بعد ثمانية أيام من تراكم النفايات في شوارع العاصمة وقرى جبل لبنان وبلداته، لا تزال الحلول الترقيعية والمؤقتة قيد الدرس والتداول. الحرق في الحاويات خيار شبان الأحياء في بيروت والضاحيتين والرمي في الأودية والأحراج هو خيار البلديات في جبل لبنان. وفيما لم تبرز بعد مبادرة جادّة لحل الأزمة، جدّد النائب وليد جنبلاط اقتراحه بحل المشكلة من خلال تبني خيار ردم البحر عند الحدود الشمالية والجنوبية لبيروت.
تصاعدت أزمة النفايات المفتوحة على كل الاحتمالات، مع استمرار إغلاق الطريق المؤدية إلى مطمر الناعمة – عين درافيل، الذي بات خيار تمديد الطمر فيه «خارج التداول»، وفق ما أكد رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط لـ»الأخبار»، إذ قال إن أياً من المعنيين لم يراجعه أو يتفاوض معه في إعادة فتح مطمر الناعمة – عين درافيل. وجدّد جنبلاط اقتراحه بضرورة الاستفادة من منطقتي برج حمود وخلدة لطمر نفايات العاصمة بيروت والضواحي. ولفت جنبلاط إلى أنه ليس على اطلاع على نتائج المناقصات التي قام بها مجلس الإنماء والإعمار، لكن عدم تقدم أيٍّ من العارضين إلى بيروت والضاحية، وتقدم عارض أو اثنين في بقية المناطق، يشير إلى أن مسألة تحديد مواقع النفايات من قبل الحكومة أمر إلزامي لإنجاح المناقصات.
كلام جنبلاط تناوله بشرح أوسع وزير الزراعة أكرم شهيب، الذي قال لـ«الأخبار» إنه سيتقدم باقتراح متكامل لخيار إنشاء مركزي معالجة وطمر في الكرنتينا وخلدة يخدمان جميع المناطق الخدماتية في بيروت وجبل لبنان. ولفت شهيب إلى أن موقع الكرنتينا يقع على مسافة أمتار من مكب برج حمود، ولا بد لهذا المكب أن يعالج بعد سنوات طويلة على إقفاله، ويستفاد من معالجته بردم مساحات واسعة من البحر بعد إنشاء حاجز صخري، وعندها يمكن بناء مركز معالجة بمواصفات دولية، وأن يجري التخلص من عوادم النفايات ومن أعمال ردم جبل النفايات في برج حمود، وحين يكتمل هذا المشروع ينتج مساحة كبيرة ضمن منطقة مهمة من الناحية الاقتصادية والخدماتية للعاصمة، ويمكن الاستفادة منها في العديد من المشاريع. وأضاف شهيب: «أما في موقع الكوستابرافا في خلدة، فإن جبل الأتربة الناتج من مخلفات الردم من عدوان تموز ٢٠٠٦، هو موقع مثالي للردم، وهذه المنطقة أساساً فيها موقع للصرف الصحي منذ سنوات، ويمكن أيضاَ الاستفادة من المساحة التي ستردم لبناء معمل للمعالجة وطمر عوادم النفايات، وإنشاء سنسولين في «الكرنتينا» و»الكوستابرافا» لنفايات بيروت والضاحيتين، وبلدية بيروت تملك المال اللازم لهذا الحل. ولا ننسى أن المنطقة الأبرز على شاطئ وسط بيروت كانت مكب النورماندي، وهي اليوم من أغلى مناطق لبنان. وكذلك هناك تجربة ناجحة بردم مكب صيدا، وهذه التجارب لا مناص من تكرارها، لأن ساحل جبل لبنان الممتد من الدامور وصولاً إلى المدفون، وعند ارتفاع ٣٠٠ متر لا يوجد فيها مساحة مؤهلة لاستقبال مطامر، وجرت مواجهة جميع الاقتراحات السابقة لإقامة مطامر فيها برفض شعبي كبير من حبالين إلى حصرايل، وصولاً إلى الجية وغيرها».

جنبلاط: خيار التمديد
لمطمر الناعمة ـ عين درافيل خارج التداول


وعلمت «الأخبار» أن النائب طلال أرسلان الذي يعارض خيار استخدام موقع الكوستابرافا لطمر النفايات، قد شارك في اجتماع عقدته أمس بلدية الشويفات لبحث تداعيات أزمة النفايات.
