كشفت حرائق الغابات المنتشرة منذ أيّام في فلسطين المحتلة، ضعف قدرة السيطرة في إسرائيل على كوارث طبيعية. انفلاش الحرائق والتهامها مزيداً من الأراضي، وصولاً إلى الأماكن المبنية في المدن والمستوطنات، دلّت على الضعف، مع الإقرار بمستوى مرتفع من الضعف وأيضاً العجز، بعد مبادرة تل أبيب إلى طلب العون والمساعدة الخارجية.
مع ذلك، ربّما لا يرقى الخبر إلى حد الاهتمام البالغ به لولا دلالاته المرتبطة بقدرة إسرائيل الفعلية على مواجهة التحديات الأمنية، التي تقول إنها جاهزة ومجهزة لمواجهتها.
كوارث طبيعية بما يشمل الحرائق وانتشارها، لا تخلو منها أي دولة، لكنها في الحالة الإسرائيلية تأخذ منحى ومعنى مختلفين، بعدما تكررت وتكررت معها الأخطاء والإخفاقات، التي تبدو أنها أخطاء متأتية من فشل بنيوي، لا طاقة لإسرائيل على مواجهته، وذلك كله رغم كل الدعاية والمناورات والتدريبات على مر السنوات العشر الماضية، ما بعد حرب عام 2006، لتعزيز «منعة» الجبهة الداخلية في مواجهة الكوارث الطبيعية وغير الطبيعية.
الحرائق المنتشرة قبل أيام في فلسطين المحتلة هي إحدى النتائج المؤكدة التي سيعاينها ويعايشها الإسرائيليون، في حال نشوب مواجهة مع حزب الله، التي يقدر إلى حد اليقين، أنها ستشهد تساقط آلاف الصواريخ يومياً ومن مختلف الأنواع، ما يفضي بالضرورة والقطعية، إلى حرائق في حدها الأدنى ستكون مشابهة للحرائق الحالية.

بغضّ النظر عن سبب الحرائق، لا ينفي هذا العجز الإسرائيلي

ووفق آخر التقديرات الإسرائيلية (صحيفة «جيروزاليم بوست» 18/11/2016)، أن «الحرب المقبلة في مواجهة حزب الله ستشهد سقوط 1500 ــ 2000 صاروخ على إسرائيل في اليوم الواحد، مقارنة بـ150 ــ 180 صاروخاً في اليوم خلال حرب لبنان الثانية، قبل عشر سنوات».
والأنكى من ناحية إسرائيل، أنها في الحرب المقبلة لن تكون بقدرة كاملة على مواجهة الحرائق التي تتسبب بها الصواريخ حكماً، وذلك نظراً إلى القصف المتواصل أساساً، وأيضاً ضرورات توجيه الموارد الإسرائيلية لإنقاذ الأرواح في الثكن وأماكن تجمع واستيعاب الجنود والاحتياط في المدن والمستوطنات، فضلاً عن ضرورات التعامل مع الأضرار في المنشآت الحيوية، وكل ذلك يبعد عمليات الإنقاذ الإسرائيلية عن الأضرار والتداعيات المادية للأطراف، حتى إن كانت قريبة من الأماكن المبنية.
وسواء كانت الحرائق في فلسطين المحتلة متعمدة أو لا، أو حتى كانت مختلطة بين الأمرين، فلا يغير هذا واقع العجز الإسرائيلي على مواجهتها، كما أن المشاهد الواردة من فلسطين، والإقرار الإسرائيلي بالعجز، معطى سيكون حاضراً أمام حزب الله في المواجهة المقبلة، ولا يبعد أن يبنى على الشيء مقتضاه.
الجهات، التي عملت وتعمل على بناء القدرة العسكرية للحزب والاستعداد للحرب، ستعود أيضاً بالذاكرة إلى مشاهد حرائق غابات الكرمل وحيفا عام 2010، وما قيل في أعقابها عن جاهزية إسرائيلية لمواجهة أي حرائق وكوارث طبيعية لاحقاً، ليتبين لها أن الاستعداد الإسرائيلي والجاهزية المحكى عنهما، لم يكونا إلا لأغراض التعمية على الحقائق وعلى العجز، الأمر الذي يدفع جهات الاستعداد لدى الحزب كي تبني أيضاً على مقتضى ذلك.