لليوم الثاني على التوالي، نجح الجيش السوري في صدّ هجوم الجماعات التكفيرية المرتبطة بـ«غرفة العمليات الأردنية (الموك)» على مطار الثعلة العسكري، غرب مدينة السويداء في الجنوب السوري. وعلى الرغم من الدفعة المعنوية التي نالها تكفيريو «حركة المثنى» و«الجيش الأول» و«لواء شباب السنة» و12 فصيلاً آخر شارك في الهجوم، جراء السيطرة على مقرّ اللواء 52 شمال غرب مطار الثعلة قبل يومين، تمكّنت حامية المطار بالتعاون مع أبناء السويداء من استيعاب صدمة القصف العنيف على المطار، الذي بدأ فجرا.
وبفعل التحصين والعبوات الناسفة والقصف الجوي والاشتباك المباشر، تمكّن الجيش من قتل ما لا يقلّ عن 30 مسلّحاً من المهاجمين، الذين حاولوا التقدّم على أسوار المطار عبر ثلاثة محاور ظهر أمس، في مقابل سقوط شهيد واحد من قوات الدفاع الوطني المساندة للجيش.
الهجوم العسكري العنيف على المطار، الذي يمثّل خطّ الدفاع الأول عن مدينة السويداء، ترافق مع حرب إعلامية شنتها وسائل إعلام المعارضة السورية والدول الداعمة لها ووسائل إعلام الحزب التقدمي الاشتراكي في لبنان، عبر بثّ أنباء عن سقوط المطار وإخافة أهالي السويداء. وفي الوقت نفسه، دَفْع الأهالي نحو التخلّي عن الجيش والتعاون مع الإرهابيين والترويج لضمانات يقدّمها قادة المجموعات الإرهابية.

حمّل البلعوس
الجيش مسؤولية سقوط قذائف هاون على المدينة


مصادر ميدانية أكّدت لـ «الأخبار» أن «صمود المطار اليوم (أمس) رفع معنويات أهالي السويداء في ظلّ الحرب الإعلامية التي تخاض ضدّهم». وقالت المصادر إن « تعاون الأهالي مع الجيش رفع معنويات جنود حامية المطار أيضاً، وأحدث شدّ عصب كبيرا بين الأهالي والفعاليات»، مشيرةً إلى أن «مجموعات من الدفاع الوطني ودرع الجبل (يقودها العميد نايف العاقل) وحماة الديار (يقودها نزيه جربوع) انتشروا في محيط المطار منعاً للاختراقات، إضافة إلى دخول مجموعات من الحزب السوري القومي الاجتماعي إلى المطار لمساندة الجيش».
وفي الوقت الذي كان فيه الجيش والقوات الرديفة له يصمدان تحت وقع القصف العنيف ويصدّان المهاجمين، كان الشيخ أبو فهد وحيد البلعوس يحمّل الجيش وفرع الأمن العسكري مسؤولية أكثر من 15 قذيفة هاون سقطت داخل المدينة في سياق تحريضه الأهالي على الجيش، عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وقام عدد من أتباعه بالتهجّم على عناصر الجيش على مدخل إحدى الكتائب داخل المحافظة، بحجّة عدم ملاحقتهم مطلقي قذائف الهاون. وأدت القذائف التي سقطت في عدّة مواقع في قلب المدينة من «ساحة تشرين» وصعوداً نحو «ساحة الزنبقة» وشرق «برج الريم» و«مسبح سارة» و«حي الدبيسة» وطريق قنوات قرب مشفى المزرعة، إلى استشهاد المواطن أبو جمال أسعد سرايا، وإصابة حفيدته إنجيلا سرايا ومواطِنَيْن آخَرَيْن، وأصيب منزل المواطن علي الفقيه ومنزل المواطن صلاح بدران.
