سيكون «التحالف» في أي جولة جديدة مفتقِداً عنصر الحماسة
وعلى الرغم من عمليات الفرار تلك، إلا أن القوات اليمنية المشتركة تابعت هجماتها ضد بقية الميليشيات الموالية لـ«التحالف». وسُجّل آخر هذه الهجمات فجر أمس، حيث نفّذ سلاح الجو المسير «عملية نوعية ضد معسكرات مستحدثة في الساحل الغربي، خلّفت العديد من الآليات المدمرة والقتلى والجرحى»، بحسب ما أعلن الناطق باسم القوات الجوية العميد الركن عبد الله الجفري. وأشار الجفري إلى أن عمليات الطائرات المسيّرة تُعدّ «رسالة واضحة بأن المعادلة تغيّرت»، مضيفاً أن «الطائرات المسيرة تصيب أهدافها بدقة... بعد جمع المعلومات الاستخبارية»، متابعاً أن «وسائل دفاع القوات المعادية الجوية لا تستطيع إسقاط الطائرات المسيرة». وتزامنت تصريحات الجفري مع قيام الإعلام الحربي، للمرة الأولى، بنشر مشاهد تظهر إغارة طائرتي «راصد» و«قاصف» على تجمعات القوات الموالية لـ«التحالف» على الساحل الغربي، الذي شهد أكثر من عشر عمليات من هذا النوع خلال الأسابيع الأخيرة.
على مستوى العمليات البرية، أفيد عن مصرع عدد من عناصر الميليشيات المدعومة إماراتياً في عملية لوحدة الإسناد المدفعي في أطراف حيس، في وقت دمرت فيه وحدة الهندسة العسكرية جرافة تابعة للقوات الموالية لـ«التحالف» أثناء عملها في استحداث طريق في جبهة الساحل. وأشارت وكالة «سبأ» الرسمية التابعة لحكومة الإنقاذ، من جهتها، إلى أن «الجيش واللجان نفذا هجوماً على مواقع الغزاة والمرتزقة في الجبيلية جنوب التحيتا، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوفهم وتحرير أحد المواقع»، مضيفة أنه تم «تكبيد المرتزقة خسائر في الأرواح والعتاد في هجوم على مواقعهم شمال الدريهمي، واستهداف تجمع لهم بصاروخ موجه في منطقة الفازة الساحلية». هذه الهجمات المستمرة تنبئ بأن سلطات صنعاء لا ترى في الإعلان الإماراتي الأخير سوى محاولة للتغطية على الانتكاسة التي لحقت بالتشكيلات التابعة لـ«التحالف» على الساحل الغربي، وأنها تتحسّب كذلك لجولة جديدة من المعارك قد لا ترتدع أبو ظبي والرياض عن المضي فيها بعد فترة، خصوصاً إذا ما تراءى لهما أن بإمكانهما إعادة قلب المعادلة لصالحهما. وما يؤكد ضرورة الحذر إزاء النيات الإماراتية والسعودية هو استمرار مقاتلات العدوان في تنفيذ غاراتها في محافظة الحديدة، والتي راح ضحيتها أمس 3 قتلى و3 جرحى من المدنيين، إثر استهداف إحدى المدارس في مديرية زبيد، إضافة إلى حديث قياديين في «ألوية العمالقة» السلفية عن أن «توقيف المعركة إنما هو توقيف مؤقت لإعادة ترتيب الصفوف، والتقدم بعملية عسكرية متكاملة».
على أن عملية من هذا النوع لا تبدو حظوظها أوفر مما لاقته سابقتها؛ إذ إن قيادة تحالف العدوان جرّبت خلال الأسابيع الماضية كل ما هو متوافر لديها من خيارات، ومع ذلك لم تفلح في إحداث أي خرق استراتيجي. عجز يضاعفه، هذه المرة، أن «التحالف» سيكون مفتقِداً عنصر الحماسة الذي رافق جولته الأولى، واستطاع الجيش واللجان بسرعة استيعابه وإحالته ضياعاً على الطرف المقابل. من هنا، يُفترض ــ بالحسابات المنطقية ــ أن يكون المبعوث الأممي قد حمل معه، أمس، إلى صنعاء، رسالة تترجم «الاستسلام» الذي رفعت رايته أبو ظبي أخيراً. حتى وقت متأخر من مساء الإثنين، لم ترشح أي معلومات من الأروقة السياسية في العاصمة اليمنية بشأن زيارة غريفيث، الذي وصل مطار صنعاء الدولي ظهراً. وهو تأخر يمكن أن تُستشفّ منه علامات مُبشِّرة خلافاً لما أوحت به الزيارة الأخيرة الخاطفة للمبعوث الأممي إلى مدينة عدن. إلا أن مسار الحرب في اليمن، بعد مرور أكثر من 3 سنوات على انطلاقها، ينبئ بأن الافتراضات العقلانية والمؤشرات الإيجابية قد لا تكون ذات مغزىً في المراهنة على إمكانات السلام.