علت الأصوات في الآونة الأخيرة متهمة لجان الأهل في المدارس الخاصة بالتقصير والتواطؤ مع إدارات المدارس وداعية إياها إلى لعب دورها كاملاً وفقاً للقانون 515، وإلا... هل تعلمون أن أعضاء لجان الأهل يسددون أقساط أولادهم المدرسية كاملة قبل غيرهم خوفاً من «القال والقيل»؟ هل سبق أن سمعتم عن أحد يتواطأ على ذاته وعلى ماله وعلى أولاده؟ هل سبق أن قرأتم أحكام القانون 515 وخبرتم خفاياه؟
أولاً: إن النفقات التي تدخل في الموازنة المدرسية والتي يحق للجان الأهل الاطلاع عليها ومراقبتها هي الرواتب والأجور والإضافات التي تلحق بها من مكافآت ونفقات الضمان الاجتماعي وصندوق التعويضات وغيرها، إضافة إلى أعباء أخرى من غير الرواتب والأجور مثل الرقابة الطبية والصيانة والكهرباء والمياه والهاتف والإيجارات وغيرها.
يُقابل هذه النفقات إيرادات تتمثل بالأقساط المدرسية فقط. أما موازنة القرطاسية والنقل والزي المدرسي والنشاطات اللاصفية والتكنولوجيا وغيرها، فجميعها لا يدخل في الموازنة وفقاً لأحكام القانون 515 ولا يدخل تحت رقابة لجنة الأهل.
ثانياً: وفقاً للفقرة (ج) من المادة 2 من القانون 515 تتكون نفقات المدرسة من 65% رواتب وأجوراً و35% نفقات مختلفة، ومن المنطق أن ترتفع نسبة الـ65% مع كل ارتفاع في الرواتب والأجور، فتصبح على سبيل المثال 70% أو 75%، غير أن الغالبية العظمى من المدارس تعمد إلى تضخيم النفقات المختلفة الأخرى، متذرعة بالنسب الواردة في القانون، أي 65 و35%، ما يؤدي إلى تضخم في الموازنة، وتالياً إلى فرض زيادات غير محقة وغير مبررة على القسط المدرسي.
ثالثاً: يبدأ العام الدراسي في أواخر أيلول من كل سنة، ويستوفى القسط المدرسي على ثلاث دفعات على الأقل، على أن لا يتجاوز القسط الأول الـ30% من القسط السنوي للسنة الدراسية التي سبقت (المادة 5 من القانون 515)، أما الموازنة المدرسية فلا تعرض على لجنة الأهل ولا تُحال على وزارة التربية إلا في كانون الثاني من السنة الدراسية ذاتها وفقاً للمادة 3 من القانون 515 عينه، وبالتالي إن أي زيادة على القسط المدرسي لا تظهر إلا بعد مرور 4 أشهر على دخول الطلاب إلى مدارسهم والتزامهم العام الدراسي الجديد، ما يجعلهم مرغمين على دفع الزيادة الطارئة حفاظاً على عامهم الدراسي.
رابعاً: يفرض القانون 515 في مادته 3 على المدرسة أن ترسل نسخة عن الموازنة إلى وزارة التربية موقعة من كل من مدير المدرسة ورئيس لجنة الأهل أو عضوي الهيئة المالية في اللجنة، لكن ماذا لو لم توافق لجنة الأهل على الموازنة؟ وماذا لو أُرسلت الموازنة إلى وزارة التربية غير مذيَّلة بتوقيع لجنة الأهل؟ هل الامتناع عن التوقيع يمنع الزيادة على القسط المدرسي كما يحاول البعض الإيحاء به؟ الجواب هو كلا.
فوفقاً لأحكام المادة 13 من القانون 515، يعود لمصلحة التعليم الخاص، إذا ارتأت، أن تدعو المدرسة إلى تصحيح الموازنة وعدم فرض أية زيادات على القسط المدرسي وإلى التزام أحكام القانون. أما مجرد ورود موازنة إلى وزارة التربية غير مذيلة بتوقيع لجنة الأهل، فلا يؤدي تلقائياً إلى رفضها، والأمثلة على ذلك لا تُعدّ ولا تحصى، فقد امتنع عدد من لجان الأهل على مرّ السنوات عن توقيع بعض الموازنات لأسباب مختلفة، ولكن هذا الأمر لم يمنع سلوك هذه الموازنات طريقها إلى التطبيق.
صحيح أن كل زيادة على الأعباء في الموازنة المدرسية تؤدي إلى رفع الإيرادات، أي إلى رفع الأقساط المدرسية. بمعنى آخر، صحيح أن ارتفاع الرواتب والأجور يؤدي إلى تحميل الأهل زيادة على القسط المدرسي، إلا أن هذا الأمر لا يعني أن الأهل هم من يدفع رواتب الأساتذة، كما يحاول البعض الإيحاء، بل الأهل، يسددون الأقساط المدرسية للإدارة التي بدورها تدفع كامل مستحقاتها، من ضمنها الرواتب والأجور، والأهل لا يسددون أقساط أولاد الأساتذة، فهذه الأقساط لا تدخل أصلاً في أبواب الموازنة، فلا يحاول أحد أن يضع الأهل ولجان الأهل في مواجهة المعلمين.
أما بالنسبة إلى المدارس، وهي مؤسسات خاصة مستقلة بإداراتها، فإنها ملزمة بتطبيق الزيادات على الأجور وفقاً للقانون، وبناءً عليه، فنحن نتفهم صرختها في كل مرة تُفرض عليها زيادة أعبائها من طريق رفع الرواتب والأجور، ونحن نتفهم، وقد لمسناها لمس اليد، عجز عدد كبير منها عن تحمل أية أعباء إضافية في موازناتها. ونظراً إلى أهمية وجود هذه المدارس الخاصة بتنوعها وبانتشارها على كل الأراضي اللبنانية، نرفض محاولة إضعافها أو تهميشها أو إفقارها أو جعلها في متناول الميسورين من اللبنانيين دون سواهم. وبناءً عليه، طالبنا ونطالب بدعم القطاع التعليمي الخاص أُسوة بالقطاع العام، لكي يبقى حق اختيار المدرسة حقاً مطلقاً لكل مواطن دون قيد أو شرط. علماً بأن مبدأ مجانية التعليم مبدأ مُقَرّ في القانون اللبناني، ولكنه غير مُطبق.
*رئيسة اتحاد لجان الأهل في المدارس الكاثوليكية، كسروان ــ الفتوح وجبيل