شهد العام الماضي محاولة متجددة باءت بالفشل للكشف عن مصير الطيار الإسرائيلي المفقود، رود أراد، في إطار مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل من جهة، وكل من حزب الله وإيران من جهة أخرى، توسطت فيها جهة إستخبارية غربية. هذا ما ذكرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" أمس بالإستناد إلى مصادر غربية وبناء على قرار من الرقابة العسكرية الإسرائيلية بالسماح بنشر الموضوع.وكتب مراسل الشؤون الأمنية في الصحيفة، رونين بيرغمان، أن الرقابة أعطت الإذن بالكشف عن إتصالات جرت بين إسرائيل وحزب الله بوساطة غربية العام الماضي، كان الحرس الثوري الإيراني شريكاً فيها، تمحورت حول محاولة العثور على رفاة أراد الذي فقد في لبنان منذ ثلاثين عاما، إبان قيامه بتنفيذ غارات حربية على أهداف محلية. ويُعتبر الطيار الإسرائيلي المفقود ورقة مهمة بين إسرائيل وحزب الله في إطار مفاوضات تبادل الأسرى التي حصلت بين الجانبين وأفضت إلى عدة عمليات تبادل.
وبحسب بيرغمان فإن حزب الله أعرب عن تفاؤله خلال المفاوضات مع الجهة الإستخبارية الغربية بأنه سينجح في التوصل إلى حل لقضية أراد، وذلك في أعقاب معلومات جديدة جمعها خلال الأسابيع الأخيرة، "لكن في نهاية المطاف أعلن ممثلو الحزب أنهم لم ينجحوا في جهودهم، على الأقل في الوقت الراهن".
في نهاية المطاف أعلن ممثلو الحزب أنهم لم ينجحوا في جهودهم، على الأقل راهناً

وأضاف الكاتب أن المصدر الإستخباري الغربي نقل عن مسؤولي حزب الله قولهم إن "الأرض التي دفن فيها (رون أراد) تغيرت منذ حصول الأمر" مشيرا إلى أنهم "يواصلون المحاولة ومتأكدون من أنهم سينجحون في نهاية الأمر بالعثور على القبر".
وعن "التدخل العميق" للحرس الثوري في المفاوضات، قالت المصادر الغربية إن سببه مزدوج: "أولا، الحرس الثوري هو الذي كان يحتفظ برون آراد منذ عام 1988 وحتى وفاته؛ وثانياً، الحرس الثوري يوجد تحت ضغط ثقيل من جانب مسؤولين في النظام الإيراني لإنهاء قضية الدبلوماسيين الإيرانيين الأربعة الذي فقدوا في لبنان عام 1982"، مع الإشارة إلى أن إيران تتهم إسرائيل بأنها تقف وراء خطف الدبلوماسيين وأنها تحتفظ بهم على قيد الحياة.
وذكر بيرغمان أنه من الناحية الإستخبارية تم حل قضية رون أراد عام 2005، "حيث نجحت آنذاك أجهزة الإستخبارات الإسرائيلية في الحصول على معلومات على أعلى مستوى من المصداقية بأن أراد مات في لبنان بين عامي 1995 و1997 على ما يبدو، جراء مرض أصيب به". وأوضح أن الحاخام العسكري الرئيسي في حينه وافق على الإعتراف بآراد بوصفه قتيلاً للجيش الإسرائيلي مجهول مكان الدفن. إلا أن رئيس الحكومة آنذاك، آرييل شارون، رفض الأمر. ووفقاً للكاتب الإسرائيلي، فإنه خلال الأعوام الـ12 الماضية جرت عدة محاولات لحل قضيتي أراد والدبلوماسيين الإيرانيين لارتباطهما الواحدة بالأخرى، مشيراً إلى إسرائيل سلّمت حزب الله عام 2004، عبر الوسيط الألماني، مواد جمعتها حول الطريقة التي خُطف وعذب وقُتل فيها الدبلوماسييون الإيرانييون الأربعة "على أيدي الميليشيات المسيحية اللبنانية"، إلا أن هذه المواد لم تكن كافية بالنسبة للقيادة الإيرانية.
من جهة أخرى، يضيف بيرغمان، خلال عام 2005 ومع بداية عام 2006 قام حزب الله بعدة محاولات، رأى الوسطاء الألمان أنها كانت جدية جدا، "من أجل حل اللغز التراجيدي لرون أراد". وقد بذل الحزب، بحسب الكاتب، جهودا لدى الحرس الثوري ووزارة الأمن الإيرانية من أجل التحقيق في القضية وإعداد تقرير حول مجريات القضية خلال سنوات الفقدان. وفي هذا الإطار، تردد مسؤولو حزب الله إلى إيران، وجاء مسؤولون إيرانيون إلى لبنان من أجل دراسة القضية والإشتغال عليها.
وفي أعقاب التحقيقات والفحوصات، قام الحزب بالحفر في أماكن مختلفة داخل لبنان. وبعد الحفريات، جرى نقل عظام عُثر عليها في هذه الأماكن إلى إسرائيل مرات عدة. وفي هذه الحالات أشار حزب الله بوضوح إلى أنه ليس واثقا من أن العظام تعود لأراد، وأنه ينقلها لأجل فحصها. وقد تم إخضاع هذه العظام للفحص ومقارنتها مع عينات الحمض النووي مأخوذة مع والدة وشقيق أراد وموجودة منذ عام 1996 في معهد الطلب الشرعي في إسرائيل. وقد أجريت في حينه أربعة فحوص مختلفة لكل عظمة وكانت نتيجتها جميعها سلبية، الأمر الذي يعني أنها ليست عائدة لجثة أراد.