ثمة معلومات مغلوطة تسري بين لجان الأهل يسوّقها محامو بعض المدارس من دون أي بحث أو سؤال مرجع قانوني عنها، ومنها أنّه يحق للمدرسة زيادة 10% كحدٍّ أقصى على الأقساط من دون الرجوع إلى لجنة الأهل، أو أنّ الموازنة هي الأوراق الثلاثة التي توقعها الهيئة المالية في اللجنة فقط، أو لا يجوز قانوناً إخراج الموازنة من المدرسة أو أنّه لا يحق لأولياء الأمور الاطلاع عليها، أو أن الموازنة ستمشي حكماً بقرار من الوزارة سواء وقعتها لجنة الأهل أم لم توقعها، وإن لم توقع اللجان يُطرد الأبناء من المدرسة، أو أنّه ليس من حق لجنة الأهل الاطلاع على المستندات والقيود وقطع الحساب، أو أنّه يجب أن شراء القرطاسية والثياب من المدرسة لأنها خاصة بها، وغيرها من الشائعات.
في المقابل، لا يملك الأهل أدوات المواجهة، إذ هناك نقص معرفي لدورهم ودور لجانهم وصلاحياتها في المدارس الخاصة، ويضاف إلى ذلك قلة خبرة أولياء الأمور في المسائل القانونية من جهة وحال التعمية والتزييف في تفسير القوانين الذي تسوقها العديد من المدارس الخاصة لتحمي مصالحها، ما يدفع العديد من لجان الأهل الى تصديقها والتوقيع على الموازنات لأنّ الأهالي ببساطة يثقون بمدارسهم.
الموضوع هنا هو عرض لصلاحيات ودور لجان الأهل وحقوق الأهالي بحسب القانونين 11/81 والمرسوم الرقم 4564 و515/96 ومعهما الاستشارة القانونية المقدمة من وزارة التربية الى وزارة العدل الرقم 75/2015.

مراقبة الموازنة ومواكبة الحياة المدرسية

لجنة الأهل المنتخبة تمثل أولياء الأمور أمام الإدارة المدرسية وهي معنية بجانبين أساسيين، الأول هو مراقبة الموازنة والتصديق عليها أو رفضها، والثاني هو مواكبة الحياة المدرسية، ونعني كل الأمور المتصلة بحياة التلامذة في المدرسة خارج العملية التعليمية مثل النظافة وتدابير الأمان والنقل والطعام والقرطاسية والثياب والتدفئة شرط أن لا يتعارض دورها مع النظام الداخلي للمدرسة.
من المفيد الإشارة إلى أنّ لجنة الأهل تسطر محاضر لاجتماعاتها التي تعقدها كل شهرين على الأقل، ويعد من تغيب 3 مرات من دون مسوغ شرعي مستقيلاً حكماً من اللجنة بحسب المادة 15 من المرسوم 4564، ويتوجب على لجنة الأهل تكليف الفائز الثاني عن كل مرحلة أو إجراء انتخابات لسدّ الفراغ، كما يتوجب على لجنة الأهل إطلاع الأهالي على مضمون اجتماعاتها والحاضرين فيها.

