عامٌ على إعلان خلافة «داعش»، وعام على «تدفق» البيعات للتنظيم وزعيمه أبو بكر البغدادي من مجموعات «إسلامية» مسلحة، «وهابية» الهوى و«قاعدية» المنشأ. ومع «تمدد» رقعة «دولة الخلافة» من غرب أفريقيا حتى أندونيسيا، مروراً بثقل التنظيم في سوريا والعراق، سعى «داعش» إلى تسليط الضوء على أماكن وجوده وحجم سيطرته.وبشكل يومي، وبعمل منظم، يقوم «الفريق الإعلامي» المساند بجمع أخبار ولايات «الدولة»، مظهرةً «الصورة الإنسانية» لعناصر «داعش»، وقربهم من المكونات الاجتماعية لتلك المناطق. أضف إلى ذلك، «التوحش المستميت»، من العراق وسوريا، إلى تونس أخيراً، عدا عن العمليات الانتحارية المتنقلة في دول الخليج.

وتوزعت الولايات بين أماكن وجود فعلية لـ«داعش»، وأخرى مناطق موالية، إثر مبايعة التنظيمات ذات «الفكر السلفي الجهادي» للبغدادي. ومن بين هذه الجماعات التي باتت تستقطب الأضواء، جماعة «أنصار بيت المقدس»، التي نشطت أكثر بعد عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي.
البقعة الجغرافية «إستراتيجية» لدولة البغدادي، وستشهد تطوراً في الأيام المقبلة

وتنتشر هذه الجماعة في سيناء، المنطقة المصرية الحدودية مع فلسطين المحتلة. وبما أنها على تماس مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، فإن «أنصار بيت المقدس»، أعلنت منذ تأسيسها أن جزءا من حربها ستكون على العدو، ولكن سقوط النظام الإخواني وتنصيب البغدادي نفسه أميراً على «المؤمنين» حوّلا بوصلة «الأنصار» نحو مبايعة تنظيم «الدولة»، وقتال الجيش المصري بصورة أساسية، واستهداف منشآته، لتتخذ من أرض سيناء معسكرات للتدريب والتجهيز لعملياتها العسكرية.
«ولاية سيناء»، بهذا الاسم باتت تعرف بدلا عن «أنصار بيت المقدس». العمليات العسكرية، و«الإنسانية» التي تؤديها هذه الجماعة نسبت إلى مجموعة «الولاية». ونفذت العديد من العمليات العسكرية، متبنيةً إياها عن طريق بيان ينشر على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، أو فيديو يبث على «اليوتيوب».
وبرغم أن أنشطة «ولاية سيناء» ليست كثيفة كغيرها من الولايات، ولا تنشر يوميا، على الحسابات الجامعة لأنشطة «داعش»، ولكن «أنصار بيت المقدس» في حالة نمو متزايد، على الصعيدين العملي والإعلامي.
فمنذ شهر تقريباً، وثّقت الصفحات الموالية لـ«داعش» ما يقارب ثلاثين عملية عسكرية مختلفة لـ«ولاية سيناء»، استهدفت فيها قوات الجيش المصري. وتنوعت العمليات بين «تفجير عبوة، وقصف، واشتباكات، واقتحامات»، استخدم فيها عناصرها مختلف أنواع الأسلحة، من فردية إلى متوسطة، فعبوات وصواريخ موجهة ومدفعية.
واتبعت «ولاية سيناء» أسلوب «داعش» في سوريا والعراق، بالتقرب من النسيج الاجتماعي في مناطق سيطرتها. فمنطقة «سيناء» طابعها الشعبي «قبلي ــ عشائري»، أشهرها «الرميلات» و«السواركة»، اللتان تنقسمان بين مبايع ومؤيد لتنظيم «الدولة»، وبين موالٍ للنظام المصري.
وتنوعت «الأنشطة الداعشية المدنية» المصورة بين ثقافي وإغاثي وأهلي. أحد الأنشطة الثقافية أطلق «الأنصار» عليه مسمى «وقل رب زدني علماً»، مذيلاً العنوان بعبارة «جانب من الدروس الشرعية لدفعة جديدة من أسود الخلافة». أما «وأعدوا لهم»، فكان نشاطاً عسكرياً، خرّج «داعش» فيه دفعة جديدة من عناصره المدربين حديثاً.
ولأن المنطقة هي منطقة فقيرة، فإن «ولاية سيناء» حرصت على تظهير نفسها بصورة «من الناس وإليها»، كما يفعل «داعش» في الولايات الأخرى. وقد أصدرت «الولاية» تقريراً مصوراً (مجموعة من الصور الفوتوغرافية)، بعنوان «وافعلوا الخير»، توثّق فيه عملية توزيعها مواد غذائية على «عوام المسلمين المحاصرين من قِبل جيش الردة». وأخيراً، أصدرت «الولاية» شريطاً مصوراً، يظهر عدداً من عناصر «أنصار بيت المقدس»، وهم فرحون مهللون للبغدادي وتنظيمه، في سياق السنوية الأولى لقيام «دولة الموحدين».
وبمقارنة جودة الإنتاجات بين «الولايات» الأخرى و«ولاية سيناء»، فإن «سيناء» لا تزال متأخرة عن غيرها. ومن الواضح أن المنفذين لهذه الإنتاجات ليسوا ذوي خبرة كغيرهم، لا يقدمون منتجهم بأسلوب بصري «مبهر»، بل تشوبه أخطاءٌ شتّى. ويمكن تشبيه هذه المنتجات بـ«البدائية»، وتذكر متابعي إصدارات «داعش» بتلك القديمة منها.
وإلى حين تحسن الأداء الإعلامي لـ«ولاية سيناء»، فإن أداءها العسكري مستمر، وعلى نحو متزايد. البقعة الجغرافية «إستراتيجية» لدولة البغدادي، وستشهد تطوراً في الأيام المقبلة، وهذا واقع يستنسخه «داعش» على جميع مناطقه، بالإضافة إلى تغلغله في سكان المنطقة، وجعلهم يقتنعون به، بيعةً أو خوفاً.