تتخذ الحملة التي يقودها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، ضد خصومه ومنافسيه مساراً تصاعدياً، مع اتساع دائرة التوقيفات التي بدأت يوم السبت الماضي، وكذلك عمليات تجميد الحسابات المصرفية العائدة للشخصيات المستهدفة بتلك التوقيفات. وأفيد، يوم أمس، عن احتجاز المزيد من الشخصيات تحت لافتة «ارتكابها تجاوزات»، وسط توقعات بأن يناهز عددها في نهاية المطاف المئات. بالتوازي مع ذلك، أُعلن ارتفاع الحسابات البنكية المحلية المجمدة، بالتعاون بين النيابة العامة و«مؤسسة النقد العربي السعودي» (البنك المركزي)، إلى 1700 حساب، بعدما بلغت يوم الثلاثاء 1200 حساب.
وتردد أن من بين من طاولتهم أحدث عمليات الاحتجاز أشخاصاً مرتبطين بأسرة ولي العهد ووزير الدفاع الراحل، سلطان بن عبد العزيز، وأن من بين من جُمِّدَت حساباتهم، أخيراً، ولي العهد السابق، محمد بن نايف، وعدداً من أفراد أسرته، لكن لم يتسنّ التأكد من تلك المعلومات من أكثر من مصدر، فيما لم تؤكد السلطات السعودية الأمر ولم تنفِه.
ومع تصاعد حملة الاعتقالات وتجميد الحسابات، تواصل سوق الأسهم السعودية هبوطها اليومي، مُضاعِفة قلق المستثمرين من تباطؤ النمو الاقتصادي. وتراجع المؤشر الرئيسي للسوق السعودية بما يصل إلى 1.1 في المئة، قبل أن يغلق مرتفعاً 0.04 في المئة، فيما بلغت خسائر شركتَي الملياردير ورجل الأعمال المعتقلَين، الوليد بن طلال وناصر الطيار، خلال 3 أيام، 2.5 مليار دولار. ترافق ذلك مع هبوط الريال السعودي إلى أدنى مستوياته مقابل الدولار الأميركي منذ تموز/ يوليو، وارتفاع كلفة التأمين على الديون السعودية من مخاطر العجز عن السداد إلى أعلى مستوى لها منذ تموز/ يوليو أيضاً.
مؤشرات دفعت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني إلى التحذير من «وجود خطر يتمثل في أن تؤدي التحديات السياسية المحلية إلى التحول من ضبط أوضاع المالية العامة، إلى تدابير تعزيز النمو في شكل استثمارات داخل الاقتصاد غير النفطي». وتحدثت «فيتش» عن ثلاثة تحديات تبدو ماثلة أمام ولي العهد، الذي تنذر خطواته الأخيرة بـ«ردّ فعل عنيف قد ينشأ من جانب المحيطين به». أول تلك التحديات «محاولة بعض أعضاء النخبة الحاكمة في البلاد الاقتتال بعد انخفاض نفوذهم»، وثانيها «يرتبط بسياسات مضي المملكة نحو الإسلام الوسطي، الذي قد يدفع إلى غضب المحافظين»، أما التحدي الثالث فـ«إمكانية أن تؤدي إصلاحات خفض العجز إلى سخط الفئات المتضررة».
وعلى الرغم من محاولات السلطات السعودية، منذ يوم الثلاثاء، تهدئة تلك المخاوف، وطمأنة المستثمرين، خصوصاً، إلى أن أنشطة الشركات المحلية والدولية المملوكة كلياً أو جزئياً للأشخاص الموقوفين لن تتأثر، إلا أن محاولاتها لم تفلح، على ما يبدو، في كبح لجام القلق المتصاعد على أكثر من مستوى. ذلك أن «المعارضة (المتنامية) لمحمد بن سلمان داخل الأسرة المالكة ونخبة رجال الأعمال والمؤسسة الدينية يمكن أن تنمو، ما يهدد خطة الإصلاح»، التي تعتمد بدرجة رئيسية على جذب الاستثمارات لتنويع مصادر الدخل، بحسب ما نبه إليه مركز أبحاث «كابيتال إيكونوميكس».
على خط مواز، وفي موقف لافت، شككت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في أن يكون الهدف من وراء حملة الاعتقالات مكافحة الفساد، محتملة ارتباط الحملة بـ«صراعات سياسية». وقالت مديرة قسم الشرق الأوسط لدى المنظمة، سارة ويتسون، إن «إنشاء جهاز جديد ضد الفساد، وحملة الاعتقالات في منتصف الليل، يثيران مخاوف حيال تنفيذ السلطات السعودية اعتقالات جماعية دون تحديد أساس للاحتجاز». وشددت ويتسن على أن «الطريقة الصحيحة (في التصدي للفساد) هي التحقيقات القضائية الدؤوبة ضد الجرائم الفعلية، وليس الاعتقالات الجماعية في فندق فخم».
(الأخبار)