ليس صحيحاً أنه يحق للمدرسة زيادة 10% على الأقساط من دون الرجوع إلى لجنة الأهل

الاستقصاء عن المصارفات في الموازنة

أما الهيئة المالية فهي مؤلفة من أربعة أشخاص، يجري تعيين اثنين من الإدارة وأصحاب الرخصة واثنين من لجنة الأهل يكون دورها:
- جمع المعطيات التي تمكنها من تقويم حاجات المدرسة.
- درس وإقرار مشروع الموازنة الذي تضعه الإدارة المدرسية.
- تقرير وإقرار الزيادات الملزمة المترتبة على المدرسة خلال العام الدراسي بسبب أمور طارئة وقوانين مستحدثة.
مع الإشارة إلى أنّه لا يحق لمندوبي لجنة الأهل في الهيئة المالية اتخاذ أي موقف نهائي داخلها قبل الرجوع إلى لجنة الأهل إلا في حال امتناع لجنة الأهل عن اصدار موقف خلال 15 يوماً (المادة 10 من القانون 515 البند 7 و8).
أما لجهة دور ممثلي لجنة الأهل في الهيئة المالية المذكورة أعلاه، من جمع المعطيات ودرس وإقرار الموازنة، فإن من واجب ممثلي لجنة الأهل السؤال والتدقيق في بنود مشروع الموازنة فهذا يعني حكماً حق لجنة الأهل ومندوبيها في الهيئة المالية في الاطلاع على القيود والمستندات والذي يرد في المرسوم 4564 في المادة 19 منه، بمعنى آخر وجب على لجنة الأهل ومندوبيها الاستقصاء عن المصارفات الواردة في الموازنة والتقصّي مع شركات التأمين عن كلفة تأمين التلميذ لديها ومقارنته مع الأرقام في الموازنة على سبيل المثال، أو سؤال خبير مهندس عن حجم استهلاك المازوت للتدفئة أو الإنارة وكلفتها، أو الاستهلاكات أو عقود الصيانة، يضاف إلى كل هذا الكشف والتدقيق في كل المستندات المرفقة من رواتب المعلمين/ات وعدد ساعات التعليم الفعلية التي يدرسونها ومقارنتها مع الرواتب وإيصالات الضمان وصندوق التعويضات وتقرير خبير المحاسبة والسؤال عن نسبة الـ 15% الواردة في الموازنة ومعرفة مصيرها إذا صُرفت بشكل كامل أم لا، والساعات الإضافية والتعاقد والمكافآت وغيرها.
كذلك نشير إلى أن من حق لجنة الأهل ومندوبيها الحصول على نسخ كاملة من الموازنة الموقعة والاحتفاظ بها.

زيادة العشرة بالمئة

تلجأ العديد من المدارس إلى "حق مزعوم" يتمثل بزيادة ما نسبته 10% كحد أقصى على الموازنة سنوياً لسد احتياجات معينة، بالاستناد إلى فقرة في المرسوم 4564 هي عبارة عن فقرة توضيحية وليست مادة بحد ذاتها وتقول:
«على أن اقصى ما يمكن للمدرسة أن تضع على الأقساط لسد المستجدات على الحاجات هو 10% من قيمة هذه الأقساط. فإذا اقتضت هذه الحاجات زيادة تفوق العشرة بالمئة وجب أخذ موافقة لجان الأهل...» (ثالثاً، أحكام متفرقة ـ المادة 18: بالنسبة للإيرادات البند 3).
في المقابل، تنص المادة 3 من القانون 515 «البند 4 الفقرة ب»:
«اذا استجدت أعباء إضافية اقتضتها قوانين وأنظمة مستحدثة وجب على إدارة كل مدرسة أن تضع ملحقاً بمجمل هذه الأعباء، وما يلحق القسط من زيادة نسبة إلى المرحلة التعليمية نتيجة قسمة هذه الأعباء على عدد التلامذة المعتمد لاحتساب القسط، وترسل نسخة إلى مصلحة التعليم الخاص موقعة من مدير المدرسة ورئيس لجنة الأهل أو مندوبي اللجنة في الهيئة المالية...».
إذاً المادة 3 من القانون 515 وهذه الفقرة تحديداً تلغي المادة 18 من القانون 11/81 والتي تحدد أصلاً الإيرادات في الموازنة بحسب القانون السابق، والتي يجب إلغاؤها حكماً بفعل استبدال المواد المتعلقة بالأعباء والإيرادات في القانون 11/81 القديم بمواد وأبواب تحوي نفس العنوان في المادتين 2 و3 من القانون 515.

