«إن لم يجد من يُقاتله، يُقاتل نفسه». يقول مقاتل سوري، خلال دردشة عبر السكايب، عن تنظيم «الدولة الإسلامية» في القلمون. فقبل أن تحتدم المواجهة بين أكثر التنظيمات تشدداً وحزب الله، بدأت حملة تصفيات داخلية في صفوف التنظيم. حرب أجنحة أو تصفية حسابات شخصية أو تنفيذ أوامر عليا، أيّاً كانت عناوينها، لا شك ستُنهك التنظيم حتى تكاد تودي به. وبحسب المعلومات، رغم عدم ارتباط مقتل «أبو الوليد المقدسي» بالانشقاقات التي تضرب جسم التنظيم في القلمون، تفيد المعلومات بأنّ القيادي القصيراوي موفق أبو السوس الذي عُيّن أميراً مرحلياً للتنظيم، يقود الجناح العسكري الأقوى في القلمون. وتفيد المعلومات بأن أبو السوس «يُحاول إحكام سيطرته على تنظيم الدولة في القلمون، مثلما فعل في القصير مع كتائب الفاروق»، وأنه «يقود حملة تصفية كي لا يبقى قيادي قوي غيره». هكذا اختلط الحابل بالنابل في الجرود الواقعة تحت سيطرة التنظيم. أما الذريعة الجديدة المضافة إلى سابقاتها في تبرير قتل هذا أو ذاك، فكانت هذه المرة التخوين بتهمة «التواصل مع حزب الله».
وخلال الأيام الماضية، أفتت المحكمة الشرعية لـ«الدولة الإسلامية» بهدر دم أحد أمرائه المنشقين في القلمون «أبو الوليد المقدسي». وبناءً عليه، هاجمت مجموعة من التنظيم منزله في جرود عرسال (وادي ميرا)، ومن دون الاستماع إليه أو محاكمته، أُجهِز عليه ذبحاً بوصفه «مرتداً لا يُستتاب». كذلك قُتلت زوجته وابنه وثلاثة أشخاص آخرين. كذلك قُتل الأمير العسكري في التنظيم «أبو بلقيس العراقي» في اشتباكات بين أبناء التنظيم نفسه، رغم تداول معلومات خاطئة تفيد بأنه ينتمي إلى «جبهة النصرة» وقُتل بصاروخ موجه لحزب الله. وقد قُتل معه القيادي العسكري السابق في «النصرة»، قبل أن يلتحق بـ«الدولة»، طلحة عامر الملقب بـ«أبو بكر عامر» الذي سبق أن فقد كفّ يده في معركة القصير مع حزب الله.

القصيراوي موفق أبو السوس يقود الجناح العسكري الأقوى
لـ «داعش» في القلمون


هكذا قسّم الصراع الداخلي تنظيم «الدولة» إلى فروع. لم يُعيّن أمير عام بعد في انتظار قرار قيادة التنظيم كما جرت العادة. أما محمد الدليمي الملقب بـ«أبو أيوب العراقي»، الذي تردد أنه وُلّي إمارة التنظيم في القلمون أخيراً، فتكشف المعلومات أنه عُيّن «والياً لتدمر» من قبل أبو بكر البغدادي شخصياً، نافية أن يكون موجوداً في القلمون أصلاً. والعراقي هو شقيق سجى الدليمي، طليقة البغدادي، بحسب المصادر نفسها. وتكشف المعلومات أن الدليمي مكلّف بقيادة «معركة فتح القصير». وللدليمي شقيق آخر يُعرف بلقب «أبو سليمان البغدادي» كان شاهداً على عملية التبادل لتحرير راهبات معلولا حيث كان في ضيافة «النصرة» حينها، لكنه اليوم في الموصل.
تجدر الإشارة إلى أن تنظيم «الدولة» أفرج عن أحمد سيف الدين الملقب بـ«السلس» بعد اختطافه من عرسال منذ أسابيع. وقد أطلق سراحه بعد «محاكمته لعدم ثبوت تورطه» في تسليم عناصر من التنظيم إلى «النصرة»، وهو الآن في عرسال.
ويعدّ سيف الدين أحد أبرز المطلوبين للأجهزة الأمنية اللبنانية، للاشتباه في تورّطه في أكثر من جُرم، أبرزها دوره الرئيسي في قتل المقدم نور الجمل إثر «معركة المهنية» في «غزوة عرسال» في آب الماضي، فضلاً عن دوره الأساسي في الإشراف على تدريب المسلّحين في طرابلس ونقل السلاح إلى مجموعات الشيخ أحمد الأسير في صيدا.




الجهادي الأردني... من الإمارة إلى القتل

وَفَدَ الشيخ الأردني أبو عبدالله المقدسي، الذي اشتُهر لاحقاً بلقب «أبو الوليد المقدسي»، إلى منطقة القلمون في تشرين الأول الماضي. المقدسي، وهو قاضي القضاة في «الدولة»، وصل ضمن وفد مؤلف من ثلاثة «شرعيين» مرسلين من القيادة المركزية للتنظيم في الرقة، أحدهم كان يُعرف بـ«أبو كفاح العراقي»، الذي قُتل لاحقاً. لم يلبث المقدسي أن وُلّي إمارة التنظيم في القلمون ليبدأ تشكيلات جديدة. تمكّن الشاب الذي لم يتجاوز ثلاثين عاماً خلال فترة قصيرة من رفع عديد التنظيم من 96 شاباً إلى 800 شاب. إذ تمكن من استمالة الفصائل التي تدور في فلك «الجيش الحر» بعد دعوتهم إلى البيعة وإجابة هؤلاء له، علماً بأن المقدسي يمتاز عن سابقيه بتحصيله الشرعي الوافي رغم صغر سنّه. والمعروف عنه، بحسب قيادات جهادية، أنّه «صاحب غلوّ كبير وحاقد على النصرة»، علماً بأنه كان في صفوف «النصرة» قبل انشقاقه عنها. وقد أفتى بقتل أحد قادة «الدولة» لأنّه رفض تكفير مسلّحي «الجبهة».