مصادر ميدانية أكّدت لـ «الأخبار» أن «الخلايا النائمة المتعاونة مع الإرهابيين تحرّكت داخل المدينة وأطلقت القذائف لإحداث البلبلة، وإيجاد شرخ بين الأهالي والجيش في هذا الوقت العصيب»، مشيرةً إلى أن « مصدر القذائف هو شرق منطقة المقوس ومنطقة غرب نادي الرماية، وتبيّن أن القذائف هي هاون عيار 60، ويمكن للخلايا النائمة إطلاقها من أي مكان في المدينة».
من جهتها، عبّرت مصادر في المؤسسة الدينية عن «أسفها» لـ «انخراط البلعوس في التعاون مع الإرهابيين تحت مسمّى الجيش الحرّ»، مؤكّدة أن «هناك حديثا عن اتفاق بين البلعوس والإرهابيين لتسليمه أسلحة المطار إذا تعاون معهم ضدّ مواقع الجيش والدولة السورية داخل المحافظة، فهل يصدّق البلعوس وعودهم؟».
وقالت مصادر أهلية إن «البعض من جماعة البلعوس لم يقوموا بأي عمل طوال اليومين الماضيين سوى التقاط الصور مع أسلحتهم الفردية ونشرها على صفحات التواصل الاجتماعي، وقطع الطرقات ومظاهر التشبيح».
الحديث عن ضمانات وتفاهمات مع الإرهابيين، والترويج أن هدف المجموعات التكفيرية ليس السويداء بل مواقع الجيش، يعيد الأنظار إلى المجزرة التي ارتكبها إرهابيو «تنظيم القاعدة في بلاد الشام ـــــ جبهة النصرة» أول من أمس بحقّ حوالي 40 مواطناً من أبناء بلدة قلب لوزة في جبل السّماق في إدلب. فأهالي قرى جبل السّماق تعاونوا مع الإرهابيين عملاً بنصيحة النائب وليد جنبلاط، لتعود الجماعات التكفيرية وتنكّل بهم تحت عنوان «إعادتهم إلى الإسلام» وتطبيق « الشريعة» عليهم.
وترى مصادر المؤسسة الدينية ومصادر أهلية في المحافظة أن «تجربة أهالي قلب لوزة وجبل السماق مثال جديد على أن الجماعات التكفيرية لا تلتزم بعهد ولا ضمانة»، وأنها «حالما تتمكّن من منطقة تبدأ بالتوسّع وفرض السيطرة، وإخضاع السوريين للعقيدة الوهابية».
وقالت المصادر إن «إيهام أهالي السويداء بوجود ضمانات من داعش أو النصرة هو خديعة ترمي إلى التضحية بهم في المستقبل».
التطورات الميدانية في السويداء وانعكاسها على واقع المحافظة الداخلي، محطّ متابعة دقيقة من إسرائيل وإعلامها، إذ تشيع وسائل إعلام العدو ومسؤوليه منذ عدّة أيام أن «إسرائيل ستحمي الدروز السوريين»، عبر التسويق لحماسة دروز فلسطين المحتلة في الدفاع عن أقاربهم في السويداء. وتقول مصادر المؤسسة الدينية إن «إسرائيل ترعى الجماعات المسلحة وتدعمها في الجنوب السوري، ولا سيّما جبهة النصرة التي ترتكب المجازر بحقّ أهلنا، وفي الوقت نفسه تحاول استمالة أبناء السويداء وجبل الشيخ بأنها ضمانتهم».
وقالت المصادر إن «خيار أهالي السويداء هو القتال إلى جانب الجيش والتمسّك بالدولة السورية في مقابل الفوضى المرسومة لكلّ المناطق السورية، واليوم معركة المطار هي معركة الدفاع عن خط المواجهة الأول للمدينة»، مؤكّدةً أن «إسرائيل لديها حلم قديم بإقامة أحزمة أمنية حول الأراضي الفلسطينية المحتلة لحمايتها، والدروز لا يمكن أن يقوموا بهذا الدور، وهم متمسّكون بالجيش والمقاومة».