لا يخفي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلفيات موقف تل أبيب المؤيد للحركة الانفصالية الكردية في شمال العراق، ولم يحاول التعمية على حقيقة أن إقامة دولة كردية في شمال العراق تأتي ضمن استراتيجية إسرائيلية عامة لمواجهة التحديات والتهديدات التي تواجهها.
استناداً إلى هذه المفاهيم، عمد نتنياهو إلى الترويج لتأييد إقامة دولة كردية خلال لقائه مع أعضاء كونغرس أميركيين. وبحسب ما كشف موقع القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي، أوضح نتنياهو لهؤلاء أن ثمة سبباً وجيهاً لإسرائيل لتأييد الكرد في إقامة دولتهم، موضحاً أنّهم «حلفاء لنا»، في إشارة إلى التحالف القائم مع الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يترأسه مسعود البرزاني، ومشدداً على أنهم «موجودون في منطقة تقع بين العراق وتركيا وسوريا وإيران، وهو ما يمثل ذخراً استراتيجياً لإسرائيل». وتعكس مواقف نتنياهو مدى الرهان على هذا المسار، على قاعدة أنه إذا نجح في ما يطمح إليه قادته، تكون إسرائيل قد حققت حلماً تاريخياً واستراتيجياً، وإن لم يتمكن من بلوغ خواتيمه المؤملة، إسرائيلياً، فهي لن تدفع أي ثمن بشري أو مادي، بل تكون قد تمكنت من إشغال المنطقة واستنزافها بالمزيد من التحديات والأزمات.

نتنياهو: ثمّة سبب
وجيه لإسرائيل لتأييد الكرد في إقامة دولتهم


ومع أن نتنياهو لم يكشف جديداً عندما تحدث عن كون الأحزاب الداعية إلى إقامة دولة كردية هي حليفة لإسرائيل، لكنه أكد بذلك وجود رؤى وخيارات مشتركة، في مواجهة الفضاء الاقليمي المشترك. ومع أن نتنياهو أجمل كلامه عندما تحدث عن كون الكيان الكردي المفترض يشكّل ذخراً استراتيجياً بالنسبة إلى دولة إسرائيل، لكنه كشف بذلك أيضاً عن تداعيات مقدرة، وستعمل عليها تل أبيب لمصلحة مواجهة أعدائها الذين يحتلون رأس الهرم في سلم الاولويات الاستراتيجية الإسرائيلية. في ضوء هذه المقاربة التي تتبنّاها تل أبيب لمسار إقامة دولة كردية في شمال العراق، تأتي الدعوة التي وجهها القيادي السابق في حزب الليكود، والمنافس له لاحقاً على المنصب، غدعون ساعر إلى أن تكون إسرائيل الدولة الأولى التي تعترف بدولة كردستان، بعد نيلها أغلبية في الاستفتاء.
هذه الأجواء السائدة في تل أبيب دفعت مسؤول الموساد في كردستان العراق، بين سنتي 1965 و1975، اليعازير تسفرير، إلى أن يبادر، لمناسبة الاستفتاء، إلى لعب دور المنظِّر لحقوق الشعب الكردي في إقامة دولته، استناداً إلى كونه شعباً قديماً موجوداً قبل 2000 عام، حتى بلغ به الأمر حدّ القول إنّ حقّ الكرد بالدولة يأتي قبل بقية شعوب المنطقة من عراقيين وأتراك وسوريين. ويلفت تسفرير في مقالته في صحيفة «معاريف» إلى أن إقامة الدولة الكردية سوف تؤدي إلى تقسيم تركيا، انطلاقاً من أنه يعيش في تركيا نحو 20 مليون كردي. ورأى أنه «في المحصلة يجري الحديث عن استفتاء عام، وبعده عليهم اتخاذ القرار الأكبر بإقامة دولة، قرار بن غوريوني». وبحسب «معاريف»، فإن تسفرير يلقِّب رئيس إقليم كردستان بـ«مسعود بن غوريون البرزاني».
في السياق نفسه، ذكرت صحيفة «معاريف» أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي ديفيد بن غوريون اتخذ قراراً عام 1965 بالاستجابة لطلب مصطفى برزاني بتقديم المساعدة للشعب الكردي. ولفتت الصحيفة أيضاً إلى المشاعر الودّية التي تحكم العاملين في الاجهزة الامنية الاسرائيلية تجاه الأحزاب الكردية. وأوضحت أنّ مصالح إسرائيل الفتية في ذلك الحين كانت تتمثل في هجرة يهود العراق، وإضعاف القوات العراقية التي قاتلت مع جيوش عربية ضد إسرائيل.