مياومو الكهرباء: «الزعيم إذا ما طعماك ما فيك تاكل»

  • 0
  • ض
  • ض

يتطلع مياومو مؤسسة كهرباء لبنان إلى أن يكون اجتماع «اللجنة السياسية» اليوم، خشبة الخلاص التي تطمئنهم إلى مصير عملهم في المؤسسة

مجدداً، تشخص عيون المياومين في مؤسسة كهرباء لبنان إلى اجتماع تعقده اللجنة "الحزبية"، صاحبة "الاتفاق السياسي" الذي أنهى الإضراب العمالي الأشهر في عام 2014.

تنعقد هذه اللجنة عند الخامسة من مساء اليوم، وتضم: وزير الزراعة أكرم شهيب (الحزب التقدمي الاشتراكي)، علي حمدان، مستشار رئيس مجلس النواب نبيه بري (حركة أمل)، سيزار أبي خليل، مستشار الوزير جبران باسيل (التيار الوطني الحر)، بالإضافة إلى رئيس مجلس الإدارة - المدير العام للمؤسسة كمال حايك.
قرر المياومون أن لا يصعّدوا تحركهم الجديد، المستمر منذ 12 يوماً، علّ اللجنة الحزبية تثلج صدورهم وتطمئنهم إلى مصيرهم. لا يبدو أنهم من مؤيدي المثل الذي يقول: "من جرّب المجرب كان عقلو مخرب". يعبّرون بصراحة، قائلين إنهم "لن يحصلوا على حقوقهم إلا إذا منحهم إياها الزعيم".
في السنوات الأخيرة، أطلق نحو 1647عاملاً مياوماً "غب الطلب" و588 جابي إكراء في مؤسسة كهرباء لبنان حركة من أجل الحصول على حقهم في التثبيت في ملاك المؤسسة. هؤلاء خضعوا على مدى عقدين من الزمن لظروف عمل قاسية، تنطبق عليها سمات "السخرة"، فضلاً عن أنها مخالفة لكل القوانين والأنظمة المرعية الإجراء في لبنان. فهم كانوا يتقاضون أجورهم على أساس يومي، ولا يحظون بحماية قانون العمل والضمان الاجتماعي، ولا يتمتعون بتغطية صحية... نشأت ظاهرة المياومين في المؤسسة بسبب التدمير المنهجي لها بغية خصخصتها واستخدامها في الوقت نفسه لتشغيل جماهير الزعماء الذين ضغطوا من أجل إيجاد فرص العمل لها، فكانت هذه الطريقة الملتوية لتخفيف الضغوط من دون مراعاة حقوق العمال من جهة وحاجات المؤسسة الفعلية من جهة ثانية. انتفض المياومون عندما جرت خصخصة الجباية والتوزيع عبر عقود الشركات الخاصة لمقدمي الخدمات، وطالبوا بحقوقهم وأغلقوا المؤسسة لفترة طويلة، إلا أنهم علّقوا انتفاضتهم بعدما اجتمع ممثلو الأحزاب التي يراهن عليها معظمهم، واتفقوا على إصدار قانون يتيح إدخال بعض المياومين إلى الملاك تبعاً للتوازنات السياسية. إلا أن المياومين اكتشفوا لاحقاً أن الكثيرين منهم يُستبعَدون عبر المباريات التي يجريها مجلس الخدمة المدنية. أطلقوا تحركاً جديداً منذ أسبوعين، لكنه لم يكن بالزخم الذي امتاز به تحركهم السابق. وها هم يراهنون مجدداً على الأحزاب لإنصافهم.
«كل الأطراف بتقول خير والأمر متوقف على الاجتماع السياسي»، يقول المياوم محمد فياض، مستدركاً: «بدنا ناكل عنب ما بدنا نقتل الناطور».


«نجح المسؤولون
في تجزئتنا إلى
فئات لتفريقنا»


