رأى رئيس تحرير موقع «ميدل إيست آي» البريطاني ديفيد هيرست، أن مؤتمر منظمة «التعاون الإسلامي» حقّق عدداً من الأهداف، واتخذ قراراً تاريخياً بالاعتراف بالقدس الشرقية عاصمةً لدولة فلسطين، ما وضع 57 دولة ضد خطة إسرائيل الصريحة لتوحيد مدينة القدس تحت رايتها. وقال هيرست إن «هذه الخطوة ألقت بكرةٍ دبلوماسية ثقيلة تطوف العالم، وستدور بصورةٍ مستقلة عن إرادة إسرائيل أو أميركا، وقد تتدحرج عبر آسيا وأميركا اللاتينية وإفريقيا، وتجعل من الصعب على الدول الأخرى أن تنقل سفاراتها إلى المدينة بهدوء»، مشيراً في الوقت ذاته إلى إلغاء نائب الرئيس الأميركي مايكل بنس زيارته لإسرائيل.
وفي السياق، أشار هيرست إلى أن القمة «وضعت فلسطين مرةً أخرى في قلب العالم الإسلامي»، موضحاً في الوقت ذاته أنه «نتيجةً لذلك، غاب الصراع الإسرائيلي ــ الفلسطيني البالغ الأهمية عن الأنظار».
من جهة أخرى، لفت رئيس تحرير «ميدل إيست آي»، إلى أن «قمة المنظمة همّشت المؤتمر الذي أعده وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان من أجل دونالد ترامب في الرياض في أيار الماضي». وقال إنه «بدلاً من مؤتمرٍ يعظ فيه رئيسٌ أميركي الزعماءَ المسلمين حول التطرف الإسلامي، برز مؤتمرٌ آخر اجتمع فيه زعماء مسلمون ليعظوا الرئيس نفسه بشأن الأصوليين في بلاده»، مضيفاً أنه «لهذا السبب، وبعدما أدرك السعوديون أنَّ القمة على وشك سرقة الأضواء منهم، أصيبوا بالذعر».
ومن هذا المنطلق، لفت هيرست إلى أن «السعوديين أرسلوا وزيراً صغيراً للشؤون الإسلامية إلى إسطنبول، ومنعوا تغطية الحدث عبر وسائلهم الإعلامية، وبدلاً من ذلك، أمروا ببث قصةٍ أخرى حول تغطية قناة الجزيرة لاحتجاجات القدس التي وصفوها بأنَّها كانت تحريضاً على العنف».
وبنظر الكاتب البريطاني، فإن الأهم من ذلك أنّ «إسطنبول وضعت الأسس لإعادة اصطفاف الدول العربية، ولفتت الأنظار إلى رفض اثنين من القادة العرب المؤيدين للغرب، هما الملك الأردني عبدالله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس، لموقف حلفائهما المعتادين في واشنطن». وأوضح، في هذا المجال، أن «الملك عبدالله هو رئيس ثاني دولةٍ عربية تعترف بإسرائيل، أمَّا عباس فهو الزعيم الفلسطيني الذي كرّس حياته للتفاوض على حل الدولتين، الذي لم يعد متاحاً الآن».

ضغط السيسي
على عباس حتى لا يرأس الوفد الفلسطيني


كذلك، أشار إلى أنه «إدراكاً لأهمية ما كان على وشك الحدوث في إسطنبول، بذلت السعودية ومصر جهوداً مُضنية لمنع عبدالله وعباس من الذهاب»، موضحاً أن «التقارير أفادت بأن عبدالله وعباس استُدعيا لعقد اجتماعٍ عاجل في القاهرة، لكن لم يلبِّ الدعوة سوى عباس».
من هنا، كشف الكاتب البريطاني أن مصادر مطلعة أخبرته بأن «السيسي ضغط على عباس حتى لا يرأس الوفد الفلسطيني إلى إسطنبول، بهدف تقليل أهمية المؤتمر». وقال: «لمساعدته على رفض دعوته إلى إسطنبول، انتشرت أنباءٌ زائفة تفيد بأنَّ عباس قد أصيب بجلطةٍ دماغية، لكنَّ عباس تجاهل كل هذا». وفي الوقت نفسه، «استُدعِيَ الملك عبدالله إلى الرياض وطُولب بعدم حضور قمة إسطنبول. ولم يلبث الملك عبدالله سوى بضع ساعات في الرياض، ثم غادر إلى إسطنبول».
ووفق الكاتب، فقد بعث حضورهما المؤتمر رسالةً إلى السعودية وأميركا «تفيد بأنَّ اتفاق الرياض مع ترامب لا يقبله كلٌّ من الأردن وفلسطين، وتدعم الدول الإسلامية هذا القرار».
(الأخبار)