قطع الحساب والكشف على القيود

تحدد المادة 19 من المرسوم الرقم 4564 بوضوح، دقائق تطبيق بعض أحكام القانون 11/81 بما يلي:
«تمسك الإدارة المدرسية قيوداً لمداخيلها ولمصارفاتها وتحتفظ لديها بالمستندات والوثائق الثبوتية لهذه القيود ويعود للهيئة المالية وللجنة الأهل عند الاقتضاء، ولوزارة التربية وقاضي الأمور المستعجلة (المجلس التحكيمي أيضاً) الكشف على هذه القيود والمستندات والوثائق في الإطار الذي يحدده القانون».
هذه المادة لا تتعارض مع القانون 515 ولا ذكر فيها لموضوع الموازنة بأي شكل وهي تحدد صلاحية لجنة الأهل والهيئة المالية والوزارة والقضاء في كشف القيود والمصارفات. إذا هي لا تزال سارية، إضافة إلى أنّ الاستشارة الرقم 75/2015 التي قدمتها وزارة العدل إلى وزارة التربية تؤكد حق الجهات المذكورة في كشف القيود.
وأيضاً، بما أن لجنة الأهل والهيئة المالية هي الموقعة على الموازنة يحق لها الحصول على نسخة منها، ويحق لأولياء الأمور أصحاب الحق الاطلاع عليها من خلال لجنة الأهل بطلب خطي، وإذا امتنعت اللجنة عن تحقيق ذلك يحق لأولياء الأمور التوجه إلى وزارة التربية وطلبها من مصلحة التعليم الخاص. كذلك فإذا لم تصل الوزارة موازنة موقعة وقانونية ومرفقة بالمستندات كاملة من المدرسة، وجب على الوزارة إعادتها إلى المدرسة أو تحويلها إلى القضاء لحلّ النزاع، أو استكمال الملف وحتى حينه لا يجوز للمدرسة أن ترفع الأقساط عما كانت في السنة السابقة.
وكون المدرسة مؤسسة غير ربحية، فإنّ كل مداخيلها محددة في الموازنة بحسب القانون 515/96، ولا يجب أن تتقاضى من الأهالي إلّا ما هو وارد في البنود المحددة في الأقساط، في حين أن الإيرادات الناتجة من نشاطات غير إلزامية أو تبرعات يجب إدخالها على هيئة مداخيل في دفاترها وكشوفاتها لتضاف إلى الإيرادات وبالتالي تُحسم من الأقساط. نتكلم هنا عن فتح الملف، النقل، الدكانة، إيجار المدرسة للأنشطة الصيفية، الأنشطة الصفية، أنشطة خارج الدوام، الثياب، الكتب والقرطاسية وغيرها، وهذا ما تؤكده الاستشارة 75/2015.

دور ملتبس لمصلحة التعليم الخاص

المفاهيم المغلوطة التي سوّقتها المدارس استطاعت أن تكبّل الأهل وتمنعهم من الاعتراض والمطالبة بحقوقهم، وقد ترافق ذلك مع دور ملتبس وغير فعال لمصلحة التعليم الخاص طوال السنوات العشر الماضية حيث جرى التعتيم على حقوق الأهل وصلاحياتهم في مراقبة ودرس الموازنات إن عبر انتخابات صورية أو عبر التهويل أو إضعاف آليات الحماية عبر تعطيل المجالس التحكيمية، وتسخيف دور الوزارة ومصلحة التعليم الخاص تحديداً التي ساهمت الى حد كبير في تسويق فكرة أن القانون تعطّل لسنوات عدة بفعل انتهاء المدة، ما عطل الرقابة على الموازنات وسمح للمدارس برفع أقساطها، ولكننا نعلم جميعاً أن القانون لا يبطله إلّا قانون جديد.
كل ذلك سمح للعديد من المدارس، ولا سيما الكبيرة منها، بتحقيق أرباح أغلبها ممهور بتوقيع لجان الأهل والباقي بتغطية من مصلحة التعليم الخاص لعدم التزامها القوانين والإجراءات، حتى لو كانت هذه الموازنات موقعة من لجان الأهل، لمنع المدارس من جني إيرادات من خارج الموازنة أو التصديق على موازنات غير قانونية.

■ للاطلاع على قوانين لجان الأهل انقر هنا

*باحث في التربية والفنون وعضو هيئة تنسيق لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة

* للمشاركة في صفحة «تعليم» التواصل عبر البريد الإلكتروني: [email protected]