ربيع الصائغ، الشاب الذي بدأ إضراباً عن الطعام، الأربعاء الماضي، فكّ اعتصامه هو الآخر، في بادرة حسن نية، كما قال، علماً أنه تعرض، السبت الماضي، لوعكة نقل على إثرها إلى العناية في أحد مستشفيات صيدا. بدا الصائغ متيقناً من «إنو ما في شي بينحل إلّا بالتسويات، وخصوصاً بعدما نجحوا في تجزئتنا إلى فئات على قاعدة فرق تسُد: ناس ناجحة وناس راسبة وناس برات العدد المطلوب، وهذا ما يفسر ضعف التحرك الحالي». آخرون لديهم وجهة نظر أخرى حيال «عدم فعالية» الإضراب الأخير. يقولون: «هيدا الاعتصام بالذات مش مغطى سياسياً وما حدا وراه ولو لم يكن كذلك لكان وقعه أكبر بكثير».
«السياسي» أو الزعيم هو خشبة الخلاص. العمال أنفسهم يقرون بذلك. المياوم علي السيد، مقتنع بأن «أي تحرك غير مدعوم بيحلقولو، بدليل ما حصل مع الحراك المدني». نسأله: «كيف يمكن أن يكون العامل مسحوقاً ويبقى يهتف بحياة الزعيم؟»، يجيب: «خلينا نكون واقعيين. الناس معلقة بحبال الهوا، الزعيم إذا ما طعماك ما فيك تاكل، والأقطاب السياسية إذا ما اتفقوا بضل الشعب جوعان!». بدا لافتاً ما يقوله لجهة أن سياسيين وعدوا بعض المياومين بترتيب وضعهم، وخصوصاً أن هناك 1000 مياوم فني تقدموا على 100 مركز. يردف: «بيكمشوا الناس بلقمة عيشها».
يستشهد بلال بما حصل في حراكي هيئة التنسيق النقابية والحراك المدني ليقول: «ما في عدالة بحق المواطن، مضطرين نلاقي حدا يوقف معنا، وإلا بيمسحونا متل ما عملوا مع حنا غريب، نزلوا معو 100 ألف وما صار شي، بدنا ديمومة عمل، بدنا نشتغل، ما بدنا نقعد على المحاور ونصير قطاع طرق».
اللجوء إلى الرئيس نبيه بري سببه، بحسب جيهان غندور، «الثقة بأنّه نصير المحرومين ويساعدنا على الأكيد، ليس هو من يحركنا، بل نحن نلتجئ إليه ونناشده لينصرنا، وهو الذي ضرب على صدره يوماً، وقال: المياومين عندي». تعتقد أن «وجعنا لم يصل بعد إلى الرئيس بري، لا أتخيل إنو سمع الصوت مزبوط، يمكن في حدا ما عم بيوصلّو صوتنا». ما عدا ذلك، ليس هناك من يحرك المياومين، في رأيها، «الموجوع بيصرخ وما بيحركنا إلاّ وجعنا، ولا سيما إنو عم بيشوطونا متل الطابة من متعهد لمتعهد». تسأل: «بأي حق يهددوننا برمينا في الشارع في أي لحظة ولسبب له علاقة بالتمديد أو عدم التمديد لمشروع مقدمي الخدمات، فيما يفترض أنّ أقل شخص فينا عمل في مؤسسة الكهرباء منذ 10 سنوات، والشركات دخيلة علينا ونحن بالمناسبة العصب الأساسي لعملها؟».
كلام غندور عن «رميهم في الشارع» يأتي في ظل لجوء هذه شركات مقدمي الخدمات إلى انذار العمال بالصرف من العمل، إن لم يجرِ تمديد عقودها مرة أخرى في 28/8/2016.
يستفز ربيع كركي الحديث عن استخدام صوت المياومين لتحسين شروط المفاوضين بشأن التمديد لشركات مقدمي الخدمات. فيقول: «نحن لا نزرك أحداً ولا نتحدى أحداً، مطلبنا عمالي بحت له جوانبه الاجتماعية والإنسانية وبقاء الشركات يقضي على حقوقنا، ولو كان بيي مستفيد من الشركات أنا ضده». ولكن، لا يغفل كركي القول إن «حركة أمل تدعم مطالب المياومين المحرومين حتى آخر رمق».
ترفض دانيال تسييس التحرك، قائلة: «أنا شخصياً ما خصني بالسياسة ولا بالأحزاب، وما حدا بيحركني، لكن قولي لي لماذا عليّ أن أقف كل شهر على أبواب الشركة الخاصة لتدفع لي راتبي الذي يتأخر 10 أيام أحياناً، فقط لأن الشركة تريد أن تضغط على مؤسسة الكهرباء للحصول على أموال لديها؟». تقول: «لقد نجحت في مباراة مجلس الخدمة، وكان معدلي 14 ونصف من 20، ولم يثبتوني في الملاك حتى الآن».


الحق يُهدى

برأي الاختصاصية في علم النفس الاجتماعي ماجدة حاتم، هناك سببان رئيسيان يدفعان المواطن اللبناني إلى إحلال الزعيم مكان الدولة: غياب المؤسسات، والاعتقاد بأن الحق يُهدى. تقول: «لو كانت هناك نقابة ـ مؤسسة جدية لا يحتاج العمال إلى إيقاف صراخهم، واستبدال النقابة بالقائد ـ الفرد». بالنسبة إلى حاتم ليس لدى المسحوقين هامش أن يقولوا لا، وكلما ازداد وضعهم هشاشة يصبحون أكثر ارتباطاً بالزعيم الذي يمنحهم الحاجات الضرورية. فالمعلمون والموظفون الثابتون يصمدون مثلاً أكثر من المياومين.

  • المياومون: لو كان التحرك مغطى لكان وقعه أكبر بكثير

    المياومون: لو كان التحرك مغطى لكان وقعه أكبر بكثير (هيثم الموسوي)

0 تعليق

التعليقات