في العاشر من نيسان الماضي، استقبل قائد الجيش العماد جوزف عون السفير البريطاني هيوغو شورتر والسفيرة الأميركية إليزابيث ريتشارد. اللقاء، بحسب بيان السفارة البريطانية، تناول مشروع أمن الحدود البرية، وتوقيع عون وشورتر اتفاقية لدعم الجيش بالتدريب والعتاد.
وعلى ذمة السفارة أيضاً، فإن شورتر قال إن «أكثر من 70٪ من الحدود أصبحت آمنة، وإحساس المجتمعات المحلية بالأمن على ارتفاع بشكل كبير».
ما علاقة هذا الخبر بالدعوى القضائية التي أقامتها سفارة الملك السعودي على «الأخبار» بجرم «تحقير دولة أجنبية»؟ نظرياً، لا شيء. أما عملياً، فالأمران سيّان. سفير الملكة إليزابيث يملك قدراً من الوقاحة، يسمح له بأن ينتحل صفة السلطة السياسية اللبنانية ليقول إن 70% من الحدود أصبحت آمنة، وبأن ينطق باسم «المجتمعات المحلية» ليقرر أن إحساسها بالأمن «على ارتفاع بشكل كبير». القدر ذاته من الوقاحة تملكه سفارة الملك سلمان، لتدّعي على صحيفة لبنانية قررت منذ صدورها أن تشق عصا طاعة «وليّ الأمر». المشترك بينهما لا يقتصر على الوقاحة. ثمة مشترك أكثر حضوراً، وهو غياب الدولة اللبنانية. والمقصود هنا، السلطة السياسية التي تقف متفرّجة على قناصل الممالك، يمسحون أحذيتهم بسيادتنا. وكما أن خبر السفارة البريطانية مرّ مرور الكرام، كذلك سيمر على سلطتنا السياسية، بكافة أذرعها (الحكومية، الإعلامية، المجتمع المدني...)، حدث ادعاء السفارة السعودية على «الأخبار».
هل يمكننا أن نراهن على أحد في الدولة اللبنانية؟ الجواب سلبي حتماً. فبخلاف كل الغنائيات عن حرية الصحافة، لا ترى سلطتنا أي غضاضة في إسكات الصحافة، بشتى السبل. قانون مطبوعاتنا الذي نُحاكم بهراوته خير مثال على نظرة السلطة إلى مفهومَي الحرية والصحافة. على من الرهان؟ رئيس الحكومة سيلتزم بـ«الإرادة السامية». هو مواطن سعودي بالدرجة الاولى. ومن غير المستبعد أن يتخذ صفة الادّعاء الشخصي على «الأخبار»، ابتغاء مرضاة الملك وابنه.
من؟ قبل أيام، لم يتوانَ رئيس أكبر تكتل في الحكومة (وزير الخارجية) عن وصف صحافيين بـ«السفالة» و«الأقلام القذرة»، لأنهم ارتكبوا جرم التعليق على كلام وجّهه إلى شركائه وحلفائه.
الآخرون داخل الحكومة؟ أهلاً.
يبقى وزير الإعلام. لا شك في أن أفقه المفتوح للتعامل مع الإعلام وقضاياه ستُقفله قيادته السياسية، بسقف متين لا يُمكن خرقه.
ما العمل؟ لا خيار سوى المزيد من رفع الصوت في وجه قاتل أطفال اليمن، وغيرهم.