السؤال عن علاقته بالمسرح، كان يعيد جلال خوري دائماً إلى الذكرى المسرحية الأولى العالقة في ذاكرته. كان ذلك في وقت مبكر، حين اصطحبته والدته في العاشرة من عمره إلى «الوست هول» في «الجامعة الأميركية في بيروت» لحضور مسرحية «الكركون» للثنائي محمد شامل وعبد الرحمن مرعي. لكن الطريق إلى المسرح لم تكن مباشرة للمخرج والكاتب المسرحي اللبناني الذي ولد في بيروت عام 1934.
تأثيرات مبكرة كثيرة تلقاها خوري من والده الخياط والرسام الشيوعي الذي دفعه مرضه إلى التوقف عن دراسة الآداب ومزاولة مهنة تصميم الأزياء والخياطة في مشغل العائلة. بعدها عمل لفترة مصوّر أزياء مع تفتح وعيه وإدراكه على بناء اللوحة والمشهد بسبب رسومات والده. بدايته الصحافية، كانت في عمله كمحرر رياضي في مجلة «سبورت ماغازين» عام 1951. أما العلاقة الأولى بالحياة الثقافية في لبنان، فكانت كتابته في النقد الفني، في جريدة «لوسوار» (Le Soir) بدءاً من سنة 1958، قبل انتقاله إلى الكتابة في النقد الفني في جريدة الـ «أوريان» وملحقها الأدبي. المسرح بالنسبة إلى خوري المخرج والمؤلّف، كان خارجاً من انشغالات في الكتابة والحوار وبناء الشخصيات ومن الواقع. مشاركته المسرحية الأولى كانت كممثل عام 1962 في مسرحية «بانتظار غودو» لبيكيت باللغة الفرنسية في «المركز الجامعي للدراسات المسرحية»، مع كريستيان غازي وشريف الخزندار. عام 1967، سافر إلى فرنسا بعد نيله منحة من الحكومة الفرنسية للعمل في «المسرح الوطني الشعبي» في باريس، لتتزامن عودته إلى وطنه مع انطلاقة مسرحية احترافية كتابة وإخراجاً. شغل خوري منصب رئيس «اللجنة الدائمة للعالم الثالث» في «مؤسسة المسرح» التابعة لـ «اليونسكو» بين عامي 1973 و1977. عمل أستاذاً في «معهد الدراسات المسرحية» في «جامعة القديس يوسف» في بيروت لمواد مختلفة أبرزها «مسارح الشرق الأقصى»، الثقافة التي انصرف إلى البحث فيها خلال الفترة الأخيرة من حياته. أما العمل السياسي، فلم يغب عن خوري الذي ترشّح العام الماضي إلى الانتخابات البلدية في جونية ضمن حركة «مواطنون ومواطنات في دولة» مع شربل نحاس، فيما بقيت مواقفه راديكالية وحادّة من التطبيع الثقافي مع العدو الإسرائيلي، عبر عنها أخيراً بالتزامن مع قضية زياد دويري.