على الرغم من الأجواء الإيجابية التي طبعت علاقة الرئيس سعد الحريري وحزب القوات اللبنانية منذ عودة الأول من زيارته الأخيرة للسعودية، والزيارات المتبادلة بين موفدي الطرفين الوزيرين ملحم رياشي وغطّاس خوري، لم تنجز صيغة التحالف العالقة بين الاثنين حتى الآن، في بعض الدوائر الحساسة للطرفين، وخصوصاً دائرة زحلة. حتى دائرة عاليه ــ الشوف، التي سارع تيار المستقبل إلى الإعلان عن إنجاز التفاهم فيها مع القوات والحزب التقدمي الاشتراكي، لا يزال شكل الائتلاف الثلاثي النهائي مبهماً، مع قلق النائب وليد جنبلاط من خسارة قد تصيب أحد مرشّحيه المسيحيين في الدائرة وتحديداً مرشحه للمقعد الكاثوليكي وممول لائحته نعمة طعمة، فضلاً عن استعصاء أزمة تمثيل بلدة برجا على الحلّ.غير أن التفاهم المحتّم على الأرجح في جبل لبنان الجنوبي، يبدو متعثّراً في الدوائر الأخرى، ويمكن القول إن شيئاً جديّاً حتى الآن، «لم يركب» بين القوات والمستقبل.
فبعدما كانت دائرتا زحلة وبيروت الأولى، مساحةً لتحالف مؤكّد بين القوات والمستقبل، حسمت القوات أمرها أمس بالتحالف في الدائرتين مع حزب الكتائب. ووصف متابعون ما قام به الحريري مع القوات في زحلة، كـ«من يرفع مهر ابنته لأنه لا يريد تزويجها». فعرض الحريري «المستحيل» أو «العرض المفخخ»، على القوات، إمّا بالتحالف الثلاثي مع ميريام سكاف أو بالتحالف الثلاثي مع التيار الوطني الحر، وهو يعني في الحالة الأولى خسارة محتّمة لمرشّح القوات، وفي الثانية اصطداماً بطلب التيار الوطني الحرّ إضافة ثلاثة مرشّحين محسوبين عليه، الى اللائحة.
وصل البخاري إلى بيروت أمس، ليصبح رئيساً للبعثة السعودية، بدل اليعقوب


وفيما حسمت القوات أمر عدم تحالفها مع المستقبل، من المفترض أن تبدأ اليوم الاجتماعات الانتخابية بين ماكينتي الطرفين، للبحث في إمكانية التحالف في دوائر عكّار، البقاع الغربي ــ راشيا، بعلبك ــ الهرمل وصيدا ــ جزّين، مع وجود عوائق عدّة لتثبيت التحالف، أولها في البقاع الغربي، بعد إعلان الحريري تبني ترشيح هنري شديد بصورة غير رسمية، فيما تبدو احتمالات التحالف في بعلبك ــ الهرمل مرتفعة لحاجة الطرفين إلى التكاتف لمواجهة لائحة حزب الله وحلفائه.
ومع إعلان أسماء مرشحي تيار المستقبل الـ 38 في معظم الدوائر الانتخابية، وقبله إعلان أسماء مرشحي حزب الله وأمل وباقي الحلفاء والأصدقاء، وكذلك أسماء مرشحي حزب القوات اللبنانية والأحزاب الأرمنية، تكون أسماء أكثر من نصف النواب قد حسمت قبل موعد الانتخابات المقررة في السادس من أيار المقبل. يعني ذلك، أن التنافس الحقيقي وليس «المحسوب»، سينحصر على ربع المقاعد النيابية، في ظل اتجاه يريد أن يستفيد منه معظم اللاعبين الانتخابيين، لأن تتشكل حالات وكتل تتحرك في الوسط ولا تريد أن تتموضع بالسياسة مع هذا أو ذاك من فريقي الصراع الأساسيين.
وعلى مسافة أسبوعين من انتهاء مهلة إعلان اللوائح رسمياً، وصل إلى بيروت، قبيل منتصف ليل أمس، وليد البخاري، ليصبح رئيساً للبعثة السعودية في لبنان، بدل السفير وليد اليعقوب الذي استدعي إلى بلاده، بعدما كان ثامر السبهان قد ساهم في تسميته محل البخاري الذي كان قائماً بالأعمال، وهو من المحسوبين حالياً على نزار العلولا، مسؤول الملف اللبناني في الديوان الملكي السعودي.
وفيما ينعقد مجلس الوزراء، اليوم في السرايا الحكومية، وليس في القصر الجمهوري، لإجراء قراءة أخيرة لمشروع قانون موازنة العام 2018، في ضوء ما أفضى إليه اجتماع اللجنة الوزارية ليل أمس، من أرقام نهائية تضع الدولة أمام «مجموعة من الإجراءات الإصلاحية والتحفيزية»، على حد تعبير وزير المال علي حسن خليل، ينتظر أن يبادر رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى تلقف المشروع، سعياً إلى إحداث صدمة إيجابية عشية مؤتمر باريس 4 المقرر في نيسان المقبل.