عقارب الساعة تخطت الرقم الـ11، فبدأ وصول المدعوين لحضور المؤتمر الصحافي من أمناء وأعضاء في مجلس العُمد.
عميد الإذاعة والإعلام وائل حسنية، تولّى الشرح للصحافيين عن أهميّة التزام المؤسسات والمعارضة من الداخل. نائب رئيس الحزب في الشام والرئيس السابق للمجلس الأعلى، نذير العظمة يجلس في المقعد الأمامي، موزعاً ابتساماته على الحاضرين. يُقدّم قراءة سريعة لواقع الأحزاب، وخاصة «القومي»: الحزب «حركة ديناميكية يجب أن تُرافق التطورات وتواكبها». يُسأل إن كان الاتفاق قد رسا على قانصو: «كنت رئيساً للمجلس الأعلى خلال عهده، وقد كان من أفضل العهود حيث قدمنا نموذجاً عن التكامل بين العمل التنفيذي والتشريعي». ما يمرّ به الحزب حالياً «ليس بأزمة، ولكن هناك تطورات حصلت في الكيان السوري تستدعي الوعي وتجاوزها عبر حلول معرفية ومنهجية».
غاب عريجي وخليل وأنباء عن نيتهما الاستقالة من المجلس الأعلى
من سوريا أيضاً، وصل المنفذ العام لحمص نهاد سمعان الذي يؤكد أنه «في سوريا لم نشعر بالأزمة. هناك مؤسسات تختار مسؤوليها ونحن لا نتدخل فيها. مين ما أخد إمنا منقلو عمنا». ينتقد سمعان معارضي التعديل الدستوري الذي سمح بإعادة انتخاب حردان لولاية ثالثة قبل أن تُلغي المحكمة الحزبية التعديل وتالياً الانتخاب. «بتسمعي شي واحد كاثوليكي اعترض ليش انتخبو هالبابا مش هيداك؟ القرار يأتي من عند سعادة، فهذه مؤسساته».
«تأخروا، شو تغيرت الخطة؟»، يَسأل أحد الحاضرين. الجواب يأتي من عميد الاقتصاد السابق قيصر عبيد: «12 يعني 12، ما في تغيير»، في إشارة منه إلى عدد أعضاء المجلس الأعلى المقربين من حردان والذين انتخبوه في المرّة الأولى. أخطأ عبيد في تقديراته هذه المرّة، فقد نال قانصو 14 صوتاً مقابل ورقة بيضاء واحدة. وتوقعت المصادر أن يكون عضوا المجلس غسان الأشقر ومحمود عبد الخالق قد صوّتا لقانصو، بعد أن كانا في جبهة المعارضة الداخلية لتعديل الدستور، فيما تغيّب عن الجلسة كل من جبران عريجي وأنطون خليل. ردّاً على سؤال «الأخبار»، نفى قانصو أن يكون غيابهما دليل موقف سلبي من انتخابه: «كان من المفترض أن يحضرا ولا أعلم لماذا عدلا عن ذلك». إلا أنّ معلومات «الأخبار» تؤكد أن اجتماعاً عُقد مساء الخميس بين حردان وعريجي، استكمالاً للقاء جرى بينهما بداية الأسبوع، حاول خلاله فريق عريجي ــ خليل إقناع رئيسهما السابق بتبني ترشيح عضو المكتب السياسي حنا الناشف، على اعتبار أنه مقبول من الجميع ومُقرّب من حردان. لكنّ «إصرار حردان على موقفه بانتخاب قانصو دفعهما إلى مقاطعة الجلسة». لا بل أكثر من ذلك، «بالمبدأ مش مكفيين بالمجلس»، استناداً إلى مصادر قومية.
على المنصة جلس عبد الخالق، قانصو، حردان وكمال الجمل. تحدث بداية الرئيس السابق الذي رأى أنّ «الظرف الاستثنائي الذي تمر به أمتنا كان معياراً مضافاً إلى عملية انتقاء رئيس الحزب». قال إنّ «الحزب غني بطاقاته، لكن الظروف في هذه الاستحقاقات تُعَدّ معياراً في عملية تولي قيادة المرحلة»، واعداً بأنه سيبقى «عند ثقة القوميين مؤمناً بأن طريقنا شاقة وطويلة». ترك حردان الكلام للرئيس الجديد، «الرئيس المنتخب»، كما شدد ضاحكاً معن حميّة فأتاه الجواب من قانصو: «قديش بدي تصير غير منتخب؟». في كلمته، قدّم قانصو برنامج عمله دون أن ينسى توجيه رسالة إلى المعارضين. أبواب المؤسسة الحزبية مفتوحة لمن يريد «وأنا جاهز لحوار الجميع والاستفادة من قدرات الجميع». إلا أنه لا تهاون «مع هواة العبث بسمعة الحزب وصورته ودوره في وسائل الإعلام وغيره»... ستُتخذ بحقهم جميع الإجراءات النظامية «ولن نسمح لأحد بأن يتطاول على الحزب، وخاصة لمن تخلى قصداً ولسنوات عن موجبات انتمائه إلى الحزب، فلم ينخرط في مؤسسة، ولم يُشارك في أي نشاط، وحتى لم يدفع اشتراكه المالي، ومع ذلك يستمر في سلبيته ويُنصِّب نفسه مُعلماً للحزب».
نائب رئيس الحزب توفيق مهنا، كان قد قدم ترشيحه وفق برنامج «الرئاسة الجامعة»، إلا أنه عاد وسحب ترشيحه. يقول حردان رداً على سؤال «الأخبار» إنّ «مهنا من حقه أن يترشح، ولكن الظروف ربما لا تخدم ترشيحه».
يفخر القوميون بـ«الديمقراطية» في حزبهم التي دفعت حردان إلى قبول قرار المحكمة الحزبية، ومن ثم تسليم السلطة لخلفه. مقابل هذا الرأي، هناك رأي آخر يعتبر أنه نسخة عن «الديمقراطية الروسيّة»، وأن الرئيسين القديم والجديد هما «وجهان لعملة واحدة». (في محاكاة لطريقة إدارة رئاستي الجمهورية والحكومة هناك من قبل فلاديمير بوتين ودميتري ميدفيديف). يضحك حردان: «منيح إذا هيك... الروس عم يربحوا». أما قانصو، فيؤكد لـ«الأخبار» أنّ لـ«القومي رئيساً واحداً».
وكانت «حركة 8 تموز» المعارضة لحردان وغالبية أعضائها خارج الحزب، قد أصدرت بياناً اعتبرت فيه أن المجلس الأعلى أقدم على «خطيئة جديدة» بانتخاب قانصو. ودعت القوميين «إلى تنظيم معارضتهم الإصلاحية، والتحضير لعقد مؤتمرات مناطقية، ومن ثم مؤتمر اختصاصي، وصولاً إلى حزب واحد موحد ملتزم بغايته الأساسية وفكر سعادة».