بعدما أثبتت الوقائع والمواقف المعلنة منها والمبيتة إلى جانب الدراسات وأوراق العمل الصادرة عن أصحاب المدارس واتحاد المؤسسات التربوية بكل مكوناته بالجملة والمفرق أن ما يُعلَن غايته واحدة لا غير ألا وهي ضرب المعلمين وإسقاط حقوقهم واستهداف نقابتهم وزرع الشك في نفوس الجسم التعليمي بها وصولاً إلى شرذمة الصفوف ونثر بذور التفرقة على قاعدة العثماني المحتل «فرق تسد»!
وبعدما ظهر أن بعض النقابيين والناشطين، وعددٌ منهم داخل الجسم النقابي، أسهموا في خدمة الهدف الذي يعمل له اتحاد المؤسسات التربوية سواء أكان بعض هؤلاء يتصرفون بخلفية شخصانية أم بطموحات لا تمتّ إلى حقوق المعلمين بصلة أم سواء كان بين هؤلاء من هم مندسون أو برؤوس حامية أو مغرر بهم.
وبعد اللغط المقصود أو غير المقصود الذي نشأ في أوساط الرأي العام أو لدى بعضٍ من لجان الأهل أو عند «قليلي الإيمان» في الجسم التعليمي حول حقيقة الحقوق المكتسبة التي أقرت قانوناً وما يترتب عليها من تبعاتٍ مالية، وحول التشكيك «الهدّام» الذي أخفق في إظهار المجلس التنفيذي الجديد غيرَ آبهٍ في الدفاع عن هذه الحقوق وغيرَ مبالٍ إن فُرِّط بها.
بعد ما سبق ذكره، أرى من واجبي، نقيباً للمعلمين ومؤتمناً على حقوقهم وعلى سلامة العملية التربوية واستمرارية رسالتِها، أن أضع النقاط على الحروف بالنسبة إلى حقوق المعلمين وتوضيح الافتراءات من اتحاد المؤسسات التربوية واللغط المثار جرّاء ذلك، وصولاً الى إنصاف المجلس التنفيذي الجديد الذي يتابع مسيرة الدفاع عن الحقوق النقابية.

أصحاب المدارس: أسقطنا مؤامراتهم!

مؤسفٌ أن يكون اتحاد المؤسسات التربوية غيرَ مدركٍ طبيعة التحولات على صعيد الأداء النقابي. وإذا لم يكن الاتحاد قد أخذ القيادة النقابية في العقد الأخير على محمل الجد إما لأدائها «الغوغائي» إما لطموحاتها الشخصانية المغلفة بالشعارات النقابية، وهذا ما ينقله الجميع عن أرباب الاتحاد، فإنه غير مقبولٍ على الإطلاق ألّا يكون الاتحاد قد لمس جدّية المجلس التنفيذي الجديد للنقابة في الدفاع عن حقوق المعلمين ومكتسباتهم دفاعاً مستميتاً ومستمراً وبنفسٍ طويل وبإرادةٍ صلبةٍ وبكل شفّافية وموضوعية وبعيداً من الطموحات غير النقابية على الإطلاق.
وبدل ذلك كله، وبعد إقرار القانون 46، جُنَّ جنون الاتحاد فوقع في المحظور مخطئاً في الحسابات! وكيف حصل ذلك؟
بدأ الاتحاد حملته ضد حقوق المعلمين خبط عشواء بزعمه أن القانون 46 «غير موجود»! وبعد فشله نتيجة تصدينا له، والاستهجان العارم على الصعيد الوطني العام لهذه المواقف غير الإنسانية على الإطلاق، تراجع الاتحاد خطوةً إلى الوراء وانحدر بتدرجه «بمعركته» فصوّب أولاً على وحدة التشريع، لكنه أخفق، ثم صوّب ثانياً على الدرجات الست في محاولةٍ لإلغائها، فأخفق مجدداً!
وبعد إخفاقه الثاني، لجأ الاتحاد الى مناورة تجزئة الدرجات الست، إلّا أنه أخفق للمرة الثالثة على التوالي!
طيلة كل هذه المحاولات، عزّز الاتحاد معركته بتضليلات قانونية غير موجودة في الأساس، ساهم في جزءٍ منها مسؤولون تربويون كبار. ومن أبرز عناوين هذه التضليلات، دعوة الاتحاد إلى «التريث» في تطبيق القانون 46.
ويهدف الاتحاد من وراء ذلك الى تغطية فشله الذي انحدر متدرجاً والذي كان نتيجةً مباشرة لعدم إدراك الاتحاد حقيقة الأداء النقابي مما دفع به الى تطوير أساليب معركته متلطّياً بهذه التضليلات القانونية.
لكننا نؤكد أننا سنُسِقط هذه المناورة سواء في إضراب الثاني من تشرين الثاني أم من خلال تحركاتنا المقبلة.

