وبالتوازي، نجح الجيش في تحرّكه العسكري جنوب عين ترما، بفرضه سيطرة كاملة على منطقة الوادي والمزارع، والتقاء قواته المتقدمة من الشرق مع تلك المتمركزة في محيط مصنع اللحوم. وتعد السيطرة على هذه المنطقة واحداً من أهم المفاصل في عمليات الغوطة، لكونها بقيت لسنوات النقطة الأكثر تحصيناً في وجه محاولات الجيش للتقدم من محيط جرمانا والمليحة، نحو عين ترما وكفربطنا. وفيما بدأ الجيش تفكيك شبكة الخنادق والدفاعات في منطقة المزارع، ينتظر أن يستكمل تحركه للسيطرة على عين ترما، في حال فشل مسار التفاوض مع «فيلق الرحمن». ومن شأن أي تقدم للجيش، ولو لمسافة مئات الأمتار في غربي عين ترما بمحاذاة المتحلق الجنوبي، أن يعزل المسلحين المتمركزين في حي جوبر من الجهة الشرقية، وهي الأقل تحصيناً. أما في الجيب الذي يسيطر عليه «جيش الإسلام»، وبرغم إصرار الأخير على عدم خوضه مفاوضات مع الجانب الحكومي، خرج مئات من المدنيين أمس عبر معبر مخيم الوافدين، نحو مراكز الإقامة المؤقتة في عدرا ومحيطها. ونقلت وزارة الدفاع الروسية في بث مباشر عملية الخروج التي استمرت لساعات طويلة منذ الصباح. وشارك الهلال الأحمر العربي السوري في مساعدة المدنيين الخارجين وتقديم المساعدة والرعاية اللازمة لهم، كما أظهرت الصور استخدام حافلات لنقل المدنيين من أطراف دوما إلى نقطة الهلال الأحمر في محيط المخيم، فيما أعلنت مصادر رسمية سورية أن العدد الإجمالي للمغادرين أمس، تجاوز 4 آلاف. وبالتزامن، شهدت أحياء مدينة دمشق سقوط أكثر من 15 قذيفة صاروخية، تسببت بوقوع ضحايا بين المدنيين وأضرار مادية كبيرة. وتوزعت القذائف بين أحياء أبو رمانة والدويلعة وبرزة، إلى جانب مناطق عرنوس وشارع خالد بن الوليد والبحصة والمرجة وشارع بغداد.
زار وفد عسكري ودبلوماسي أميركي مدينة منبج
على صعيد آخر، شهد الشمال السوري تطورات لافتة أمس، بعد نشاط التصريحات التركية حول التفاهمات التي تم التوصل إليها مع واشنطن بشأن مدينة منبج، وفي موازاة اتصال هاتفي جديد جمع الرئيسين دونالد ترامب ورجب طيب أردوغان. إذ نشرت عدة مواقع إعلامية مقربة من «قوات سوريا الديموقراطية» صوراً من زيارة وفد أميركي عسكري ودبلوماسي لمدينة منبج، مؤكدة أنه بمثابة رسالة دعم وتأكيد لحمايتهم من التهديدات التركية. وبينما لم يصدر أي تصريح أميركي حول تلك الزيارة، أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أن بلاده ترغب في «الحفاظ على الاتفاق» الذي توصلت إليه مع الولايات المتحدة الأميركية، عقب تعيين وزير الخارجية الجديد، مضيفاً أن نائب وزير الخارجية الأميركي جون سوليفان (الذي زار أنقرة تحضيراً لزيارة ريكس تيلرسون والتفاهم حول منبج)، ووكيل وزارة الخارجية التركية أوميت يالجين، سوف يلتقيان «عندما يسمح جدول أعمالهما»، على أن يستمر عملهما حتى «يتم تعيين وزير جديد... وحتى نتمكن من المرور إلى مرحلة التنفيذ في أقرب وقت ممكن». وقال مجدداً إن الخطة المفترضة تتضمن انسحاب «وحدات حماية الشعب» الكردية، من منبج، لتتخذ تركيا والولايات المتحدة «إجراءات مشتركة لضمان الأمن والاستقرار هناك»، ليتم بعدها العمل على إدارة المدينة من خلال «مراعاة العوامل الديموغرافية». وأضاف أنه «بمجرد تطبيق خريطة الطريق تلك على منبج، بنجاح، سوف ننتقل إلى المدن الواقعة شرق الفرات حيث سيتم تنفيذ النموذج نفسه».
وفي موازاة الزيارة الأميركية لمنبج، تفقد رئيس هيئة الأركان التركي، خلوصي أكار، الوحدات العسكرية والمخافر الحدودية في ولاية كلّس، برفقة عدد من كبار ضباط الجيش التركي. وشملت الزيارة كلاً من معبر «أونجو بينار» (باب السلامة) ومواقع في ولاية غازي عنتاب. وكان لافتاً أنه عقب الزيارة بساعات، شهدت منطقة معبر باب السلامة وعدد من بلدات ريف حلب الشمالي، تحركات احتجاجية، على تحييد منطقة تل رفعت عن أهداف عملية «غصن الزيتون» التركية. الاعتراض جاء ليعكس ما جرى الحديث عنه من تفاهمات روسية ــ تركية على وقف تمدد العمليات العسكرية نحو مناطق تمركز الجيش السوري في تل رفعت ومحيطها. وبالتوازي شهدت المنطقة غربي بلدتي نبّل والزهراء تقدماً جديداً للفصائل العاملة ضمن «غضن الزيتون»، إذ سيطرت على بلدات باصوفان وكفرنبو وبرج حيدر.