كثر الحديث عن الانتخابات وعن المرشحين، عن نائبين وصلا، ونواب كادوا أن يصلوا. الموضوع ليس جديداً، لكن النتائج تستدعي دائماً بحثاً وقراءة جديدة. وبالحسابات الرياضية، كانت الضربة الأكبر لرئيس نادي الأنصار نبيل بدر. الشاب الطامح إلى مقعد نيابي في بيروت، والذي تسلّم رئاسة النادي منذ نحو خمس سنوات، اعتمد على شعبية «الأخضر» في لبنان، علماً بأنه لم ينجح بإعادة قسم كبير من الجمهور إلى الملاعب، أو بحضور جيل جديد، كحال الخصم النجمة. 854 صوتاً تفضيلياً كانت حصيلة بدر، أي أقل من ربع عدد كراسي المدرج الذي شغله جمهور ناديه هذا الموسم في ملعب مدينة كميل شمعون الرياضية. فلنكن واقعيين. ما الذي كان يتوقّعه بدر من جمهور يهتف «الله حريري طريق الجديدة» على المدرجات؟ هل ظنّ بدر أنه سيواجه رئيس الحكومة سعد الحريري بجمهور الأنصار، الذي لم يتعدَّ حضوره على المدرجات في أهم المباريات 6000 شخص في الموسم الماضي؟ هذا إذا انتخبه جميع هؤلاء. بجميع الأحوال، لا علاقة لنا بهذا الأمر. برأي متابعي اللعبة، بدر ارتكب خطأً رياضياً يجب الوقوف عنده.بعد يومين على صدور النتائج الرسمية، أصدر «الرئيس» بياناً نُشر على الصفحة الرسمية للنادي، يُعلن خلاله اعتكافه عن حضور جلسات الهيئة الإدارية، مسلِّماً صلاحيات الرئاسة لنائبه، عازياً السبب إلى عدم حصوله على ثقة جمهور النادي خلال الانتخابات. وهو لا يمزح. البيان حقيقي. المرشح الذي لم يوفق في الوصول إلى المجلس «زعلان» من جماهير الأنصار، لأنها لم تنتخبه. هذا كان بعد الفقرة الأولى من البيان، البعيدة كل البُعد عن الرياضة، والتي توجّه فيها إلى أهالي بيروت بالعموم، خاصة أولئك «الذين شذّوا عن تيار المستقبل»، واتجهوا «إلى لوائح أخرى، وخاصة لوائح فؤاد المخزومي ولائحة وحدة بيروت بجناحيها السني والشيعي»، إذ قال لهم إنه كان يسعى «إلى حماية النسيج المجتمعي البيروتي في السياسة والإنماء، وعدم ابتعاد الصوت البيروتي عن توجهاته التاريخية». إذاً، قرر بدر معاقبة جمهور ناديه، أو ربما، الإعداد لانسحاب هادئ من الرئاسة، التي لطالما كانت باباً للوصول إلى المجلس النيابي. وإن كان هناك بعض مئات المشجعين للمرشّح السابق في صفّه، فالأكيد أنه خسر «الكثير» منهم بعد هذا القرار. تعليقات المشجعين على مواقع التواصل الاجتماعي بعد البيان لم تكن مستغربة. عُمر سأله: «الجمهور هتف للحريري في آخر لقاءٍ مع النجمة، هل هناك أوضح من ذلك؟». أما فادي، فرأى أن صفحة نادي الأنصار هي صفحة رياضية وليست منصة سياسية، كاتباً: «لو كان أبوي رئيس النادي وترشّح ضد الحريري، فأنا مع الأخير ضد أبوي». أيضاً، دعاه الكثيرون إلى الاستقالة، بعدما لمسوا أن هدفه الأول كان النيابة، وليس مساعدة الأنصار، الذي لم يفز إلا بلقبٍ واحد طوال السنوات الخمس التي تبوّأ فيها بدر مقعد الرئاسة.
854 صوتاً تفضيلياً كانت حصيلة بدر أي أقل من ربع عدد كراسي المدرج الذي شغله جمهور الأنصار


بدر لم يكن الخاسر الرياضي الوحيد. خصمه عمر غندور، الذي ترأس نادي النجمة لسنوات طويلة، حصل على 329 صوتاً تفضيلياً فقط. ربما لم يُخطئ غندور بحساباته حين قرر عدم الاعتماد على جمهور نادي النجمة، صاحب القاعدة الجماهيرية الأكبر بجميع الألعاب، وذلك لأن جمهور النادي، وغالبية أفراده، لا يصوّتون في بيروت، والذين يصوّتون منهم، أعطوا الصوت التفضيلي، غالباً، للمرشّحين في اللائحة عينها، «وحدة بيروت»، لمحمد خواجة وأمين شري، علماً بأن الأخير، كان قد ترأس نادي العهد سابقاً. فيما ذهب أحد المقاعد إلى عدنان طرابلسي، الذي نال 13 ألف صوت تفضيلي، في اللائحة التي حصلت على 45 ألف صوت.
بعدهما يأتي الرئيس الفخري لنادي الراسينغ، النائب السابق ميشال فرعون. الرجل الذي وعد ببناء ملعبين في منطقة الأشرفية، وبمساعدة النادي الذي يدعمه، إضافةً إلى نادي الحكمة، الذي يعاني عجزاً مادياً، جمع 3214 صوتاً تفضيلياً، أقل من 1500 صوت لنقولا صحناوي. فريق الراسينغ، الذي ربما كان يملك أصغر قاعدة جماهيرية في دوري الدرجة الأولى بكرة القدم، يُمكن حصر حضور مشجعيه بنحو ألفٍ في جميع المباريات الـ22! الأكيد أن فرعون لم ينتظر دعم جمهور الراسينغ الغائب منذ سنوات، واعتمد على التحالفات السياسية، التي خذلته هي الأُخرى. أيضاً، لم ينجح نائب رئيس اتحاد الفروسية جورج عبود بحجز المقعد الكاثوليكي في المتن، حاله كحال الرئيس الفخري للاتحاد اللبناني للمبارزة زياد شويري، الذي ترشّح عن المقعد الماروني في دائرة الشوف وعاليه. بالإضافة إلى الرئيس السابق لنادي طرابلس، وليد قمر الدين، الذي خاض الاستحقاق الانتخابي مع لائحة الوزير السابق أشرف ريفي. في المقابل، الناجحون الذين يملكون خلفيات رياضية، لم يعملوا حقيقةً للحصول على أصوات الجماهير والمشجعين الرياضيين. مثل الدكتور فادي علامة، رئيس نادي شباب الساحل، الذي ترشّح في لائحة «الوفاق الوطني»، وهاغوب ترزيان، العضو السابق في اللجنة الإدارية لاتحاد كرة السلة، الذي فاز بمقعد للأرمن الأرثوذكس في دائرة بيروت الأولى، وكان مدعوماً من حزب الطاشناق. أيضاً، وصل مرشّح الحزب التقدمي الاشتراكي فيصل الصايغ، الذي كان على لائحة تيار المستقبل، إلى المجلس النيابي، وهو الرئيس الحالي لاتحاد «التاي بوكسينغ» والرئيس السابق لاتحاد «الكيك بوكسينغ».
الخُلاصة التي يمكن استنتاجها أن الرياضة كانت ضعيفة في المعركة الانتخابية، والأشخاص الذين اعتمدوا عليها لم ينجحوا، وهذا الأمر يعود إلى أسباب عدة، أبرزها هوية المرشحين والتبعية السياسية المُحزّبة.