لجان الأهل: ابقَوا شركاءنا

أما بالنسبة إلى محاولات أصحاب المدارس الإيقاع بيننا وبين ذوي التلامذة، فإنني أؤكّد باسم نقابة المعلمين على الحقائق والثوابت الآتية.
أولاً: إن أصحاب المدارس هم صلة الوصل بين الهيئة التعليمية والأهالي ولجانهم، وهم المسؤولون أيضاً عن طبيعة العلاقة بين هذين المكونين. فإذا كانت سيئة، يتحمّل أصحاب المدارس المسؤولية عن ذلك.
ثانياً: على رغم محاولات البعض من مكونات اتحاد المدارس الإيقاع بين لجان الأهل والمعلمين، تستمر العلاقة جيّدة وطيّبة بين نقابة المعلمين وأكثرية لجان الأهل مع أن المسؤولين عن بعضها، ولأسبابٍ غير خفيةٍ على أحد، يطلقون مواقف «بطولية» وشاذة يستهدفون من خلالها الجسم النقابي بشخص نقيبه ومجلسه التنفيذي.
ثالثاً: بقدر ما يحصل المعلمون على كامل حقوقهم، بقدر ما تستقيم العملية التربوية برمّتها. لذا، من واجب لجان الأهل وعي هذه الحقيقة والعمل بوحيها دائماً.
وبقدر ما أحرص شخصياً على تمتين العلاقة السليمة والشفّافة مع لجان الأهل، بقدر ما أرى أن قيامها بدورها الكامل في مراقبة الموازنات المدرسية ورفض ما هو «ملغوم» أو مضخّم من ضمنها، يسهم تلقائياً في حصول المعلمين على حقوقهم كاملةً ويصون في الوقت عينه حقوق ذوي التلامذة الى أبعد الحدود.

لا تبطئوا في الانتساب إلى النقابة

تعلمنا التجارب الأخيرة أن لا حقوق تكتسب إلا بوحدة الصف والنضال الدؤوب من ضمن رؤيةٍ مشتركةٍ وتحركاتٍ متلاحقة ومتناغمة بين القيادة النقابية والجسم التعليمي بأسره.
وبقدر ما يكون الجسم التعليمي بكليّته معنياً بحقوقه ومنخرطاً في التحركات النضالية، وبقدر ما يكون تواصله مع القيادة النقابية مباشراً وفعالاً وموحداً في الإطار النقابي، بقدر ما تكتسب هذه القيادة من شرعية قانونية ونضالية وما يمنحها من قوة تأثيرية على طريق تحقيق المطالب المحقة. من هنا، أناشد كل المعلمين في القطاع الخاص الإسراع للانتساب إلى نقابتهم، فنصبح عندها موحَدين ومقتدرين بما يسقط أي محاولة لضرب شرعية النقابة من ناحية أو للاستفراد بالمعلمين وحقوقهم بالجملة والمفرق من خلال الامتناع عن تطبيق القوانين النافذة أو تهديد شبكة الأمان الوظيفي أو منعهم من الانتساب الى نقابتهم.
بانضمامكم إلى النقابة، نرفع لواء قضايانا يداً واحدة ونطور العمل النقابي بما يلبّي تطلعاتكم.
* رئيس نقابة المعلمين
في المدارس الخاصة