خمس ليال مكثتها فاطمة حمزة في سجن مخفر الغبيري، بسبب رفضها التخلي عن ضناها بموجب قرار جائر صادر عن المحكمة الجعفرية. أمس، أُطلق سراح الأم، بعدما أصدر قاضي الشرع في المحكمة الجعفرية جعفر كوثراني قراراً يقضي بوقف تنفيذ الحكم الصادر عنه بتاريخ 13/4/2016 والقاضي بمنح حضانة الطفل البالغ من العمر 3 سنوات ونصف سنة الى الزوج، وذلك "حتى إشعار آخر، تمكيناً للطرفين من الحضور أمام المحكمة". كذلك نص القرار على دعوة الطرفين لاستجوابهما وعرض الصلح بينهما مُجدّداً. في اتصال مع "الأخبار"، يقول القاضي كوثراني إن قرار وقف تنفيذ الحُكم جاء بعدما "سلك أصحاب القضية المسار القانوني الصحيح، الذي كان من الأساس مطلباً للمحكمة"، في إشارة الى تقدّم الوكيلة القانونية للأم باعتراض مع ادّعاء مُقابل على قرار منح الحضانة الى الزوج. وبحسب نص القرار، فقد تضمّن الاعتراض طلب وقف تنفيذ الحكم وإبلاغ دائرة تنفيذ بعبدا مضمون قرار وقف التنفيذ.
الحملة: أطراف نافذة تدخلت بهدف "لفلفة" القضية

قرابة الرابعة عصراً، خرجت فاطمة من مخفر الغبيري وعانقت ابنها علي الذي كان ينتظرها. أدلت بتصريح مُقتضب أمام وسائل الإعلام، مفاده أنها لن تتراجع عن حقها في أمومتها، مُشيرة الى وجود حالات كثيرة من الأمهات المُضطهدات بفعل القوانين "اللي لازم تتعدّل". ولفتت الأم الى الخوف الذي ينتاب الكثير من الأمهات ويمنعهن من إعلاء أصواتهن ضدّ هذه القوانين. وكان الاعتصام الذي نُظّم يوم السبت الماضي، تضامناً مع حمزة، قد فضح الكثير من القصص المُشابهة التي تسببت بها أحكام قُضاة الشرع الذكورية.
لم تنسَ فاطمة شُكر رئيس مجلس النواب نبيه بري ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، ما أوحى بتدخّل هذه الجهات لدى المحكمة الجعفرية ودفعها نحو التراجع عن قرارها. يُعلّق القاضي كوثراني على هذا الأمر بالقول إن هناك العديد من الأطراف "استفسرت عن الموضوع الذي بات قضية رأي عام"، مؤكداً أن تراجعه عن القرار جاء بعدما سلك أصحاب القضية الطرق القانونية.
من جهتها، أصدرت "الحملة الوطنية لرفع سن الحضانة لدى الطائفة الشيعية"، بياناً اعتبرت فيه أن إطلاق سراح فاطمة ليس انتصاراً، بل هو "نتيجة طبيعية للضغط الشعبي الذي مورس"، مُشيرةً الى أن الانتصار هو عندما يُحقّق مطلب رفع سنّ الحضانة لدى الطائفة الشيعية كي لا يتكرّر ما حصل مع فاطمة. وأضاف البيان أن الأخيرة واجهت واستطاعت أن تفرض قضيتها، إلا أن "هناك الكثير من الأمهات اللواتي لا يزلن ينتظرن أن ينلن حقوقهن في الحضانة". ووعدت الحملة بتحرّك قريب، لمواكبة الضغط سعياً الى تحرير الكثير من الأمهات المقهورات.
بيان الحملة أشار الى أن الضغط الشعبي عرّى ممارسات المحاكم الجعفرية أمام الرأي العام، ولفت الى "الأطراف النافذة التي تدخلت في القضية" (ويُقصد برئيس مجلس النواب نبيه بري ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان) بهدف "لفلفة" الموضوع. تقول الناشطة في الحملة نادين جوني إن الجهود التي مارستها "الأطراف النافذة" يجب أن تُترجم واقعاً عبر السعي الجدي إلى رفع سن الحضانة لدى الطائفة الشيعية، مُشيرة الى أن تحركات الحملة في هذا الصدد مُستمرة. أول هذه التحركات سيكون يوم السبت المُقبل أمام المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى عند الرابعة عصراً. تقول جوني: "صحيح أن فاطمة خرجت، لكن القضية لم تنتهِ".