تنتمي جورجيت صايغ إلى جيل أسهم في تشكيل الأغنية اللبنانية، بعيداً من التأثير المصري أو غيره. صمد اسمها وأغنياتها التي أدّتها في الستينات وبداية السبعينات في ذهن اللبنانيين، وميّزها صوتها واختياراتها. هي وجه للأغنية اللبنانية «خفيفة الدم» والرومانسية أيضاً، ومن الوجوه التي غابت قسراً عن المسرح والشاشة والإنتاج والإعلام. جورجيت صايغ هي محطة «متروفون» الجديدة في «مترو المدينة» هذا المساء، على أن تتبعها أخرى في 2 أيار (مايو) المقبل، في إطار استكمال استعادة أعمال وشخصيّات غيّبتها توجّهات الإنتاج الاستهلاكي في المجال الفنّي، أو لم تنل حقّها في التسويق. قبل صايغ، أحيت هذه المبادرة أرشيف منى مرعشلي، ووداد، ونهاوند، وفريال كريم، وسمير يزبك، ونهاد طربيه، ونجاح سلام، وحليم الرومي، وغيرهم.
بناءً على سيرة هؤلاء وتأريخ بداياتهم الفنيّة، نستنتج أنّ أحداً من «المغنّين/ات» الذين يملأون الشاشات والإذاعات اليوم لا يستطيع النجاح لو أراد الغناء في زمن جورجيت صايغ وجيلها مثلاً. فتكفي الشروط التي كانت مفروضة آنذاك في الصوت والأداء، لينال الموهوب/ ة حظّ وشرف الصعود على خشبة المسرح، أو الغناء في الإذاعة. في سنّ الـ 16، تقدّمت صايغ لتجربة أداء أمام الرحابنة، ونالت الإعجاب بعد غنائها «جيب المجوز يا عبود» للراحلة صباح، التي أصبحت صديقتها ودعمتها في البدايات. وحين تمّ اختيارها، وقّع والدها العقد لأنّها كانت قانونياً قاصراً. في كنف الرحابنة وعلى مدى أكثر من عشر سنوات، شاركت في أغلب أعمالهم في الستينات، أي في الإنتاجات المسرحية للأخوين منصور وعاصي، ومع الياس أيضاً. ثم شاركت في العمل المسرحي الأوّل لزياد الرحباني «سهرية» بدور البطولة (ياسمين إبنة نخلة التنين)، كما عملت وغنّت مع ملحم بركات، وفيلمون وهبي، وصباح، ووديع الصافي، وآخرين.
مع اندلاع الحرب الأهلية عام 1975، انتقلت إلى دمشق حيث غنّت وانطلقت منها إلى سهرات في العالم العربي. وبعدما وضع القتال أوزاره، عادت جورجيت إلى المسرح والغناء أكثر من مرّة، حتى نهاية التسعينات حين ضربت عاصفة إنتاجات ما بعد الحرب وبدأ الزمن الرديء للأغنية اللبنانية، والعربية عموماً.
إذاً، يستعيد «متروفون» الليلة مجموعة من أعمال الفنانة اللبنانية بصوت كوزيت شديد، منها: «نطَّرني»، و«وينك وينك يا هالليل»، و«يا بو مرعي»، و«الدكتيلو»، و«في عيون بتضحك»، و«كنّا سوا»، و«طير وفرقع يا بوشار»، و«دلّوني عالعينين السود»، و«بلغي كل مواعيدي»… أغنيات بسيطة وقريبة من المستمع، لكنّ بعضها ليس سهلاً على المغنّي، بسبب سرعة الإيقاع والطبقات العالية. أما الفرقة الموسيقية، فتتألف من: سماح بو المنى (أكورديون)، وفرح قدّور (بزق)، وخالد عمران (باص)، وأحمد الخطيب (إيقاع)، على أن يتولى هشام جابر مهمّة تقديم الشخصية وأعمالها، ويروي للجمهور محطات من قصّتها.

* اليوم و2 أيار ــ الساعة التاسعة والنصف مساءً ــ «مترو المدينة» (الحمرا ــ بيروت). للاستعلام: 76/309363