للانطلاق بالمعالجة اللازمة على كل الأصعدة، لا سيما على الصعيد الاقتصادي الذي سيعطى الأولوية في الحكومة العتيدة، إضافة إلى مكافحة الفساد».
بدوره، قال الحريري بعد اللقاء مع عون إن الحديث عن خلاف مع ​رئيس الجمهورية «غير موجود لا في قاموسي ولا في قاموسه»، مشيراً إلى أنه متفائل «أكثر من أي وقت مضى وهناك أمور في ملف تشكيل الحكومة تحلحلت واتفقنا على الإسراع بالتشكيل والعمل المتواصل وستكون لي زيارات عدة للرئيس عون في الأيام المقبلة»، مؤكداً أن «لا تغيير في موقفي من موضوع النظام السوري ولكن موضوع النازحين له علاقة بالقوى الكبرى الذين اتفقوا على طريق عمل».
وشدد الحريري على أن «موقفنا من الجيش اللبناني موحد ونحن معه ومع أي عمل يقوم به، وأن مناطق البقاع وعكار منسية والحل في هذه الأمور ليس فقط عسكرياً بل يجب أن يكون إنمائياً، وأهالي بريتال هم أهل كرامة وعزة، وما حصل أمر كبير، ولكن الأساس يجب التركيز على الإنماء لأن هذه المناطق وصلت إلى هنا بسبب الحرمان».