المندوبة الأميركية إلى مجلس الأمن نيكي هايلي، وخلال إعلانها عن توجّه بلادها أمس، هاجمت روسيا «لعدم التزامها بما تم التوافق عليه» قبل تبنّي القرار «2401»، بعدما «وضعت شروطاً» لوقف إطلاق النار. وشكّكت في «قدرة روسيا على التأثير في نظام الأسد لوقف التدمير المروع... ولوقف استخدام الأسلحة الكيميائية». وتساءلت هايلي: «هل انقلب الوضع في سوريا، وباتت روسيا الآن أداة بيد الأسد؟ أو أسوأ من ذلك، بيد إيران؟». وقالت إن بلادها، خلال المفاوضات، أبلغت جميع الأطراف بضرورة التحرك «إذا لم يتم الالتزام بوقف إطلاق النار... ووافق أعضاء مجلس الأمن على ذلك»، مضيفة أن المشروع الذي قدمته بلادها «لا يحتوي على ثغرات مكافحة الإرهاب... ويركز على مدينة دمشق والغوطة الشرقية» فقط. وذكّرت بتحرك بلادها العسكري عقب «فشل مجلس الأمن» بعد هجوم خان شيخون، مؤكدة أنها مستعدة للتحرك مجدداً.
أعلنت أنقرة أنها توصّلت إلى «تفاهمات» مع واشنطن بشأن منبج
اللافت في التهديدات الأميركية هذه المرة أنها ترافقت مع تحركات عسكرية مهمة على الأرض، وخاصة في أرياف درعا، المنضوية ضمن اتفاق «تخفيض التصعيد» الذي تعدّ واشنطن أحد ضامنيه. فمنذ أيام، تتحدث الأوساط المعارضة في الجنوب عن قرب إطلاق «عمل عسكري» ضد الجيش السوري، في عدد من المحاور، أبرزها في محيط الطريق الدولي دمشق ــ درعا، حيث برزت بلدة إزرع كأحد أبرز تلك الأهداف المفترضة للعمليات. ويذكّر هذا التحشيد بما جرى من هجوم «استباقي» على إدارة المركبات، قبل انطلاق عمليات الغوطة الأخيرة، وبالهجمات التي أطلقتها «فصائل الجنوب» قبل محاولة الجيش التوغل وقطع طريق ريف درعا الغربي والمدخل الشرقي للمدينة (حزيران 2017). وتأتي حساسية التصعيد على هذه الجبهة، بسبب دخول الطرف الأميركي في «ضمان» وقف إطلاق النار فيها، وهو ما قد يفتح المجال أمام أي تصعيد محتمل من واشنطن ضد القوات الحكومية. وفي تطور ميداني لافت، استبقت قوات الجيش التصعيد العسكري من الفصائل المسلحة، واستهدفت بغارات جوية مواقع عدة في ريف درعا الشرقي، بينها بلدات بصر الحرير والغارية الغربية والحراك، ونقاط في منطقة اللجاة. ويعد هذا الاستهداف الجوي، الأول من نوعه لتلك المنطقة بعد إقرار منطقة «تخفيض التصعيد» في الجنوب. وترافق القصف مع وصول تعزيزات إضافية إلى بلدة إزرع والمناطق المجاورة. وفي انتظار ما سيتمخض عنه التوتر على الأرض في الجنوب، وفي مجلس الأمن، تقدم الجيش أمس في غوطة دمشق الشرقية، وسيطر على بلدة أفتريس، بما يضعه على تماس مع أطراف الكتل العمرانية لبلدات حمورية وسقبا وجسرين. كذلك أمّن الجيش عزل مدينة حرستا عن مدينة دوما، عبر سيطرته على محيط الطريق الرئيس بين المدينتين، في محيط إدارة المركبات.
أما في الشمال السوري، فقد فرض التقدم السريع للقوات التركية تغيرات مهمة على المشهد في محيط عفرين؛ فبالتوازي مع نزوح مئات المدنيين من جيب عفرين الذي يوشك أن يغلق بشكل كامل، دخلت قوات الجيش السوري وحلفائه إلى المناطق التي كانت توجد فيها «وحدات حماية الشعب الكردية» في محيط الطريق الرئيس نحو أعزاز، بين بلدتي الزيارة ومنّغ، وفي غرب بلدتي نبّل والزهراء. البلدات الأبرز التي دخلها الجيش، هي كيمار وبرج القاص وباصوفان (غرب نبّل والزهراء)، وباشمرة (شمال جبل الشيخ عقيل غرب عندان)، ودير جمال ومنّغ على الطريق الرئيس نحو أعزاز. ويأتي تسلّم الجيش وحلفائه لتلك المناطق في خطوة لاستباق التحرك التركي ومنعه من التوسع شرقاً، باتجاه مناطق مهمة في تأمين شمال حلب. وتأتي تلك التطورات في وقت نقلت فيه وسائل إعلام تركية، عن المتحدث باسم الحكومة التركية، بكر بوزداغ، قوله إن المحادثات بين بلاده والولايات المتحدة بشأن وضع مدينة منبج قد وصلت إلى مرحلة متقدمة، وإن وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو سوف يزور واشنطن في التاسع عشر من الشهر الجاري، لبحث هذا الملف. ولم يعط بوزداغ تفاصيل حول طبيعة التفاهمات التي تم التوصل إليها، ولكنه حذّر من أن فشل الولايات المتحدة في الوفاء بالتزاماتها مجدداً، سوف يدفع تركيا إلى تكرار سيناريو عفرين، في شمال شرق سوريا.