سبعون عاماً من اللجوء يعيشها نصف الشعب الفلسطيني، فيما النصف الآخر يختبر «الموت» اليومي في الداخل، سواء على أيدي جنود الاحتلال أو المستوطنين. سبعون عاماً جعلت من «المعاناة» عبارة ملاصقة للمشتتين في أصقاع الأرض. هؤلاء الممنوعون من العيش بكرامة، وتالياً من العودة إلى أرضهم، وإن كانت على مرمى بصرهم. أما النصف الثاني، الذي يعيش في الداخل، فيعيش يوماً بيوم، لا يعرف متى تحين «ساعة» المستوطنين لتقضّ مضاجعهم وتسوي بيوتهم في الأرض، تاركة إياهم بلا مأوى.
على مدى ثلاثة أيامٍ يستضيف المؤتمر 400 شخصية تشارك في فعالياته بينهم 300 ناشط ومشارك أجنبي

النصف في الخارج والنصف في الداخل. هؤلاء هم أصحاب الأرض، ولكنهم مع ذلك لا يملكون حقّ العيش فيها، وهم مستعدون في كل آن للرحيل مع دخول مستوطنين جدد. إلى أين؟ لا أحد يعرف في أي مخيم ستحطّ حياته. فقد تشتتوا بين بلاد لجوء كثيرة، منها لبنان الذي يعيش فيه اللاجئون في اثني عشر مخيماً. يقطنون فيها بلا حول ولا قوة، محاولين قدر الإمكان التكيّف «التدريجي» مع وضعهم المعيشي الصعب. فأغلب المخيّمات التي يقطنون فيها تفتقر للتنظيم المدني والبنى التحتية والخدمات، وأكثر من ذلك، لا تصل الشمس إلى ثلثها، وفي بعض المخيمات، يخشى السكان من انهيار أسقف المنازل على رؤوسهم. في الحديث عن معاناتهم، ربما تختصر عبارة فقدان الحقوق سيرة معاناتهم.
هذا جزء من السيرة التي لم تكتمل بعد، فمعاناة اللجوء التي عاشها الفلسطينيّون ويعيشونها منذ سبعين عاماً، تتكرر في كل لحظة. وفي آخر محطاتها، كانت الحرب السورية التي شردّت لاجئين من بلد لجوء إلى آخر. وفي ما يخصّ حصة لبنان ـ ومعه الأردن ـ من اللجوء الجديد، فقد بلغت نسبة النازحين الفلسطينيين من سوريا إلى البلدين ما يقرب من 55% من إجمالي النازحين السوريين مع نهاية عام 2017، هاجر فيما بعد معظمهم إلى أوروبا عبر الطرق غير الشرعية ولا سيما عبر البحر.
لا يملك هؤلاء من سبل العيش سوى «بطاقة» وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا»، والتي شكلت الدعم شبه الوحيد للاجئين الفلسطينيين في مواجهة ظروف الحياة الصّعبة، والتأكيد الدائم على الحقّ في العودة إلى وطنهم. لكن اليوم، يبدو أن ثمة ما سيتغير... نحو الأسوأ، مع الأونروا عن سياستها التقشفيّة بتقليص الخدمات المقدّمة للاجئين، لا سيّما في قطاعي الصحّة والتعليم، وذلك بسبب عجزها المالي بقيمة واحد وستين مليون دولار، إضافة إلى القرار الأميركي بقطع نصف التمويل عن الوكالة.