ردّاً على قرارات مجلس الوزراء وبلدية بيروت حول اعتماد خيار حرق النفايات، تأسس في لبنان "ائتلاف إدارة النفايات" يضم مجموعة من الخبراء في مجالات البيئة والصحة والاقتصاد وناشطين حقوقيين وبيئيين وجمعيات مختلفة، ركز بداية على بلدية بيروت، بسبب غموض وضع الحكومة بعد استقالة رئيسها (والتريث في السير بها)، فوجه الائتلاف كتاب إنذار إلى رئيس وجميع أعضاء مجلس بلدية بيروت طالبين منهم العدول عن قرار اعتماد المحارق كحل لإدارة النفايات الصلبة في مدينة بيروت لما له من ضرر كبير على البيئة وصحة المواطنين والاقتصاد اللبناني. معتبرين هذا الإنذار بمثابة مستند لرفع دعاوى مستقبلاً على كل من ساهم في تلويث أجواء العاصمة والتسبب بأمراض يرونها أكيدة في حال تشغيل محرقة.يأتي هذا الإنذار بعد ان وافقت الحكومة في جلستها المنعقدة في ٢٦ تشرين الاول ٢٠١٧ على دفتر الشروط العائد لاعتماد التفكك الحراري وبعد أن كان المجلس البلدي في بيروت قد أقر أيضاً مبدأ اعتماد المحارق للتخلص من النفايات (قرار رقم 595 تاريخ 25/10/2016).
أنذر الائتلاف أعضاء البلدية بوجوب الرجوع عن القرار والتقيّد بمبدأ الاحتراس ورفض المحارق لتجنيب سكان بيروت وضواحيها التعرض لمزيد من الأمراض. وجاء في الكتاب أن الائتلاف يحمّل البلدية مسؤولية اتخاذ قرار اعتماد المحارق أو ما تسميه "التفكك الحراري" تحت طائلة مراجعة القضاء المختص. وحمّلها مسؤولية كل ضرر صحي، بيئي، اقتصادي، آني ومستقبلي قد يحصل نتيجة استخدام هذه التقنية واتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة لمحاسبة متخذي هذا القرار.

مخاطر صحية واقتصادية

وضمّ الكتاب نقاطاً عدة أبرزها أن نوعية النفايات في لبنان غير صالحة لإنتاج الطاقة والكمية الصغيرة التي ستنتج ستكون على حساب حرق النفايات الصالحة لإعادة التدوير وعلى حساب صحة المواطن.
وان المحارق تولد رماداً متطايراً مصنفاً كنفاية خطرة منذ عام 1994 وفق معايير اتفاقية بازل. يحتوي هذا الرماد على ملوثات عضوية ثابتة شديدة السمية، وخصوصاً الديوكسين والفوران، التي لها تداعيات خطيرة على الصحة العامة بحسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية، تتسبب هذه الملوثات أمراضاً خطيرة كالتشوهات الخلقية والسرطان.

قطر تلوث محرقة في بيروت سيمتد إلى برج حمود والزلقا والحدث وحارة حريك وخلدة

كما أظهرت وزارة البيئة اللبنانية في دراسة لها حول تقييم الأثر البيئي الاستراتيجي لخطة إدارة النفايات الصلبة عام 2015 أنه سيكون للمحارق الأثر البيئي الأخطر على لبنان مقارنة مع غيرها من التقنيات. واستناداً إلى محاكاة علمية أجريت في الجامعة الأميركية في بيروت AUB حول كثافة ومساحة انتشار الانبعاثات الهوائية التي ستنتج عن عملية تشغيل محرقة النفايات، تبين أن هذه الانبعاثات السامة سوف تعرّض ما لا يقل عن نصف سكان مدينة بيروت أي ما يقارب 500,000 نسمة لمخاطر صحية محدقة، في حال وضعت المحرقة في الكرنتينا - كونها ستطال المناطق التالية: شمالاً من الكرنتينا لغاية منطقة الزلقا وسيكون عبء 50% من الدخان المتصاعد على برج حمود و30% منه على منطقة الأشرفية، كما سيصل شرقاً لغاية منطقة الحدت وحارة حريك وجنوباً إلى تخوم منطقة خلدة.

