استهلاك
سنأخذ حرائقنا إلى المتاحفِ، يتقاطرُ عليها
آلافُ السيّاح من كلِّ حدب وصوب
وسنَجرّ آلامنا إلى الكتب، نصنع منها قصائدَ تطوف المهرجانات
ورواياتٍ وأفلاماً تحصد ميدالياتٍ وجوائزَ
صرخاتُنا، سنصنع منها سيمفونياتٍ عظيمةً

تُعرض في كبرى دور الأوبرا، يصفق البشرُ لها
وتكتبُ عنها الجرائد والمجلات
أشلاؤنا التي تناثرتْ
سنجمعُها قطعة قطعة وسنضعُها في إطار
يُهرول إليه المهتمّون، ويزاود عليه جامعو التحف والأعمال الفنيّة
سنبدعُ
في كلّ ذلك وأكثرَ
نحنُ
من أنتجتْهُم الحروبُ
واستهلكتْهم الإنسانيّةُ.

أبجدية

الليلةُ الماضية
سحبني أحدُهم مرغماً إلى حفلة تكنو
أنا الذي لم أرقص يوماً
رقصتُ حتى ارتجفت ناصياتُ الشوارع
ولم أشرب يوماً
شربت حتى انتهت القوارير
ولم أضاجع يوماً
فضضت مئاتِ البكارات على طاولة البار.

حين حل الصباح
استيقظتُ وأنا أتمرغُ بالقيء والدماء
كلُ هذا
كان من ليلة الأمس
تلك التي بدأت قبلَ خمسةِ آلاف عام.

مطاردة

الجنود الذين طاردوني في رام الله
في ليالِ مارس من العام 2002
واعتقدت بأنني هربت منهم
ما زالوا يطاردونني كل ليلة
في عمان والقاهرة وبرلين وباريس
أحياناً كانوا يغيبون أياماً
أحياناً أسابيع
وكلما اعتقدت بأنهم رحلوا
عادوا ليقضوا مضاجعي
ببدلهم الكالحة وبساطيرهم البُنية
ليال أركض في الجبال
وليال أختبئ تحت الطاولة
وأخرى أراوغهم في بنايات كبيرة
ذات ممرات متشعبة وسلالم لا تنتهي.
الجنود الذين طاردوني في رام الله
ما زالوا حتى الآن يطاردونني
ولن
يمسكوا بي أبداً
أنا الذي سأظل خلفهم في الصحو.

تاريخ

لستُ سيزيف ولا صخرته المتدحرجة
لستُ المسيح ولا إكليله الشوكي
لستُ غاندي ولا ملحه
لستُ جيفارا ولا سيجاره
لستُ حتى سوبرمان
اخترقُ جبلاً ولا تتغير تسريحة شعري!
أنا مجردُ مشاهد
أُدخل عنوة إلى
مسرحية مملة
وعندما حاول الخروجَ منها
سَحبَه الممثلون إلى الخشبة
كان الأبطال والكومبارس يتبادلون الأدوار
وأنا؛ مرة أكون بطلاً وأخرى كومبارساً
كان هذا قبل أن نتحول جميعاً إلى ديكور
ونفسحُ المجال لمشاهدين جدد
يُسحبون إلى الخشبة
ويلعبون ذات الأدوار
التي يموت فيها الأبطال بدون جدوى
ويتمرس فيها الكومبارس على شهادة الزور.
يلعبون ذات الأدوار
لذات المسرحية
التي تدعى
تاريخ.

* شاعر فلسطيني ـــ نصوص من مجموعة جديدة تصدر قريباً