وأكد أرسلان لـ«الأخبار» أنه أجرى اتصالاً بالرئيس نبيه بري وأكد الطرفان رفضهما القاطع والحاسم لاقامة مطمر في الكوستابرافا.
بدوره تابع وزير البيئة محمد المشنوق، جولة من الاتصالات للتوافق مع البلديات على اختيار مواقع للتخزين المؤقت للنفايات المكبوسة والمغلفة التي اقترح ترحيلها من مركزي الفرز والمعالجة في العمروسية والكرنتينا إلى عقارات مكشوفة، تمهيداً لإعادة نقلها نهائياً إلى المواقع الجديدة التي يفترض أن يتسلمها ويديرها العارضون الجدد بعد فضّ المناقصات وإطلاق مرحلة التلزيم. وقال المشنوق: «إننا لن نطمر النفايات، بل ستوضَع في أماكن معينة إلى حين إيجاد حل لها»، مشدداً على «أننا لن نتعامل مع المواطنين بالقوة، بل نعتمد على التجاوب من الأهالي والبلديات».
وبعد لقاء مع رئيس حزب «الكتائب» سامي الجميّل وعدد من رؤساء اتحاد بلديات جبل لبنان، أمل المشنوق «أن يكون هناك تجاوب كامل عند إعلان الأماكن التي ستُختار لوضع النفايات فيها مؤقتاً»، متمنياً أن تحصل اجتماعات في مناطق أخرى لحل الأزمة.
وقالت مصادر لـ»الأخبار» إن المواقع التي لمّح إليها المشنوق لا تتضمن اللائحة القديمة التي وزعها وتضم مواقع لمكبات في مختلف المناطق اللبنانية. وفيما لا تزال بلدية بيروت تراهن على نجاح مبادرتها لنقل نفايات العاصمة إلى موقع سرار في عكار أو صيدا، تصاعدت الحملة العكارية الرافضة لهذا الخيار. وانضم النائب هادي حبيش وعدد من رجال الدين إلى الحملة، معلنين رفضهم هذا الخيار، ومؤكدين استعدادهم لمواجهته بكل الطرق المتاحة. وعمّا أُشيع عن استعداد معمل «الهضم اللاهوائي» الذي تديره شركة IBC في صيدا لاستقبال ٢٥٠ طناً من نفايات بيروت، أكدت مصادر لـ»الأخبار» أن نائبي المدينة بهية الحريري وفؤاد السنيورة يتخوفان من ردّ الفعل الشعبي على هذا الخيار، وقد طلبا الحصول على استفسارات بشأن هذا الخيار من إدارة المعمل، خصوصاً لجهة قدرته الاستيعابية، كي لا يتحول هذا الخيار من المعالجة إلى الطمر العشوائي في الحوض البحري.
ومن الشوف مروراً بالإقليم والساحل والضواحي، وصولاً إلى بيروت، تصاعد خلال اليومين الماضيين خيار حرق النفايات في الطرقات، رغم التحذيرات المتكررة والنداءات التي أطلقتها الجهات المعنية، وأمكن «الأخبار» رصد أعمال الحرق المكثف في نفق سليم سلام وفي الطريق الجديدة وفي الأوزاعي، كذلك شوهدت آلية للجيش اللبناني ترمي النفايات على حاويات تشتعل فيها النيران عند شارع عمر بيهم بالقرب من المستشفى العسكري. واستمر عدد من بلديات الضاحية بنقل النفايات إلى موقع الكوستابرافا وردمها في جبل الأتربة هناك.
وأصدرت وزارة الزراعة بياناً طلبت فيه من جميع البلديات واتحاد البلديات عدم رمي النفايات في المساحات الحرجية التابعة لها، وعدم حرقها أو طمرها، لما فيه من أثر سلبي عليها لناحية التلوث البيئي والتسبب بحرائق الغابات. وحذرت الوزارة المخالفين بتطبيق القوانين المرعية الإجراء وإحالة المرتكبين إلى القضاء المختص. وطلبت الوزارة من المجتمع المدني الإسهام في الإبلاغ عن أي شكوى إلى أقرب مركز من مراكز الأحراج المنتشرة في جميع المحافظات.