في فندق
أتعذب وأنا أتخيل الفندق
الزجاج يلمع
وقع الأسرار على البلاط
النوم محمولاً على عربات لا تصدر صوتاً
الموظفون يرتبون حياة طارئة
لنزلاء ينعسون في ذكرياتهم اللينة
السكون بديناً بخفيه الصوفيين يعبر بين الممرات
كل شيء مصقول

الثلج على القمم
الزمن على أجنحة الطيور
الله مفتتاً مثل القطن فوق الأشجار
أتعذّب
أتعذّب أكثر
وأنا أتخيلكِ بيدين متعبتين
تلّمين صوتك
البخار الذي أطلقه فمك
على زجاج الشباك
صوتك الذي اختفى
حياتي القادمة التي تتبخر

مايسترو

ظهره لهم
بعصاه النزقة يسوط الوقت
يمزّق جلده
يُحدِث ثقوباً زرقاء
كي يسمح لمياه الموسيقى أن تتدفق
وعندما يشعر المايسترو أن أرواح الجمهور
تبللت تماماً
يستدير وينحني

رغبة

الأعمى الذي أرشف بدقة أصواتهم جميعاً وحفظها
اﻵن يخبط الأرض غاضباً بعصاه
اﻵن يريد أن يحرق الأرشيف كله
يريد أن يكون أعمى تماماً
أعمى حقيقياً
شيء يشبه
تروق لي حماقاتكَ
إنها كتيمة وملساء
شيء
يشبه الوقت يعبر بلا طائل

■ ■ ■

مازال رقم تلفونك في مفكرتي
شيء
يشبه تعويذة فاسدة بين نهدين

■ ■ ■

أتدرب على الكلمات
شيء
يشبه أميرة صغيرة
تتدرب على ركوب الخيل
جيد
أنك سائسي الأعمى

■ ■ ■

أحلم أن أقلّ قطاراً لمسافة طويلة
وأنت تجلس قربي
وأتجاهلكَ
شيء
يشبه
أنا وأنتَ في غرفة باردة
نتفرج على تلفزيون مشوش

■ ■ ■

لا تفرحْ
أني أكتب عنكَ.
شيء
يشبه طفلة سئمة تمزق وردة
في باحة مدرسة
امرأة تشطب كل الأغاني
حين تخرِّب مذياعها
ملكة تستدعي المهرج
لتطرده،
لا تفرحْ

■ ■ ■

أتسلى بنسيانك
شيء
يشبه نافذة مواربة
في قصر يطير
لأنك تحب

1

أنا التي غسلتُ سرجَ حصانكَ بخصلات شعري
سأنزوي باكيةً على حافة الصهيل ريثما تعود

2

بشالكَ الأسود الذي نسيتَه أحاول أن أربط الريح بشالك الذي تبلل بدمعي
ألوّح لكَ
أنا الجريحة التي سقطت في الخلاء
نبتتْ حول عنقي غيمة تشبه يدكَ
برفق جرّتني إلى حضن أمي

3

الملائكة الذين ساعدوني في تنقية العدس
نفسهم مسحوا الغبار عن ثوبي
الغبار
الذي أثاره حصانك

4

لأنك تحب الهندباء سأذهب إلى آخر البرية إلى البعيد.. البعيد
بيدي سكين وعلى وجهي ندبات الريح

5

بفمٍ مدمّى من كثرة ما ردّدَ اسمك
أغني لك
بقلب مدمّى أهش الطيور عن آثار قدميك

6

نحُلَ خصري كثيراً لأن يدك لم تطوّقه
يدك التي كانت ترمي الأحجار الصغيرة .. الحميمة
باتجاه جذع الشجرة اليابس
ها قد لملمتُ أحجارك كلها ، بنيت منها بيوتاً صغيرة رطّبها دمعي
بيوتاً لم تهدمها يدك المعروقة من شدّة الشوق
بل الريح
الريح.. هل تعني أنك نسيت؟

7

عمّك اشترى سبعة خراف.. كبرت. ذُبحت وأنت لم تأت.
أختي خطفها الراعي الغريب. أمي تحتضر ولم تفدها حكمة جدي
مات طير أختك الملوّن. تعطّل الراديو الأزرق الصغير وأنت لم تأت
نفد الحطب.. وتجرّحتْ يداي من جلب الماء.. وبرز خطّان في جبيني
أشياء كثيرة حدثت وأنت لم تأت
و ما تبقى من أزهار على ضفة الساقية لم يعد أحد ليقطفها
تعال.. الشتاء قاس هذه السنة خيامنا واهنة.. والماشية مريضة ..
لم أعد أريد الخلخال ليزين قدمي. لا أريد كل هدايا المدينة
فقط.. في العاصفة المجنونة حيث الجميع منشغلون ويهمّون بالرحيل
تسلل على مهل.. امسح دمعي بكفك القوية.. قبّلْ جبيني
راضيةً أريد أن أموت
امرأة

1

إنه لأمر جلل
امرأة وحيدة
ومريضة في البيت
تعصر معدتها
زعلانة من الله
والناس
والبرّاد الفارغ
وخائفة
من فأر الماضي
الذي وصلت وقاحته
في قرض كعكة نومها
إنه لأمر جلل
أن تكتشف امرأة
أنها لن تستطيع أن تنظّف يديها
مما اقترفوه

2

لا تهددوا بالحرب
فأنا امرأة
معتادة على الدم
والغياب
أنا امرأة بالغة

3

إنها الحرب
حجّة رائعة
لتبكي امرأة في منتصف عمرها
لترى حزنها واضحاً في المرآة
كما لم يكن مرة

* شاعر سوري ــ من مجموعة ستصدر قريباً