لم يكن مرسوم إعفاء فئات الصعوبات التعلّمية من امتحانات البريفيه الصادر في عام 2005 ــ 2006، خياراً يخدم استكمال ذوي الاحتياجات البسيطة لتعليمهم، فهؤلاء لم يتمكنوا من متابعة تحصيلهم في المدارس والجامعات التي لم تعدّل برامجها وقوانينها لاستقبالهم. اليوم، يُعفى من الامتحانات فقط ذوو المشاكل الصحية والصعوبات التعلمية الحادة. «الإعفاء آخر دواء»، تقول رئيسة دائرة الامتحانات هيلدا الخوري، شارحة أن الامتحان هو أول صعوبة في حياة التلميذ، «فإذا ساعدناه لاجتيازه نبقيه في العملية التعليمية، وندربه على اجتياز صعوبات أكبر».
تلفت إلى أنّها تقدّر الأطباء في مركز سرطان الأطفال (السان جود)، لكونهم يصرون على خضوع مرضاهم للاستحقاق الرسمي بصرف النظر عن حالتهم، باعتبار أنّ اجتياز الامتحان يساعدهم في اجتياز صعوبات المرض، ولكون الامتحان حقاً من حقوقهم. تشير الخوري إلى أننا «نسمع أصحاب الاحتياجات الخاصة يقولون لنا: نريد أن نأخذ الشهادة بجدارتنا، لذلك نعمل في دائرة الامتحانات لكي يأخذ كل مرشح الشهادة بجدارة».
الوزارة استحدثت منذ 8 سنوات مركزاً متخصصاً واحداً في بيروت لذوي الاحتياجات، هو مركز عبد الله العلايلي، إضافة إلى غرف في مراكز امتحانات عادية. يترشح في هذا المركز هذا العام للشهادتين المتوسطة والثانوية العامة 550 طالباً من ذوي الصعوبات التعلمية والاحتياجات الخاصة، فيما أُعفي من الامتحانات الرسمية 371 طالباً من أصل 561 تقدموا بطلبات الإعفاء من شهادة البريفيه.

كومبينات بين
الأطباء وأصحاب المدارس لكتابة
تقارير مزورة

هناك من يقول إن الامتحانات في هذا المركز غير جدية؟ تشرح الخوري قائلةً إن «هذا الانطباع نابع من الحكم على الأشخاص من مظهرهم العام الذي لا يكشف أنهم يعانون من احتياجات ملحوظة، فيما تراعى في تصحيح المسابقات الأخطاء الإملائية على أسس علمية، وخصوصاً أن التلامذة الصُّمّ مثلاً لا يحسنون استخدام أدوات الربط، فنحاسبهم على الفكرة، لا على النص الإنشائي».
الاحتياجات متنوعة والمقاربات تختلف بين حالة وأخرى، لذا فقد شكلت وزارة التربية لجنة من المختصين والأطباء لتحديد من يستحق الإعفاء من الامتحان ومن يجب تكييف الامتحانات مع وضعه، وذلك مع الحفاظ على الهدف التربوي من الامتحانات، كما تقول الخوري. اللجنة تدرس كل حالة على حدة، بهدف توفير الظروف الأنسب لكل تلميذ بحسب حاجاته، وتتابع أصحاب الطلبات حتى اللحظة الأخيرة، لأنه قد تطرأ حالات صحية قبيل الامتحانات.
في العام الماضي، كشف وزير التربية السابق الياس بو صعب أنّ بعض الأطباء الذين تعاونت معهم الوزارة يعطون التلامذة الصغار أدوية محرّمة على من هم دون 18 سنة، وهي تحدث اضراراً صحية بالغة، وآخرون يكتبون تقارير مزورة عن الحالات.
يقال إنكم ما زلتم تتعاونون مع بعض هؤلاء؟ تجيب: «نحن لا نتعاون مع أي شخص باستثناء اللجنة المكلفة من الوزير، ولكن لا نستطيع عدم استقبال نتائج التقويم النفسي من أحد الاختصاصيين، لأنّ إعطاء إذن للقيام بالتقويم النفسي ليس من صلاحية وزارة التربية، بل وزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية، وهذه السنة تعاونّا مع جمعية «كليس» لإعطاء التقويم المجاني للذين تقدموا بطلب لنمنع استغلال التلامذة.
تقرّ الخوري بأنّ الملف يخضع للاستغلال في لبنان، وهناك حاجة لتحديد الجهة التي يحق لها التقويم النفسي التربوي للتلامذة، وثمة كومبينات تحصل بين الأطباء والمختصين النفسيين وأصحاب المدارس على حساب التلميذ، «فالإنسان الذي يعاني من صعوبات تعلمية أو لديه احتياجات خاصة لا تعطيه الدولة حقه من حيث التأهيل والتعليم، وهذا ما علينا العمل عليه في كل الوزارات المعنية».
تدرك الخوري أن التجربة لا تزال في بدايتها وتحتاج إلى آليات للضبط والمتابعة، وصولاً إلى المأسسة، وقد «بدأنا خطوة الألف ميل بتشكيل لجان مشتركة بين الوزارات المعنية، أي التربية والصحة والشؤون الاجتماعية».