مخالفات قانونية

ويرى الكتاب أن خيار الحرق يخالف القوانين والاتفاقيات الدولية كاتفاقية ستوكهولم المتعلقة بالملوثات العضوية الثابتة المصادق عليها من قبل الجمهورية اللبنانية بموجب القانون 2002/432 والتي تنصّ على: "ضرورة التقليص من انبعاثات مادة الديوكسين وهي مادة مسرطنة للإنسان والتي تدعو الى عدم استعمال التكنولوجيا المولدة لمادة الديوكسين مثل المحارق". ومخالف لقانون العقوبات اللبناني، لا سيما المادة 11 منه التي تنص على أنه "تعتبر من الجرائم البيئية" مخالفة القوانين والأنظمة المتعلقة بحماية الهواء والماء والتربة من التلوث". ومخالف لأحكام قانون البيئة رقم 2002/444 الذي ينص على أن "على كل شخص طبيعي أو معنوي عام أو خاص في معرض ممارسة نشاطه أن يلتزم بعدم انبعاث أو تسرب ملوثات للهواء بما فيها الروائح المزعجة أو الضارة... أو بما يجاوز الحدود القصوى المسموح بها ...". كما نص على أنه يحظر حيازة أو استعمال أو استثمار آلات أو محركات أو مركبات ينتج عنها انبعاث أو تسرب ملوثات للهواء بما فيها الروائح المزعجة أو الضارة أو بما يتجاوز الحدود القصوى المسموح بها....".

خلاف التسلسل الهرمي

ويشير الكتاب الى الوثيقة التي صدرت عن الاتحاد الأوروبي في كانون الثاني عام 2017 حول دور تحويل النفايات إلى طاقة في الاقتصاد الدائري يؤكد على اعتماد الاقتصاد الدائري وتقييم الموارد من النفايات ويضع حظراً على المحارق الجديدة. وتشير الوثيقة إلى أنه "من المهم التأكيد على أن التسلسل الهرمي لإدارة النفايات يعكس أيضاً على نطاق واسع الخيار البيئي المفضل من ناحية تغير المناخ: فعملية التخلص من النفايات في مطامر صحية أو عن طريق الحرق مع عدم أو القليل من استرداد الطاقة، عادة ما يكون الخيار الأقل ملاءمة للحد من انبعاثات غازات الدفيئة؛ وبالمقابل، فإن التخفيف من إنتاج النفايات وإعادة استخدامها وتدويرها لديها أعلى إمكانية للحد من انبعاثات غازات الدفيئة.




أهداف «ائتلاف إدارة النفايات»

الائتلاف هو مجموعة من المنظمات والناشطين البيئيين التقوا على تنسيق الجهود لإدارة ومعالجة سليمة للنفايات الصلبة في لبنان عموماً، وبيروت خصوصاً، في ظل انعدام الرؤية والاستراتيجية الشاملة لهذا القطاع وتعددّ الطروحات وفشل السلطات الوطنية في إيجاد حلول مستدامة صحياً وبيئياً. والهدف من الائتلاف هو الضغط على السلطات المعنية بإدارة النفايات الصلبة لوضع وتطبيق استراتيجية مستدامة وخطة تنفيذية لإدارة هذا القطاع. يعمل الائتلاف على تحقيق أسس تشاركية متكاملة للنفايات تبدأ بالتخفيف من إنتاجها أولاً، ثم إعادة استعمالها، وإعادة تدويرها وتصنيعها، واسترداد القيمة منها، وتنتهي بالتخلص النهائي عبر التقنيات المناسبة للواقع الوطني والتي تحترم المعايير البيئية الوطنية والعالمية.أما أعضاء الائتلاف فهم: بيروت مدينتي، طلعت ريحتكم، غرين بيس المتوسط/ العالم العربي، صحة ولادنا خط أحمر، سيدر إنفيرومنتال، بدنا نحاسب، تجمع الشويفات مدينتنا، منتدى إنسان، المحامية نادين موسى.