قبل تعميم «سلطة أوسلو» لغة التسامح والسلام، كانت بيانات التنظيمات الفلسطينية تُذيَّل بعبارة «الخزي والعار للخونة والعملاء». شركاء «الحل السلمي» أعادوا تدوير الجملة في ماكينة السردية المضادة. هرول العرب قبل العجم نحو التطبيع مع العدو، لتصبح «أدبيات الثورة» مادة تهكمية لدى «الواقعيين» (اقرأ المنبطحين). معاودة إنتاج ثقافة استحالة التغيير واستهداف «الفئة المغامرة» مارسهما 99% من حكومات العالم. النسبة هنا لا تُزعج أنصار الديموقراطية.
في فسحة تكاد تضيق بالشهداء، أعادنا أحمد جرّار إلى كل ما هو واضح ونقي في «الثورة» أمام سُلطة تمنع حتى الموت عن أهل البلد المُحتلين. أبو مازن يحب الحياة... مع الصهاينة.
على بعد مئات الأمتار من بلدة اليامون، حلّت البهجة في مكاتب ضباط التنسيق الأمني لكشف مخبأ «مخرّب نابلس». هم شركاء، والاحتفال من حقّهم. صحيفة «معاريف» أفادت بأن رئيس الوزراء رامي الحمدالله نقل تعليمات محمود عباس لقادة الأجهزة الأمنية بوجوب «إنهاء ملف جرار بالاعتقال أو القتل والتعاون مع الأجهزة الإسرائيلية تعاوناً تاماً». لا جديد في جعبة كبير كبير المفاوضين.
على المقلب الآخر، كانت شهادة جرّار تنفخ الروح في صورة ورمزية «الفدائي». «أجرٌ» إضافي كسبته فلسطين في إحياء لغة من «أيام الطلقة الأولى». اليوم، عندما نقرأ تعبير «الخزي والعار للخونة والعملاء»، لن يكون من «عدّة النضال» أو من بيانات «عفا عليها الزمن». في فلسطين الخائن والعميل والمتخاذل معروفون بالاسم والصورة. هم كثر وهم الطبقة الحاكمة، وخلفهم جيش جرّار من واشنطن إلى تل أبيب مروراً بالبنك الدولي.
شهادة أحمد، ابن الشهيد نصر، تضيف شيئاً من العزاء: بطل استطاع تنفيذ عملية نوعية ثم تخفّى بعيداً عن أعين الصهاينة من العرب واليهود، بعدما نجح وإخوانه في استدراج نخبة العدو إلى كمين. في فلسطين، يشتدّ عود أهل الصراع. شبابها يظهرون ذلك من دون الحاجة إلى المبالغة أو إلى قراءة رغبوية، لكن المأساة هناك في رام الله حيث «الطبقة الثانية» من كيان الاحتلال.
الشهيد القائد محمد الأسود («غيفارا غزة»)، كان يشدّد أمام رفاقه على أن يتعلموا من «تجارب رفاقنا الذين سبقونا في النضال». هو استشهد عام 1973، وبين ما تعلّمه وعلّمه/، وصولاًَ إلى «الأستاذ» أحمد نصر جرّار، تشكّل ويتشكّل جيش من الشهداء. أمام هؤلاء، من المفيد مجدداً أن يُدمغ يومياً أقرب حائط في مكان عام/ مقر حكومي وعند كل من يوصل صوتاً أو صورة أو نَفَساً بعبارة: الخزي والعار للخونة والعملاء.