يقفل إعلان lbci الترويجي لمسابقة انتخاب «ملكة جمال لبنان» لعام 2017، على عبارة «العيون كلها علينا». المسابقة المنتظرة الاسبوع المقبل، تتوقع كماً من «العيون» التي ستنتظرها لمتابعتها عبر هذه الشاشة. عيون مشاهدين، وعيون أخرى للجنة تحكيم، ولكل الكادر العامل في هذه الليلة، على مجموعة فتيات، وضعت لهن مجموعة معايير جسدية محددة من الوزن والطول، ويجبرن على استعراض أجسادهن أمام عدسات الكاميرات، إما بثياب البحر، أو بأثواب السهرة.
تتمايل هذه الفتيات، منهن بثقة وأخريات برعشة وخوف، لتكون واحدة منهن «ملكة جمال» لبنان. في السنوات الأخيرة، تكاثرت هذه المسابقات تحت عناوين مختلفة للرجال والنساء وحتى للأطفال، بينما شكّلت محط استياء عارم من شرائح مجتمعية واسعة المناهضة لتسليع المرأة وتشييئها ووضعها في إطار ضيق، يسقط أي صفات أو مؤهلات أخرى قد تتمتع بها.
رغم إعجابها بمفهوم الجمال بشكل عام، إلا أنّ الأكاديمية والمتخصصة في علم النفس العيادي مي جبران تسجل جملة سلبيات لهذه المسابقات، لا سيما على صورة المرأة وتأطيرها. في حديث مع «الأخبار»، تبدي جبران انزعاجها من تحديد المرأة في المنحى الجسدي الجمالي، وإسقاط باقي المفاهيم عنها، منها الفكرية والرسالية في الحياة. وتعتبر انتخاب «ملكة جمال لبنان»، حدثاً ذكورياً بامتياز، عبر الاهتمام بالشق الشكلي للمرأة، بطريقة «مشوّهة»، وبعيدة عن الواقع، عبر فرض معايير في الوزن والطول والعمر أيضاً، وشطب باقي النساء اللواتي يخرجن عن هذه المواصفات. وبهذا تصبح كل امرأة متزوجة، أو متقدمة في السن، أو لديها أرداف على سبيل المثال، غير جميلة! وتتوقف جبران عن تعبير «Miss»، أي الفتاة العزباء «بما يوحي أنّها لم تقم أي علاقة». وهو ما تفرضه المسابقة على هؤلاء الفتيات، أي صورة «امرأة تقليدية نموذجية»، و«مرغوبة من الرجال». وتردف جبران أنّ الأخطر في هذه المسابقات، هو تمثّل المراهقات بها، واعتبارها مرجعاً ونموذجاً لهن، عبر إجراء مقارنة دائمة بينهن وبين هؤلاء الملكات، أو ملوك الجمال الرجال بالنسبة إلى المراهقين.
الأستاذة الجامعية التي تعدّ اليوم لدراسة بحثية حول «سيكولوجية المرأة» وتفرد للموضة حيزاً هاماً فيها، ترى أنّ تظهير الشكل الخارجي على ما عداه من معايير، هو نوع من «الذل». وتشبه هؤلاء الفتيات بـ «المواشي اللواتي يستعرضن أجسادهن»، كنوع من السلع لإعجاب رغبة الزبون. عدا أنهن «يتكئن على أدوات جمالية مصطنعة، جراء عمليات التجميل، والمبالغة في الماكياج». ينطبق هذا الأمر أيضاً على الرجال الذين تقام لهم حفلات جمالية مماثلة. تعتبر جبران أن الرجل بدوره يستعمل من قبل وسائل الإعلام والإعلان للاستحصال على مزيد من الأموال، وهو كما المرأة يتم شراؤه وبيعه في إطار ذكوري وخارج عن أي قيمة إنسانية قد تتخطى الشكل وتذهب الى ميادين أخرى كالإبداع والفن والفكر.
القولبة والتنميط لا يغيبان أيضاً في حفلة الانتخاب وفقاً للناشطة والعضو المؤسسة لجمعية «Fe-male»، حياة مرشاد. في حديث مع «الأخبار»، ترى مرشاد أنّ الفائزة «تكافأ» على أمر لا علاقة لها فيه. وتشدد مرشاد ـــ كما جبران ــــ على خطورة تأثير هذا الحدث على المراهقين/ات، وتأثرهم بهذه الصورة المعممة. وتلفت الى سطحية الأسئلة التي تطرحها لجنة التحكيم على المتباريات. ورغم تقاطع حفليّ ملوك وملكات الجمال في مفاهيم تسليع الأجساد، والاستغلال والمتاجرة، إلا أن الناشطة النسوية، ترى أن النساء هنّ أكثر «تحت المجهر»، لعلاقتهن المباشرة مع المجتمع، ونظرته اليهن، والثقافة الشعبية المنتشرة والمنّمطة لهن. ترى مرشاد أنّ المرأة لها «خصوصية» أكثر والأحكام الأخلاقية والمجتمعية مضاعفة عليها، والأخيرة تترك أثراً في مسار حياتها أكثر من الرجل. ترسو المشهدية الأخيرة في هذا الحدث على استعمال هؤلاء النساء والرجال على حدّ سواء، من قبل الشركات التجارية التي تسعى حصراً الى زيادة أرباحها، كما تضيف، و«الإتجار بالأشخاص»، وبـ «أجساد النساء».