خلافاً لأجواء التفاؤل التي سادت بعد انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، وتكليف الرئيس سعد الحريري، بقرب تأليف الحكومة، سادت في الساعات الأخيرة أجواء معاكسة لا تبشر بالخير، وتنسف المواعيد التي أُعطيت لتشكيلها قبل عيد الاستقلال.فبحسب المعلومات التي رشحت أمس نتيجة المشاورات والاتصالات التي تقوم بها الكتل المعنية بتأليف الحكومة، فإن الأجواء باتت مشحونة، وإن تأليف الحكومة دونه عقبات، أولها تمسك الرئيس سعد الحريري بحصة وازنة من المقاعد المسيحية، تحدثت معلومات عن أنها لا تقل عن ثلاثة مقاعد. في وقت لم تنته فيه بعد معضلة توزع الوزارات السيادية وتمسك القوات اللبنانية بواحدة منها، والإشكالية حول وزارة المال التي يرغب الحريري أيضاً في الحصول على تعهد مسبق بأن تشملها المداورة في الحكومة الثانية للعهد، فلا تبقى من حصة الطائفة الشيعية.
ومن المقرر أن يزور الحريري قصر بعبدا خلال الساعات المقبلة ليُبلغ رئيس الجمهورية بحصيلة المشاورات التي يجريها. وعلمت "الأخبار" أن الحريري لن يعرض على عون تشكيلة أولية، بل سيعرض عليه المشكلة التي تعترض التأليف. وذكرت المعلومات أن الحريري مصرّ على حصة "مسيحية" وازنة في الحكومة، وأنه سيعرض على عون هذا الأمر بعدما وصلت المفاوضات مع الوزير جبران باسيل إلى لا اتفاق في هذه النقطة، وسط إصرار التيار الوطني على عدم إعطاء مقاعد مسيحية للحريري ولا للرئيس نبيه بري.
وفيما نفت أوساط تيار المستقبل أي تشنج في مفاوضات التأليف، مؤكدة أن "ما يحصل من تجاذبات هو جزء تقليدي من التفاوض"، أكدت أوساط في التيار الوطني أنه متمسك بتفاهمه مع القوات اللبنانية، وأن التمثيل المسيحي يجب أن ينحصر بالأحزاب المسيحية، وأن على القوى الشريكة في الحكومة وفي التسوية الرئاسية أن تتعامل مع المسيحيين والتوزير المسيحي على هذا الأساس.
عون: لا يجوز أن تبقى الليرة مدعومة بالدَّين الذي بلغ حجماً كبيراً

ردّ بعبدا

وفي أول ردّ مباشر على ما يُتداول عن فيتوات رئاسية في موضوع الحكومة، أكدت معلومات بعبدا لـ"الأخبار" أن "كل كلام عن فيتوات في موضوع الحكومة عارٍ من الصحة تماماً، لأن آلية تشكيل الحكومة متروكة للرئيس المكلف وبقية القوى السياسية. ولا ينفي هذا أن رئاسة الجمهورية مطلعة على كل ما يحصل في إدارات الدولة ومؤسساتها ووزاراتها، وهي تعتبر أن كل شخص مسؤول عما يقوم به، وأن بعض ما يحصل في هذا المجال لا يرضي المصلحة العامة ولا يؤمنها". وتضيف المعلومات الواردة من القصر الجمهوري أنه "في كل الأحوال هذه الحكومة ليست حكومة العهد الأولى، بل هي الحكومة الأخيرة لمجلس عام 2009 ، فيما حكومة العهد الأولى ستنطلق بعد الانتخابات النيابية المقبلة".

عون وسلامة

وفي موقف لافت لرئيس الجمهورية في الموضوع المالي والاقتصادي، قال عون أمام وفد من الهيئات الاقتصادية برئاسة الوزير السابق عدنان القصار إنه "لا يجوز أن تبقى الليرة اللبنانية مدعومة بالدين الذي بلغ حجماً كبيراً، وتحسين وضعها يتم بالإنتاج، فالاقتصاد هو الداعم الأول للعملة اللبنانية". وتوقف مراقبون اقتصاديون عند كون هذا التصريح أتى في ظل الإجراءات التي اتخذها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الصيف الماضي تحت تسمية "هندسة مالية"، وهي الإجراءات القائمة بالكامل على الاستدانة بهدف تعزيز موجوداته بالعملات الأجنبية. كذلك، فإن سلامة لم يزر قصر بعبدا لتهنئة عون بانتخابه رئيساً للجمهورية، فضلاً عن أنه لم يحضر جلسة الانتخاب.
لكن مصادر سلامة أكدت أن العلاقة الآن إيجابية جدّاً بين رئيس الجمهورية وسلامة. وبحسب هذه المصادر «سبق لعون أن اتصل بسلامة قبيل انتخابه رئيساً، طالباً منه ألّا يتأثّر بما يقال في الإعلام، لأنه غير صحيح، وأنه متمسّك به". وأكّدت المصادر أن العلاقة ثابتة مع عون، كما هي مع الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري، وأن مسألة "التجديد للحاكم أمر لا خلاف عليه بين الرئاسات الثلاثة". وحول الكلام عن عدم زيارة حاكم المصرف لبعبدا للتهنئة، قالت المصادر إن "الاتصال دائم بين الرجلين، وسلامة سيزور عون قبل عيد الاستقلال، لكنّه مضطر إلى السفر نحو أسبوع، لذلك لم تجرِ الزيارة".

توقيف خلية تجسس؟

أمنياً، أوقفت استخبارات الجيش مواطنَين لبنانيين في البقاع الغربي، إثر الاشتباه في تعامل أحدهما مع العدو الإسرائلي. وقالت مصادر أمنية لـ"الأخبار" إن التوقيف أتى بعد توافر معلومات عن تعامل مواطن لبناني (من بلدة جب جنين البقاعية) مع استخبارات العدو. وبعد التحقيق معه في اليومين الماضيين، دُهِم منزله ظهر أمس، لضبط عدد من الأجهزة العائدة له. ولفتت المصادر إلى أن عملية الدهم تعرّضت للعرقلة من قبل بعض أهالي البلدة الذين يجهلون سبب توقيف ابن بلدتهم (يعمل في قطاع العقارات). وعاودت دورية من القوة الضاربة في استخبارات الجيش دهم المنزل، بالتزامن مع قيام دورية أخرى من القوى نفسها بتوقيف شخص في بلدة مشغرة. ولفتت المصادر إلى أن عملية الدهم في جب جنين والتوقيف في مشغرة حصلا بناءً على اعترافات الموقوف الأول، من دون أن يعني ذلك ثبوت الشبهة بحق أي واحد من الموقوفَين، وخاصة الموقوف الثاني الذي أُحضِر إلى وزارة الدفاع، بهدف التثبت من الإفادة التي أدلى بها الموقوف الأول.