منذ عقود استثمر أهالي منطقة صور خيماً بحريّة مؤقتة تصنع من الخشب والقش في شاطئهم الذي اكتسب، بمرور الوقت، صيتاً حسناً قياساً بالتلوث الذي يضرب الساحل اللبناني. خيم موسمية «تُزرع» بداية الصيف، و«تُقتلع» في نهايته، فيما الشاطئ الرملي، بخيمه وعشرات الآلاف من رواده، صامد في وجه خطر الانقراض الذي قضم معظم الشواطئ الشعبية على طول الساحل اللبناني.
وسبب نجاته الأهم: السلاحف التي واجهت خطر الانقراض بدورها، ودفعت إلى إعلان المنطقة محميّة طبيعيّة. ولحسن الحظ، حدث ذلك قبل أن يكتشف القيّمون أن الشاطئ يبيض ذهباً أكثر مما يهدر موجاً.
إعلان شاطئ المدينة محميّة طبيعيّة عام 1998 شدّد الشروط المفروضة على المستثمرين. مُذ ذاك، تقلّص عدد الخيم إلى 49، ومذ ذاك تحسّن الشاطئ أيضاً، وبات يجتذب الزوار من مختلف المناطق، خصوصاً تلك التي باتت تفتقر إلى شواطئ يمكن إطلاق تسمية «الشعبية عليها»، وإن كانت بعض الخيم تحاول أن تعطي لنفسها صورة «كلاس»، فتتطلب حجزاً حيناً وتضيف مقاعد حمراء اسفنجية حيناً آخر، بين طاولاتها البلاستيكية، وتوظّف عمالاً من جنسيات أوروبية!
وعلى رغم أنّ للمدينة عدة واجهات بحرية، أسهمت النظافة والمساحة الواسعة للشاطئ الرملي الواقع في قلب المحمية الطبيعيّة في إبراز الخيم البحرية وجعلها مقصداً للبنانيّين والسياح من كافّة المناطق.

شائعات عن رغبة
شركة إيطالية بالاستثمار في المحميّة الطبيعية


هذا العام كان حافلاً في «شبه جزيرة صور»: ارتفع عدد الخيم الى مئة، والزوار من خارج المدينة الى عشرات الآلاف، مع الحفاظ على شاطئ عام لا يُلزم روّاده بخيم المستثمرين، وهذه نقطة مهمة. ولكن، يبدو أن الشاطئ ليس بمأمن، إذ تسري شائعات عن خطة لابتلاع البحر في صور، بعد تبليطه في بيروت، وتلويثه شمالاً! مع ما يتردد عن نية لتغيير أسس استثمار الخيم بما يمنع كثيرين من الاستمرار، ويجعل «البقاء للأقوى» والأكثر حظوة. ورغم أن أصحاب الخيم يتفقون على أن الإجراءات التي تتخذها بلدية صور أسهمت في زيادة ثقة الناس وفي زيادة عدد الزوار، إلاّ أنهم يلفتون الى «تمييز» يسمح لبعض أصحاب الخيم بـ«اللعب» على الشكل الخارجي والديكورات الداخلية، فيما يمنع ذلك على البقية.
والسبب، بحسب أحد القيّمين على الخيم البحرية، يكمن في عملية «تطفيش» تهدف إلى إدخال مستثمرين جدد، لا بل إن الكلام يصل الى حدّ اتهام البلدية بنيّتها «خصخصة» الشاطئ، بعدما تبلغت من شركة إيطالية رغبتها بالاستثمار في هذا القطاع، وإن كان ذلك لا يزال في إطار التكهنات و«الخبريات» التي يتداولها أصحاب الخيم.
نائب رئيس بلدية صور، صلاح صبراوي، يؤكد أن لا أساس لهذه الشائعات، خصوصاً أن البلدية لا تمتلك صلاحيات في المنطقة لأنها محميّة طبيعيّة. ويشدد على أن لا مجال حالياً لمستثمرين جدد بسبب «الالتزام بعدد الخيم الحالي وشروط وزارة البيئة». وينفي صبراوي التمييز في التعامل مع أصحاب الخيم، لافتاً الى أن هؤلاء هم المسؤولون عن تفاوت العمل في ما بينهم بسبب تفاوت الخدمات التي يقدمونها، ومشيراً الى «خمس خيم تستقطب معظم رواد الشاطئ، وهذا لا علاقة له بالبلدية ولا بالشروط التي تفرضها على الجميع على حدّ سواء، إذ تؤمّن البلدية، للجميع، مواقف السيارات المدفوعة والحراسة والصرف الصحي، وهي أخذت على عاتقها حماية روّاد الشاطئ، متّبعةً أهمّ المعايير العالميّة. فإضافةً إلى رجال الشرطة، تنتشر على طول الشاطئ أبراج مراقبة ومنقذون بحريّون بالتعاون مع الصليب الأحمر».




بالأرقام

● زوار نهاية الأسبوع: 10 آلاف زائر
● مساحة الخيم: 8 و10 و12 متراً
● قيمة الاستثمار الشهري: 3,5 ملايين ليرة لخيمة 8 أمتار، وخمسة ملايين لخيمة 10 أمتار، وستة ملايين لخيمة 12 متراً.